بروفايل

أيمن القاضي.. صحفي بخبرة ممتدة من القاهرة إلى بكين


في بكين، صاغ الدبلوماسية الإعلامية بحرفية نادرة، ووسط القاهرة حيث ترسخ اسمه في وكالة أنباء الشرق الأوسط، عاش الصحفي أيمن القاضي مسارا مهنيا استثنائيا جمع فيه بين الدقة والجرأة والثقافة والسياسة، فأمضى 33 عاما داخل الصحيفة التي يحمل تجاهها امتنان واضح لما صنع داخل أروقتها.

في واحدة من أهم محطات مسيرته المهنية، تولى القاضي إدارة مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط في بكين عام 2011، في توقيت بالغ الحساسية إقليميا ودوليا، فلم يكن مجرد مدير مكتب للوكالة، بل تحول إلى واجهة إعلامية عربية فاعلة في الصين.

كان مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط في الصين المكتب المصري العربي الرسمي الوحيد، وقد تعاملت السلطات الصينية مع أيمن القاضي آنذاك كممثل دبلوماسي وخلال هذه الفترة، أسهم مكتب الوكالة في دعم العلاقات المصرية–الصينية، حتى توج هذا الدور بتكريمه ومنحه لقب السفير الإعلامي لمنتدى الحزام والطريق 2024.

وُلد شغف أيمن القاضي مبكرًا داخل أسرة لعبت دورًا محوريًا في تشكيل وعيه، فالأب هو الفنان التشكيلي الراحل محمود القاضي، كان رئيسا للإدارة المركزية للمطابع بالهيئة العامة للكتاب، وعضو نقابة الفنون التشكيلية، ورسام أغلفة، وصاحب اسم بارز في الوسط الثقافي.

كبر أيمن القاضي وشب ليرى والده رسام كاريكاتير للنشرات الإخبارية الصادرة عن وكالة أنباء الشرق الأوسط والموجهة للمؤسسات الدبلوماسية الأجنبية في مصر، وكان حديثه الدائم عن الفن والصحافة هو الشرارة الأولى التي علقت الابن بعالم الإبداع، قبل أن يختار الصحافة طريقًا ونهجًا.

ومن كلية الآداب جامعة القاهرة إلى الوكالة تشكل حسه الصحفي أثناء دراسته الجامعية، حيث بدأ القاضي كتابة القصص القصيرة، مستلهما مشاهد الحياة اليومية حتى تخرج عام 1990 والتحق بوكالة أنباء الشرق الأوسط عام 1992.

وخلال سنواته الأولى في الوكالة بدأ يتشكل وعيه المهني داخل تلك المؤسسة الصحفية العريقة، حيث وُلد حبه الحقيقي للصحافة بين عمالقة المهنة – في عصرها الذهبي – متأثرا بتجارب وأسماء كبرى مثل سلامة أحمد سلامة، إبراهيم نافع، ونجيب محفوظ الذي كان يكتب في صحيفة الأهرام آنذاك.

وتدرّج أيمن القاضي مهنا تحت إشراف الكاتب الصحفي علي ماهر، الذي كان له أثر بالغ في تشكيل شخصيته الصحفية، فقد كانت تجربته الأولى في كتابة الأخبار درسًا لا يُنسى، إذ كلّفه علي ماهر بكتابة خبر ثم طباعته مباشرة دون مراجعة، قبل أن يطلب منه إعادة قراءته وتعديله بنفسه، ليغرس فيه هذا الدرس البسيط والعملي قيم الثقة والمسؤولية والجرأة.

عمل القاضي محررًا ثقافيًا، ثم مستشارًا إعلاميًا لوزير الثقافة الأسبق فاروق حسني لمدة عامين، في واحدة من أكثر الفترات ثراءً في تاريخ وزارة الثقافة المصرية، فهي تجربة منحته فهما أعمق للعلاقة بين الإعلام وصناعة القرار الثقافي، ورسّخت حضوره داخل المشهد الثقافي العربي والدولي.

انتقل القاضي داخل وكالة أنباء الشرق الأوسط من العمل الثقافي إلى مواقع متعددة شملت التحرير الدبلوماسي والعسكري، ثم عضويته في الديسك المركزي، مع تكليفه بتغطية المؤتمرات الثقافية الدولية. خلال عمله كمحرر دبلوماسي، أجرى حوارات حساسة مع شخصيات محورية، من بينها مروان البرغوثي وجبريل الرجوب، رئيس الأمن الوقائي الفلسطيني آنذاك، محافظًا دائمًا على معايير التحقق والدقة والحياد لضمان مصداقيته ومصداقية مؤسسته.

ومن أبرز طرائف رحلته المهنية، حواره مع وزير ثقافة دولة لاتفيا ومكانها شمال قارة أوروبا، حين حدد له موعدًا في العاشرة مساءً، ليكتشف أن الشمس لا تزال مشرقة في المدينة بسبب قصر الليل هناك الذي لا يتجاوز ثلاث ساعات، فيقول: فوجئت بأن الليل مدته 3 ساعات فقط والشمس تظل مشرقة طوال اليوم.

على مدار مسيرته الطويلة، رسّخ أيمن القاضي مجموعة من المبادئ التي اعتبرها جوهرية للصحفيين وهي؛ حب ما تعمل، وأخلص لمهنتك، وتحر الدقة، وتعلم دائمًا، وتمسّك بالمصداقية، فهي الطريق الحقيقي للنجاح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى