تحت سقف النقابة وخارج دوائر القرار.. ماذا تطلب الصحفيات من المجلس الجديد؟

  • “نساء الصحافة يرفعن الصوت: شهادات لم تُسمع كفاية”

 

 

“الصحفية بتشتغل وهي حامل من غير مراعاة، حتى لو الدكتور كاتب راحة”

 “تم التحرش بها في الجريدة.. ولما اشتكت، فصلوها”.

“قالوا لها: اتخطبتي؟ خلاص، خليكي في قسم مفيهوش شغل ميداني”.

“عندي مرض مناعي مزمن، ومش لاقية دعم طبي حقيقي من النقابة”.

ليست هذه مقتطفات من هاشتاج غاضب أو منشورات متفرقة، بل شهادات موثقة لصحفيات نقابيات، جمعتها مؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام، ضمن تقرير يعكس واقعًا معاشًا داخل المؤسسات الصحفية، تتعرض فيه الصحفيات لممارسات تمييزية ممنهجة، سواء في فرص التعيين، أو مستويات الأجور، أو فرص الترقّي، إلى جانب غياب آليات الحماية، وتهميش من يعملن في الأقاليم أو المؤسسات الصغرى.

داخل غرف التحرير تخوض الصحفيات معارك صامتة -لا من أجل امتيازات- بل من أجل الحد الأدنى من الحقوق على رأسها بيئة عمل عادلة، حماية من العنف والتحرش، تمثيل حقيقي في مواقع اتخاذ القرار، وتقدير لأدوار الرعاية التي تتطلع إليها كثيرات منهن، دون دعم مؤسسي أو نقابي كافٍ.

هذه المطالب تنطلق من تجارب مباشرة لصحفيات عشن تفاصيل المهنة، وواجهن ضغوطها اليومية وتعقيداتها الهيكلية. شهاداتهن لا تكتفي بتوصيف الواقع، بل تكشف أيضًا عن الحاجة إلى تحوّل نقابي جاد، يعيد النظر في بنية العمل الصحفي، ويطوّر آلياته، ويضمن أن تكون النقابة مظلة حقيقية لجميع أعضائها، بلا تمييز قائم على النوع، أو الجغرافيا، أو الوضع المهني.

رؤية الصحفيات المشاركات في هذا الملف تتسع كذلك لطرح أسئلة معاصرة حول أثر الذكاء الاصطناعي، والتحيز الجندري في المحتوى، ودور النقابة في مواكبة هذه التغيرات. وبين سطور هذه الشهادات، تتبلور أجندة واضحة للإصلاح، تستند إلى تجربة حقيقية، وتستحق أن تكون على طاولة مجلس النقابة الجديد.

تمييز قائم على النوع داخل المؤسسات الصحفية: مطالبات نسائية بضمان العدالة في التعيين وتولي المناصب

صحفيات نقابيات: النظرة النمطية تضعف فرصنا المهنية وتبرر الإقصاء

طالبت صحفيات عضوات بنقابة الصحفيين بوضع حد لممارسات التمييز على أساس النوع الاجتماعي داخل المؤسسات الصحفية، مؤكدات أن هذه الممارسات تحرمهن من فرص عادلة في التعيين، وتقلد المناصب، والمشاركة في العمل الميداني.

قالت نادية مبروك إن “التمييز يبدأ من مرحلة التعيين، حيث تَستبعد كثير من الصحفيات لمجرد أنهن قد يتزوجن أو ينجبن، ويُفترض مسبقًا أنهن لن يستمررن في العمل. كما أن قضايا الفصل التعسفي بحق النساء غالبًا ما ترتبط بكونهن نساء، ويحدث ذلك بصورة أكبر مع غير المُعينات”.

وروت سمر صالح واقعة مشابهة، قائلة: “زميلة كانت تعمل في الصحافة الميدانية، وبمجرد ما اتخطبت، تم نقلها لقسم مهمش بحجة أنها ستنشغل بالحياة الشخصية. وبعد الزواج، نُقلت للديسك، وقيل لها: أخرك تدسكي. هذا النوع من التعامل يُقصي النساء من مساحات التأثير”.

في السياق ذاته، أشارت إنجي طه إلى أن “التمييز لا يقتصر على التعيين، بل يمتد إلى الترقيات. ففي مؤسسات كثيرة تُقال عبارات مثل: ما بشتغلش تحت قيادة ست. هذه المواقف تُضعف من ثقة الصحفية بنفسها وتكرّس لثقافة ذكورية داخل غرف التحرير”.

