دينا حسين.. دينامو الصحافة الاقتصادية من العقارات إلى القطاع المصرفي

دينا حسين.. دينامو الصحافة الاقتصادية من العقارات إلى القطاع المصرفي
منذ أن خطت خطواتها الأولى في عالم الصحافة، لم تكن دينا حسين مجرد اسم عابر في المهنة، بل كانت طاقة متجددة، تتحرك وتبني طريقها بقلمها الجريء وتحقيقاتها المتميزة. لقّبها زملاؤها ومديروها بـ”الدينامو”، ليس فقط لأنها لا تهدأ، بل لأنها صنعت بصمة لا تُنسى في الصحافة الاقتصادية، متنقلة بسلاسة بين العقارات والقطاع المصرفي، حاملة معها رصيدًا هائلًا من التحقيقات والملفات الساخنة.
البداية.. موهبة مبكرة ونبوغ أكاديمي
بدأت دينا حسين رحلتها المهنية مبكرًا، حيث اقتحمت عالم الصحافة أثناء دراستها في كلية الآداب، جامعة حلوان، قسم الإعلام شعبة الصحافة، وكانت من المتفوقات، حيث احتلت المركز الخامس على دفعتها. لم يقتصر تميزها على التفوق الأكاديمي فحسب، بل أثبتت موهبتها منذ وقت مبكر، فحصلت على جائزة الجامعة عن تحقيق ميداني حول تلوث الغذاء والتسمم، والذي نجحت خلاله في إجراء مقابلة مع نائب وزير الزراعة رغم عدم تخرجها بعد، ما جعلها تحظى بتقدير واسع، وفاز موضوعها بجائزة الكلية للموضوعات المميزة، ليتم نشره في مجلة الجامعة.
تحقيقات جريئة صنعت اسمها
لم تكن دينا حسين من النوع الذي يكتب من وراء المكتب، بل اقتحمت أصعب الملفات وأخطرها بشجاعة. ومن أبرز تجاربها الجريئة، تحقيقها الاستقصائي حول أحد الدجالين الذين يدّعون فكّ الأسحار، حيث تظاهرت زميلتها بأنها “عانس” تحتاج إلى مساعدة، فاكتشفت عملية نصب واسعة، ووثّقت بالأدلة كيف خدع المحتال ضحاياه وأقنعهم بوجود “جن عاشق”، ثم نشر التحقيق في جريدة صوت حلوان، مما أدى إلى فضحه في محل عمله.
رحلتها في الصحافة الاقتصادية: من العقارات إلى المصارف
بعد أن خاضت تجارب مختلفة في الصحافة، وجدت شغفها في الصحافة الاقتصادية عقب تخرجها، لتبدأ مسيرتها في الصحافة العقارية. تقول في حديثها للمرصد: “عملت في الجريدة العقارية لمدة عامين، تنقلت خلالهما بين قطاعي العقارات والبنوك، ثم انتقلت إلى جريدة العالم اليوم حيث تفرّغت للتحقيقات الاقتصادية العميقة”.
وسرعان ما أثبتت جدارتها، فتولت منصب رئيس قسم العقارات في العالم اليوم عام 2014، حيث أطلقت تحقيقات نوعية درست السوق العقاري المصري، وحلّلت دور وزارة الإسكان في تشكيل مشهد عقاري جديد أكثر جذبًا للمستثمرين المحليين والأجانب. بالتوازي، أسست الملحق العقاري في مجلة الأهرام الاقتصادي عام 2013، واستمرت مسؤولة عن الملف العقاري ووزارة الإسكان لنحو عشر سنوات.
تحقيقات غيرت المشهد العقاري
من بين تحقيقاتها المؤثرة، كانت تغطيتها لقضية “أراضي القادسية”، حيث تخفّت كمشترية مهتمة بشراء الأراضي ورصدت عمليات النصب التي استهدفت المواطنين عبر شركات تقسيم الأراضي، فوثّقت الأدلة، وقدّمتها لوزارة الإسكان، مما دفع الحكومة للتحذير رسميًا من التعامل مع هذه الشركات. وبعد سنوات، تأكدت صحة تحذيراتها عندما تعرّض الكثير من المشترين لخسائر كبيرة، بينما اضطر آخرون إلى دفع فروق أسعار لتصحيح أوضاعهم القانونية.
كما لفتت الأنظار إلى معاناة سكان “هرم سيتي”، الذين واجهوا مشكلات خطيرة بسبب تشقق أسقف منازلهم وسوء التصميمات، فذهبت إلى الموقع، وصورت الوضع بنفسها، مما أجبر الشركة على تقديم صيانة دورية وتعديل التصميمات في المراحل التالية للمشروع.
مواكبة التطور الرقمي.. من الصحافة المكتوبة إلى البودكاست والإنفوجراف
لم تقتصر مسيرتها على الصحافة التقليدية، بل واكبت التطور الرقمي بحرفية، فكانت من أوائل الصحفيين الذين تبنوا الصحافة التفاعلية، وساهمت في تأسيس “بلوم جراف”، الذي قدم الاقتصاد بصورة مبسطة عبر الفيديوجراف والإنفوجراف، كما شاركت في إطلاق أول بودكاست عقاري إخباري عبر بوابة بلوم، والذي لاقى انتشارًا واسعًا.
وفي عام 2023، خاضت تحديًا جديدًا في بوابة الأهرام الإلكترونية، حيث تولّت مسؤولية القطاع المصرفي، متتبعة التحولات الاقتصادية السريعة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.
تقول: “في عام 2023 خضت تجربة جديدة في بوابة الأهرام الإلكترونية لبدء صفحة جديدة في القطاع الاقتصادي بل والأهم في الصحافة الاقتصادية وهو القطاع المصرفي، حيث توليت مسؤولية كل ما يتعلق بشؤون البنوك في ظل تصاعد وتيرة التغييرات الاقتصادية المتسارعة خلال آخر عامين على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي”.
التعلم والتطوير المستمر
إيمانًا منها بأن التعلم لا يتوقف، حصلت دينا حسين على درجة الماجستير في الإعلام تخصص الصحافة السياسية، إلى جانب عدة جوائز، من بينها المركز الأول للكتابة الاحترافية عن تقرير حول الإسكان في الموازنة من الشبكة العربية للإعلام، كما شاركت في العديد من الدورات التدريبية المتخصصة في الصحافة الاستقصائية، إدارة الموارد البشرية، صحافة الفيديو، والإنفوجراف.
ولم تكتفِ بذلك، بل التحقت بدورة سعيد سنبل التي نظمها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للإعلام حول قطاع أسواق المال والبورصة، بمشاركة نخبة من كبار الصحفيين بالمؤسسات القومية والخاصة.
الطاقة والطموحات
دينا حسين ليست مجرد صحفية، بل هي مبدعة، ورائدة في مجالها، صنعت اسمها بحرفية ومهنية عالية، وتحولت إلى واحدة من أبرز الصحفيات الاقتصاديّات في مصر. سواء في الصحافة العقارية أو المصرفية، كانت دائمًا في قلب الأحداث، تستبق التغييرات، وترسم صورة واضحة لمستقبل الاقتصاد المصري.