آية حسني.. صحفية تصنع من الحروب قصة نجاحها

آية حسني.. صحفية تصنع من الحروب قصة نجاحها
“لو قدرت أحقق حلمي في أصعب وقت، يبقى مافيش حاجة هتوقفني تاني”.
بهذه الجملة تلخّص الصحفية آية حسني رحلتها في عالم الصحافة، حيث التحديات التي تكسر كثيرين، لكنها اختارت أن تجعلها دافعًا للاستمرار.
آية حسني، خريجة كلية آداب إعلام قسم (صحافة) عام 2011، تعمل حاليًا محررة متخصصة في الشؤون العربية والدولية بجريدة الدستور، وكاتبة محتوى في مجلة سيدتي. تنقلت بين مؤسسات صحفية مصرية وعربية، تاركة أثرًا مهنيًا وإنسانيًا في كل محطة مرت بها.
البدايات.. من المظاهرات إلى الحوارات:
بدأت علاقتها بالصحافة مبكرًا عام 2010 من خلال تجارب بسيطة سعت من خلالها إلى التعلم. وبعد تخرجها في 2011، التحقت بجريدة العربي الناصري لبضعة أشهر، قبل أن تنتقل إلى موقع مصراوي، الذي كان له دورًا كبيرًا في صقل مهاراتها المهنية والإنسانية، لا سيما أثناء تغطيتها الميدانية لمظاهرات واحتجاجات يناير وموجاتها.
لاحقًا، عملت في جريدة الصباح التي أسسها الراحل وائل الإبراشي، حيث انضمت للقسم السياسي، وبدأت تغطي أخبار الأحزاب بشكل ميداني، وركّزت على فن الحوار الصحفي. كان أول حوار تنشره في العدد الافتتاحي للجريدة مع السياسي ووزير الخارجية السابق، عمرو موسى، وهي بعد لم تتجاوز الثانية والعشرين من عمرها.
واصلت بعدها إجراء حوارات مع شخصيات سياسية بارزة، ما جعلها تميل إلى التخصص في الحوار السياسي، وتنتقل لاحقًا إلى جريدة الشروق ثم اليوم السابع، مواصلة تغطية الملف السياسي والأحزاب.
في عام 2014، انتقلت إلى جريدة البوابة، حيث قررت الابتعاد قليلًا عن السياسة، وتولت رئاسة قسم المرأة. آنذاك، كان ملف “تجديد الخطاب الديني” يطفو على السطح، فركّزت عليه عبر حوارات مع نساء بارزات مثل إقبال بركة، فريدة النقاش، ابتهال يونس، سعاد صالح، وأيضًا رجال مثل يوسف زيدان والراحل بهاء طاهر.
التحولات الإنسانية وراء العمل الصحفي:
اضطرت آية لترك العمل بعد عامين بسبب ظروف خاصة، وركزت جهودها على التعاون مع صحف ومواقع عربية، منها سيدتي. وفي عام 2017، بدأت رحلتها مع ملف الشؤون العربية والدولية، الذي تعتبره حاليًا جوهر اهتمامها الصحفي.
انضمت إلى جريدة الدستور في 2019، بعد مرحلة كانت تصفها بالأصعب في حياتها، تقول في حديثها للمرصد: “أثناء مرض ابني “عمر”، الذي خاض سلسلة من العمليات الدقيقة. خلال هذه الفترة، رفضت مؤسسات كثيرة توظيفي بسبب وضعي كأم لطفل مريض، كنت منهارة نفسيًا خصوصًا أني لم أكن بعد عضوة في نقابة الصحفيين”.
لكن الدستور فتحت لها الباب في لحظة يأس، وقررت آية حينها أن تجعل من “عمر” حافزًا تتخطى به العوائق وأن تنجح من أجله. وبفضل مجهودها، انضمت أخيرًا إلى نقابة الصحفيين من خلال المؤسسة، في لحظة تعتبرها نقطة تحوّل في حياتها المهنية والشخصية.
تقول: “نجاحي مش بس حلمي.. دي رسالة لكل أم ربنا اختبرها، وعاوزة توصل لحلمها، مافيش حاجة اسمها مستحيل”.
الدعم والاحتواء:
فقدت آية والديها وهي في العاشرة من عمرها، وتولت شقيقتها الكبرى تربيتها بدعم من أخوالها الذين وقفوا بجانبها دراسيًا، وإن لم يؤمنوا دائمًا بخياراتها المهنية، خاصة في بداياتها مع التغطية الميدانية ما بعد الثورة.
لكن الدعم الأهم -كما تؤكد- تلقته من شقيقتها، ثم لاحقًا من زوجها الصحفي، الذي تراه شريكًا حقيقيًا لحلمها: “ما عندوش أي أمراض ذكورية، بيحلم حلمي معايا، وده فرق معايا جدًا”. كذلك، لعب دورًا كبيرًا في دعمها خلال مرض طفلهما، لدرجة جعلتها تعتبره سندًا لا يعوَّض.
المحطات الأهم.. والمواقف التي تصنع التحول:
تُعتبر العودة إلى العمل بعد مرض “عمر” من أهم المحطات التي شكّلت شخصيتها، خاصة تلك المرحلة التي عانت فيها من الإقصاء، وتجاوزتها بالانتماء إلى الدستور.
أما المحطة التي غيّرتها جذريًا، فهي ما بعد طوفان الأقصى، حيث شعرت أن الصحافة لم تعد فقط مهنة، بل رسالة: “من وقتها، بقيت مؤمنة إن كل كلمة بنكتبها هنُسأل عنها، يمكن مش في إيدنا نحارب، لكن في إيدنا نكتب ونوصل الحقيقة”.
التغطيات الحالية.. والصوت المختلف:
تركز آية حاليًا على تغطية ملف الشؤون العربية والدولية، خاصة قضايا الشرق الأوسط، بمنهج تحليلي غير تقليدي. لا تكتفي بالنقل الخبري، بل تعتمد على التواصل المباشر مع مصادر في كل بلد.
كتبت عن المقاطعة مع تركيا بحوارات حصرية مع شخصيات تركية، وبنت شبكة مصادر في لبنان، وسوريا، والعراق، وفلسطين، حيث تكتب عن الداخل من لسان أهله وخبرائه.
حتى في الحرب الإيرانية–الإسرائيلية، استعانت بوجهات نظر من داخل إيران، ما أضفى عمقًا ومصداقية على تغطياتها.
هذا النهج أكسبها ثقة عدد من المنصات، وأتاح لها الظهور كمحللة في برامج تحليلية. كذلك، تقدّم على صفحات الدستور برنامجًا حواريًا وتحليليًا، تستضيف فيه خبراء من مصر والمنطقة، وتقدّم من خلاله قراءاتها الخاصة بالاعتماد على الترجمات الأجنبية وتحليل السياقات.
طموح لا ينتهي:
تحلم آية حسني بامتلاك برنامجها الخاص، الذي تقدمه بضميرها ورؤيتها فقط، دون انتماءات أو أجندات.
“بحلم يكون عندي برنامجي الخاص في يوم ما، ويكون ليا ثقة عند الجمهور فأني لا اتبع سوى وجهة نظري وضميري”.
أما عن التكريمات، حصلت على ما تعتبره أعظم تكريم في حياتها: وسام الأم المثالية من نقابة الصحفيين. تقول: “ابني هو اللي يستحقه.. لأنه فعلًا غير حياتي”.