من جانبها، شددت ميسون أبو الحسن على أهمية تدخل النقابة، قائلة: “نطالب بآليات واضحة وفعالة لمناهضة التمييز القائم على النوع داخل المؤسسات الصحفية، وضمان حصول الصحفيات على حقوقهن الكاملة في التدرج المهني وتولي المناصب”.

فجوة في الأجور وغياب للعدالة الاجتماعية: الصحفيات يطالبن برقابة نقابية وتحسين أوضاعهن الاقتصادية

 

دعوات لتطبيق الحد الأدنى للأجور وضمان التأمينات في المؤسسات الصحفية الخاصة

أعربت صحفيات نقابيات عن قلقهن من استمرار التفاوت في الأجور والامتيازات بين الصحفيين والصحفيات داخل المؤسسات الصحفية، مؤكدات أن الوضع المالي لعدد كبير من العاملات في الحقل الصحفي لم يعد يحتمل، خاصةً في ظل موجات التضخم الأخيرة وارتفاع تكاليف المعيشة.

قالت نادية مبروك: “في فجوة واضحة بين مرتبات الصحفيين والصحفيات.. بيتقال إن الرجالة بيصرفوا على بيوت، إنما الستات لأ.. كأن معندناش التزامات”.

ورأت بسمة فرج أن المشكلة تمس الصحفيين عمومًا، لكنها تُضر الصحفيات بشكل خاص: “الأزمة دي مش بس عند الصحفيات، بس إحنا بننضر أكتر… المرتبات لا تكفي، وبدل التدريب هزيل، وفي ظل التضخم الحالي إزاي هنعيش؟”.

أما نسرين رمسيس، فأشارت إلى أن الأجور المتدنية لا تتناسب مع طبيعة العمل الصحفي أو الأعباء الواقعة على الصحفيات، قائلة: “كنت باخد 1500 جنيه في جريدة اقتصادية شهيرة.. هل ده أجر صحفي محترف؟ الحد الأدنى للأجور بقى 7 آلاف، لكن إحنا مش بنلمسه”.

في السياق ذاته، دعت منى عبيد إلى ضرورة فرض رقابة نقابية أكثر صرامة على المؤسسات الخاصة، قائلة: “المؤسسات القومية ملزمة بتطبيق الحد الأدنى، لكن الخاصة لأ.. ده محتاج رقابة نقابية جادة”.

وشددت ميسون أبو الحسن على ضرورة شمول مطالب تحسين الأوضاع الاقتصادية بإصلاحات أوسع، قائلة: “ولا يمكن إغفال ضرورة العمل على تحسين أوضاع الصحفيات، اقتصاديًا ومهنيًا، من حيث الأجور، وساعات العمل، وتوفير تأمينات اجتماعية وصحية حقيقية، خاصةً وأن الصحفيات غالبًا ما يكنّ الحلقة الأضعف في المؤسسة”.

واعتبرت رنا القاضي أن الوضع لم يعد يحتمل، قائلة: “الأجور متدنية، ساعات العمل غير عادلة، ومفيش تأمينات اجتماعية أو صحية كافية.. اللي بيحصل إن الصحفيات بيتعرضن لاستنزاف مستمر بدون أي دعم حقيقي، وده بيأثر على جودة شغلنا وعلى استقرارنا النفسي كمان.. وهنا مطلوب تدخل نقابي جاد لإعادة التوازن في بيئة العمل”.

انتهاكات صامتة: دعوات نسائية لتفعيل آليات الحماية من التحرش والعنف داخل المؤسسات الصحفية

مطالب بمدونة سلوك، وسرية الشكاوى، وتدخل نقابي فعال لضمان بيئة عمل آمنة

طالبت عدد من الصحفيات النقابيات مجلس النقابة الجديد بوضع ملف العنف والتحرش على رأس أولوياته، مشيرات إلى غياب مدونات السلوك الواضحة، وافتقاد المؤسسات لآليات الحماية، مما يترك الصحفيات عرضة لانتهاكات متكررة دون ضمانات حقيقية أو تدخل نقابي فعال.

قالت نادية مبروك: “مفيش مدونة سلوك تتعلق بالتحرش.. في صحفيات كتير بيتعرضوا للمشكلة دي وأحيانًا اللي بيتحرش ما بيدركش إن ده تحرش من الأساس.. محتاجين دورات تدريبية، ومحتوى توعوي واضح، ومدونة سلوك تكون جزء من لائحة النقابة وتُعمم زي عقد العمل الموحد”.

