صحافة من أجل حقوق الإنسان.. قضية صفاء عصام الدين “الإصغاء لصوت الناس”

📢 صحافة من أجل حقوق الإنسان.. قضية صفاء عصام الدين “الإصغاء لصوت الناس”
✨ في كل قصة إنسانية ترويها صفاء عصام الدين، نبرة من الصدق لا تخطئها الأذن، وحرص أصيل على أن تكون الكلمة مساحة لإنصاف من لا صوت لهم. كانت مهنتها مسارًا قادها إليه اهتمامها بالناس وقضية العدل.
✨ بدأت هذا المسار من دراستها للإعلام ولم ينتهِ بعد، بل يزداد عمقًا مع كل قصة، وكل تجربة، وكل طفل أو طفلة تحمل ملامح معاناة قررت صفاء أن توثقها كي لا تُنسى.
✨ تخرجت صفاء عصام الدين في كلية الآداب، قسم الإعلام بجامعة عين شمس عام 2004، ثم حصلت على دبلوم المجتمع المدني وحقوق الإنسان من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 2005.
✨ بدأت حياتها المهنية مباشرة بعد التخرج في مجال حقوق الإنسان، حيث عملت باحثة من عام 2004 حتى 2008، تنقلت خلالها بين جمعية مساعدة السجناء، والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ثم مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف.
🟢 لقاء أنار طريقها:
كان اللقاء الذي جمعها بالصحفي الكبير الراحل مجدي مهنا نقطة تحول فارقة في مسيرتها. التقت به خلال مقابلة بحثية، وبعد مناقشة الأسئلة قال لها: “لازم تشتغلي في الصحافة، إنتي هتبقي صحفية شاطرة”. لم يكن هذا مجرد رأي عابر، بل شهادة من أحد أبرز رموز الصحافة المصرية، من جعل القارئ يبدأ صحيفة “المصري اليوم” من الصفحة الأخيرة، حيث كان يكتب عموده الشهير “في الممنوع”.
كلمات الأستاذ مجدي ظلت حاضرة في ذهن صفاء، ودفعها ذلك لخوض تجارب صحفية بشكل حر، لكن التحول الحقيقي جاء عام 2008 مع انطلاق جريدة الشروق. علمت حينها بوجود مجلس تحرير يضم عددًا من الأسماء اللامعة، فتواصلت مع الدكتور عمرو الشوبكي، المسؤول عن القسم الداخلي حينها، وقدمت له خطة عمل لملف المجتمع المدني وحقوق الإنسان. وبعد نقاشات، اختارها ضمن فريق التأسيس، الذي ضم مجموعة من أنبغ الصحفيين وأكثرهم موهبة. كانت تجربة استثنائية، وتقول عنها إنها لا تزال مصدر فخر لها، لما تعلمته حتى اليوم، رغم تغير الظروف السياسية والاقتصادية.
🟣 محطات فارقة:
قبل ثورة يناير، كتبت صفاء قصصًا معمقة عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وأجرت حوارات مهمة مع شخصيات بارزة، منها حوار مع الدكتور بطرس غالي، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان آنذاك، وآخر مع المستشار مقبل شاكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، أثار الجدل بسبب خلافه مع تيار الاستقلال بين القضاة، بالإضافة لحوار مع الدكتور سعد الدين إبراهيم. كما وثقت حالات عديدة لانتهاكات حقوق الإنسان.
شاركت صفاء في تغطية أحداث الثورة واعتصام يناير وما تلاهما، ثم انتقلت لتغطية الشأن الحزبي والانتخابات الرئاسية في مرحلة تميزت بالسيولة السياسية وتعدد الكيانات. حتى عام 2015، أشرفت على صفحة الانتخابات البرلمانية التي أعقبت ثورة 30 يونيو.