 

أما رنا القاضي فأشارت إلى غياب الحماية بعد التبليغ عن الانتهاكات، موضحة: “أنا اتفصلت بعد ما قدّمت شكوى واضحة ضد تحرش.. قدمت الشكوى وتم فصلي بعدها بأيام ولما لجأت للنقابة، مكنش في رد فعل حقيقي”.

وترى بسمة فرج أن بيئة العمل الصحفي تفتقر إلى إجراءات الوقاية، قائلة: “فكرة إننا نشتغل ميداني بدون حماية فكرة مرعبة.. والتحرش مش بس في المؤسسات، ده كمان في التغطيات واللايفات”.

وشددت علياء أبو شهبة على أهمية شمول آليات الحماية لكل من يعمل داخل غرف التحرير، قائلة: “أنا شايفة إن الكود الأخلاقي لازم يشمل كل العاملين في غرف التحرير، حتى المتدربين والمتدربات.. الشكاوى لازم تكون سرية، وفي آلية حقيقية للتعامل معاها”.

ودعت ميسون أبو الحسن إلى تدخل نقابي أكثر فاعلية، قائلة: “يجب تفعيل آليات الحماية من العنف والتحرّش، سواء داخل المؤسسات الصحفية، أو أثناء التغطيات الميدانية، مع ضمان سرية الشكاوى، وتوفير آلية سهلة لها، وأيضًا توفير الدعم القانوني والنفسي”.

“النساء خارج المشهد”: مطالبات بتمثيل نقابي فعّال للصحفيات داخل مراكز القرار

دعوات لإنهاء التهميش داخل اللجان النقابية وتحقيق تمثيل نوعي عادل

انتقدت عدد من الصحفيات النقابيات ضعف تمثيل النساء داخل مجلس نقابة الصحفيين ولجانه المختلفة، مؤكدات أن الحضور النسائي غالبًا ما يُختزل في لجنة “المرأة”، دون مشاركة حقيقية في اللجان الأساسية مثل القيد أو التأديب أو هيئة المكتب.

قالت نادية مبروك: “الصحفية الوحيدة اللي بتنجح في المجلس بتبقى مسؤولة عن لجنة المرأة، ما بتكونش موجودة في لجان مهمة زي القيد أو التأديب.. لجنة القيد عمرها ما كان فيها ست”.
وأضافت في واقعة أخرى: “زميلة حكت واقعة تحرش عبر مكالمة فيديو، وعضو في المجلس قال لها: ما هو جات إيده بالغلط.. الوحيدة اللي دافعت عنها كانت عضوة مجلس.. الراجل مش فاهم هي بتشتكي من إيه أصلاً”.

من جانبها، ترى علياء أبو شهبة أن تعزيز المشاركة النسائية لا يعني فرض كوتة، بل ضمان مناخ داعم، قائلة: “أنا ضد الكوتة، لكن مع التمثيل القائم على الكفاءة.. بس ده ما يمنعش إننا نشجع الصحفيات على المشاركة الفعلية”.

وفي السياق ذاته، شددت ميسون أبو الحسن على ضرورة وجود الصحفيات داخل مراكز اتخاذ القرار، قائلة: “أطالب بوجود تمثيل نسائي فعّال في اللجان المختلفة للنقابة، وكذلك داخل هيئة المكتب؛ لضمان طرح قضايا الصحفيات من منظور نسوي”.

بينما رأت بسمة فرج أن تمثيل النساء داخل النقابة ما زال محدودًا للغاية، قائلة: “فكرة إننا مازلنا لحد دلوقتي عندنا فقر في التمثيل النسائي داخل النقابة، فقر كبير بشكل ملحوظ.. يعني نسبة التمثيل النسائي في النقابة دلوقتي لا يتعدى 20%، ده من وجهة نظري على الأقل”.

 

“مهمّشات مرتين”: صحفيات الأقاليم يواجهن ضعف التمثيل وغياب الدعم النقابي

دعوات لسياسات تشمل المؤسسات الصغرى والصحفيات خارج المركز

سلّطت عدد من الصحفيات النقابيات الضوء على التحديات التي تواجه الصحفيات في الأقاليم، سواء من حيث التمثيل النقابي، أو الحصول على حقوقهن المهنية، أو فرص التدريب والتعيين، مؤكدات أن العمل الصحفي خارج القاهرة لا يزال يعاني من إهمال مزدوج، يزداد حدة في حالة النساء.