منذ عام 2016 وحتى اليوم، تعمل صفاء محررة للشؤون البرلمانية بجريدة الشروق، وتشغل كذلك منصب نائب رئيس القسم السياسي. في الوقت نفسه، تعمل محررة القسم السياسي بموقع “المنصة” وعملت على سلسلة تحمل طابعًا تحليليًا وإنسانيًا بعنوان “يوميات صحفية برلمانية”، تمزج بين التغطية الدقيقة والتحليل المتأني، مما يمنح القارئ فهمًا أعمق للواقع البرلماني.
كما خاضت تجربة إعداد البرامج في قناة Ten، ثم DMC ومجلة “مرايا”. وخلال رحلتها مع “المنصة”، كانت النقلة الأهم في تطوير أدواتها، لا سيما مع مساهمتها في تحرير قصص صحفية كتبها مواطنون لا يعملون في الصحافة، ما أكسبها خبرة إضافية في التحرير وتطوير الأفكار.
توسعت صفاء أيضًا في إنتاج المحتوى للسوشيال ميديا، وكتابة السكريبتات، وعملت على موضوعات متنوعة من السياسة إلى القصص الخفيفة، وكانت من أوائل من خاضوا تجربة الحوارات المصورة داخل “المنصة”، ومن أبرزها حوار مع الناشط السياسي هشام قاسم عقب خروجه من السجن، وآخر مع السياسي حمدين صباحي.
وبخلاف العمل الصحفي تعمل صفاء كباحثة في ملف حقوق الإنسان مع العديد من المراكز الحقوقية والبحثية والتي تتعاون معها من حين لآخر.
تقول صفاء لـ “المرصد” إنها لم تتأثر بموضوع واحد فقط، بل تأثرت بكل قصة حملت معاناة إنسان. قصة الطفل شنودة الذي انتُزع من الأسرة التي نشأ فيها، ثم أعيد إليها بعد معركة قانونية وإنسانية، كانت من القصص الأقرب إلى قلبها، إلى جانب قصة الطفلة رحمة، ضحية الاعتداء الجنسي، التي زارتها صفاء في المستشفى ووثقت حالتها. قصص كثيرة من هذا النوع كانت وقودًا لالتزامها الصحفي.
🟢 الدعم الأسري:
تعتبر صفاء أن أسرتها كانت شريكة النجاح، وأن الدعم الذي تلقته منها، خاصة في رعاية طفلها وقت انشغالها، كان هو العامل الحاسم في استمراريتها وقدرتها على الموازنة بين المهنة والأمومة.
وترى صفاء أن التحديات التي تواجهها لا تخصها وحدها، بل هي تحديات عامة يواجهها الصحفيون، خاصة الصحفيات، وتتعلق بالشللية داخل المجال، وصعوبة الحصول على فرص عمل جيدة أو دخل مناسب دون الانتماء لـ”شلة”. كما أن التمييز الجندري في فرص الترقية والتكليف بالمهام لا يزال قائمًا، إلى جانب فجوة الأجور رغم تساوي الكفاءة والخبرة.
تدين صفاء بتأثير كبير لعدد من الأسماء، على رأسهم الأستاذ مجدي مهنا، والأستاذ عمرو خفاجي الذي تأثرت بأسلوبه الكتابي قبل أن تعمل تحت قيادته في الشروق، وكذلك الدكتور عمرو الشوبكي، والأستاذ هاني شكر الله، والأستاذ جميل مطر. لكن تظل الراحلة دينا جميل هي صاحبة الأثر الأعمق، كمديرة وصديقة وموجهة، كانت دائمًا تدافع عن حقوق زملائها وتشجع على تطوير المهارات.
🟣 طموحات لا تتوقف:
تدرك صفاء أن الصحافة في سباق مستمر مع التكنولوجيا ومع الضغوط الاقتصادية التي تواجهها المهنة. لذلك، فإن طموحها يتمثل في مواكبة هذه التحولات واكتساب الأدوات التي تمكنها من تقديم القصص بأفضل صورة ممكنة. وتخاطب الجيل الجديد من الصحفيين قائلة: “القراءة المستمرة والكتابة هما الأساس، أما الأدوات التكنولوجية فهي وسائل مساعدة فقط. اقرأوا دائمًا”.