قالت نادية مبروك: “الصحافة مهنة مركزية.. الصحفيات في الأقاليم بيتعرضوا لتهميش مضاعف: أولًا لأنهم من خارج المركز، وثانيًا لأنهم نساء محتاجين دعم وتعيين وتدريب”.

وروت سمر صالح بعض تفاصيل المعاناة اليومية، قائلة: “زمايل في الفيوم والشرقية بيتنقلوا من قرية للتانية لمسافات طويلة، ومفيش بدل انتقال.. المرتب بس، وده ظلم”.

في المقابل، أشارت بسمة فرج إلى أن الأزمة الأساسية ليست في التمييز المباشر، وإنما في غياب النقابة عن المشهد، قائلة: “أنا معرفتش تهميش ضد الصحفيات في الأقاليم، لكن النقابة ملهاش وجود حقيقي عندهم، ومفيش دعم”.

وشددت ميسون أبو الحسن على أهمية شمول السياسات النقابية للصحفيات العاملات خارج القاهرة، قائلة: “يجب على المجلس المقبل دعم الصحفيات في المؤسسات الإقليمية والصُغرى، خاصةً وأن كثير من الصحفيات خارج القاهرة يشعرن بالتهميش، ويطالبن بمزيد من الاهتمام من قِبل النقابة، وفرص تدريبهن، وتيسير سُبل الدفاع عن حقوقهن”.

الصحفية الأم: غياب الدعم وتجاهل أدوار الرعاية

دعوات لتوفير حضانات وإجازات مرنة وسياسات تراعي الأمومة داخل المؤسسات الصحفية

طرحت صحفيات نقابيات معاناة الصحفيات الأمهات العاملات، في ظل غياب السياسات الداعمة داخل المؤسسات الصحفية، سواء من حيث توفير الحضانات، أو مرونة ساعات العمل، أو الاعتراف بخصوصية الأعباء المرتبطة بالحمل والرضاعة ورعاية الأطفال.

قالت نادية مبروك: “لمدة سنتين مكنتش مش لاقية حضانة لبنتي بمواعيد تناسب شغلي.. كنت بسيبها كل جمعة عند جدتها”.

ورأت رنا القاضي أن الأمهات داخل الحقل الصحفي يتحملن أعباءً مضاعفة، قائلة: “الصحفية الأم بتحارب علشان تشتغل وتربي.. مفيش مرونة في الشغل، ولا حضانات، ولا دعم في الحمل أو الرضاعة”.

وأشارت سمر صالح إلى ممارسات تمييزية مباشرة تتعرض لها الصحفيات الحوامل، قائلة: “بعض رؤساء التحرير بيقولوا للصحفية: لو خلفتي يبقى مالكيش مكان عندنا.. الصحفية بتشتغل وهي حامل بدون مراعاة، حتى لو الدكتور كاتب راحة”.

 

وأكدت إنجي طه أن غياب دور الحضانة يدفع الصحفيات إلى الشعور بالضغط والذنب معًا، مضيفة: “الصحفية بتحس إن ابنها عبء على شغلها، ومفيش مكان يطمنها عليه.. لازم دور حضانة في المؤسسات أو النقابة”.

وشددت ميسون أبو الحسن على ضرورة تبني المجلس الجديد لهذا الملف بشكل جاد، قائلة: “أطالب المجلس بفتح ملف الصحفيات الأمهات العاملات، والعمل على توفير سياسات داعمة مثل إجازات الوضع، ورعاية الأطفال، وتكييف بيئة العمل بما يُراعي أدوار الرعاية”.

العدالة الجندرية في عصر الذكاء الاصطناعي: مطالبات بتشريعات مهنية ورقابة على المحتوى

دعوة لإنشاء مرصد نقابي لمراجعة التحيز الجندري وتفعيل أخلاقيات استخدام التكنولوجيا في الصحافة

طرحت الصحفية إيمان الوراقي ملفًا جديدًا ضمن مطالب الصحفيات النقابيات، يتعلق بتأثيرات الذكاء الاصطناعي على العمل الصحفي، وضرورة موائمة التطور التكنولوجي مع المبادئ الأخلاقية، وضمان تمثيل عادل للنساء في المحتوى الإعلامي.

وأكدت الوراقي أن المطلب الأول هو إعداد دليل مهني وأخلاقي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة “لازم نحمي خصوصية المصادر، ونمنع انتحال الهوية أو التزييف”، في إشارة إلى التحديات المتزايدة الناتجة عن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في تحرير المواد الصحفية.

وأضافت: “المطلب التاني هو إنشاء مرصد العدالة الجندرية في الصحافة، يراقب المحتوى الصحفي ويقيّم مدى التحيز في التغطية، وكمان يراجع أداء النقابة نفسها في تمثيل النساء”.

الصحة والدعم النفسي والخدمات الاجتماعية: مطالب نسائية بتوسيع مظلة الرعاية النقابية

دعوات لتعاقدات طبية جادة، وتوفير دعم نفسي، ومراكز اجتماعية تراعي احتياجات الصحفيات

طالبت عدد من الصحفيات النقابيات بضرورة تطوير الخدمات الصحية والاجتماعية والنفسية المقدمة للصحفيات، مشيرات إلى أن مظلة الرعاية الحالية غير كافية، ولا تستجب لخصوصية الضغوط التي تتعرض لها النساء في المجال الصحفي، سواء من حيث ظروف العمل، أو الأعباء الاجتماعية.

قالت نرمين طارق: “أنا محتاجة تخفيضات في عيادات المناعة، لأني عندي مرض مزمن.. 99% من المصابين بأمراض المناعة نساء.. فين التعاقدات مع الأطباء؟”، مشيرة إلى غياب الدعم الطبي المتخصص.
وأضافت: “فيه صحفيات عندهم أمراض نفسية نتيجة الضغط، ومش هيقولوا ده على فيسبوك.. لازم دعم نفسي”.

من جانبها أكدت هند خليفة أن الخدمات الحالية لا ترتقي لتطلعات الصحفيين والصحفيات، قائلة: “الخدمات لازم تكون حقيقية مش شكلية.. محتاجين مراكز شباب ونوادي وأسعار مناسبة”.

 

وشددت منى عبيد على ضرورة اتساع دور النقابة في العمل المجتمعي والدفاع التشريعي، قائلة: “المجلس لازم يتفاوض على قوانين العمل والنشر، ويطالب بإلغاء المواد السالبة للحريات، ويشتغل على إصدار قانون حرية تداول المعلومات.. لازم يكون في نادي اجتماعي تابع للنقابة، فيه حضانة وأنشطة للأطفال”.

وأشارت ميسون أبو الحسن إلى أن تحقيق هذه المطالب يتطلب إصلاحًا هيكليًا، قائلة: “كل ذلك لن يتأتّى إلا بإصدار لائحة موحدة، تنظم علاقات العمل داخل الصحف، وتضمن المحاسبة النقابية والقانونية للمخالفين والمخالفات، بالإضافة إلى التفعيل الجاد لدور لجنة المرأة، ويجب أن تتبنى نقابة الصحفيين خطابًا لا يغفل خصوصيات التمييز الذي قد تتعرض له الصحفيات سواءً بسبب النوع، أو الخلفية الاجتماعية، أو الجغرافية”.

تعكس هذه الشهادات ما هو أبعد من تجارب فردية؛ إنها تكشف عن نمط متكرر من التمييز والقصور في السياسات النقابية والمؤسسية تجاه الصحفيات في مصر. من فرص التعيين، إلى غياب التأمينات، ومرورًا بالتحرش والتهميش في مواقع اتخاذ القرار، تتداخل الأزمات لتصنع بيئة عمل غير آمنة، وغير عادلة. ورغم ذلك، فإن هذه الأصوات لا تنطلق من موقع الشكوى وحده، بل تطرح رؤى واضحة للإصلاح، يمكن أن تُبنى عليها سياسات نقابية أكثر عدالة وشمولًا. ما تكشفه هذه الشهادات لا يتوقف عند حدود الانتهاكات اليومية، بل يسلط الضوء على خلل بنيوي في منظومة العمل الصحفي والنقابي معًا. وبين السطور، يظهر بوضوح أن التغيير يبدأ من الاعتراف بهذه الأصوات ومنحها المساحة الكاملة لتشارك في صناعة القرار، لا بوصفها استثناءً، بل باعتبارها شريكًا كاملًا في المهنة. أمام مجلس النقابة الجديد مسؤولية مضاعفة: أن ينصت، ويُمثّل، ويُصلح، لا من باب المجاملة، بل من باب الواجب المهني والنقابي.

 

زر الذهاب إلى الأعلى