في الذكرى السابعة.. طلق بالرأس أسقط كاميرا #ميادة_أشرف (بروفايل)

7 سنوات مرت على رحيل ميادة أشرف، الصحفية الشابة التي طمحت في نقل صوت الناس والتعبير عنهم من خلال عملها، فتمنت أن تصبح صحفية شهيرة، لها جمهور واسع من القراء، وحلمت بأن تصبح عضوة في نقابة الصحفيين، لكنها لم تكن تعلم أن القدر سيباغتها بطلق في الرأس، يحول حلمها من عضوة في النقابة إلى صورة تُزين أحد جدرانها مُخلدةً ذكراها حتى الآن.

*الميلاد والنشأة*
وُلدت الصحفية ميادة أشرف رشاد، في 18 مارس 1992، بمحافظة المنوفية، تحديدًا في قرية “إسطنها”، التابعة لمركز “الباجور”، تميزت بالتفوق خلال فترة دراستها، ففي الثانوية العامة حصلت على مجموع 96 %، وكانت الأولى على إدارة “الباجور” التعليمية، الأمر الذي أهلها للالتحاق بكلية الإعلام جامعة القاهرة، الكلية التي حلمت بأن تدرس بها منذ أن كانت ذات الاثني عشر ربيعًا فقط، وبالفعل درست في قسم الصحافة، بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وحصلت منها على البكالوريوس، بتقديرعام جيد جدًا، عام 2013.
بدأت ميادة أشرف العمل الصحفي كمتدربة في جريدة “الدستور”، في عامها الدراسي الثاني، واستمرت في العمل مع “الدستور” 3 سنوات، حتى لاقت مصرعها، في 28 مارس 2014، و قبل مقتلها بحوالي شهر كانت في بداية عملها كمراسلة لموقع “مصر العربية” لكن الطلق الذي أصابها، حال دون ذلك.
*يوم الواقعة*
في يوم الجمعة، الموافق 28 مارس عام 2014، أصابت ميادة أشرف رصاصة أثناء قيامها بتغطية صحفية لجريدة “الدستور” مع زميلتها الصحفية أحلام حسنين، في منطقة “عين شمس”، وأوضح تقرير الطب الشرعي أن الطلقة استقرت خلف صوان الأذن بالضبط، وخرجت من يمين الوجه، مما أدى إلى تهتك في المخ وكسر في الجمجمة، توفيت على إثره ميادة أشرف، بعد 10 أيام فقط من احتفالها بعيد ميلادها الثاني والعشرين، مُنهية مسيرتها الصحفية، التي كانت لا تزال تخطو خطواتها الأولى فيها، بهذه التغطية، فكان آخر خبر أرسلته بعنوان “الإخوان يطلقون الرصاص على الأهالي بعين شمس”.
تلقى شقيق ضحية الصحافة، محمد أشرف، صدمة خبر مقتل شقيقته، في الخامسة من عصر يوم الجمعة، الموافق 28 مارس 2014، عبر اتصال تليفوني من أحد زملائها، لم تصدق الأسرة الخبر، وظنت أنه شخصًا يمزح معها، لكن عندما تأكدت الأسرة من الخبر، توجه والدها، إلى منطقة عزبة النخل، ليتسلم جثمان نجلته من مستشفى “هيليوبليس”، وفي الثالثة والنصف فجرًا، حُمل جثمان “ميادة” إلى مسقط رأسها، بقرية “إسطنها”، حيثما تم دفنها.

بعد مرور 7 سنوات على مقتلها، ترفض والدتها، عزة رمضان، تحميل أي طرف مسؤولية مقتل “ميادة”، حيث ترى أن “الفوضى” التي كانت سائدة في مصر آنذاك، بسبب عدم استقرار الوضع السياسي، وعدم وجود رئيس للبلاد، هي التي أودت بحياة نجلتها.

*الشاهدة الوحيدة*
كان من المُقرر أن تقوم ميادة أشرف يوم مقتلها بتغطية صحفية في جامعة الأزهر، لكنها ذهبت إلى منطقة “عين شمس” مع زميلتها الصحفية أحلام حسنين، لتغطية ما عُرف إعلاميًا حينها باسم “أحداث عين شمس”، و تُعتبر “حسنين” الشاهدة الوحيدة على واقعة مقتل “ميادة”، حيث كانت في تغطية مسيرة خرجت من “المطرية”، ووصلت حتى “مزلقان” منطقة “عين شمس”، حيثما كانت تتواجد ميادة، لتلتقيا الصحفيتان في منطقة “النعام”، ثم تقع اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين، فأطلق عناصر الأمن، الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، والرصاص الحي، وبينما كانتا الصحفيتان في الصفوف الخلفية للمسيرة، تلقت “ميادة” طلقة من الخلف، توفت على إثرها، وأكدت “أحلام” أنها لم ترَ مصدر الرصاصة، لكن توضح أنهما كانتا في آخر صفوف المسيرة، وكان الإخوان في المقدمة، وقوات الأمن كانت تسیر في الخلف.

وذكرت أحلام حسنين، خلال تقرير مصور مع شبكة “رصد” الإخبارية، أنها جلست مع ميادة في زاوية مسجد وعندما علمت بخروج الداخلية من الشارع خرجت بجثمان “ميادة”، وجلست بمسجد “الشيخ عبيد” بمنطقة “عين شمس” ما يقارب الساعتين، إلى أن وصل زملائهم الصحفيين من الجريدة، ووصلت سيارة الإسعاف، التي لم تدخل إلا في وجود قوات الأمن أمام المسجد، لتنقل “ميادة” إلى مستشفى “هيليوبليس”.

*شهداء الثورة*
في الذكرى الأولى لرحيل ميادة أشرف طالب يحيى قلاش، نقيب الصحفيين آنذاك، رئيس الوزراء حينها، إبراهيم محلب، بضم الصحفية ميادة أشرف إلى قائمة الشهداء، معتبرًا أن ذلك أقل ما تستحقه في ذكراها الأولى، وفي ذكراها الثانية، طالبت والدتها، عزة رمضان، بإدارج اسم ابنتها في قائمة شهداء الثورة والجيش والشرطة، ومنحها كافة المزايا التي يحصل عليها ذويهم، وصرف معاش استثنائي لأسرتها، مُؤكدةً أن “ميادة” قتلت أثناء أداء واجبها الصحفي من أجل نقل الحقيقة، لذا فأقل حقوقها أن تُعامل مثل غيرها من ضحايا الصحافة.
وبالفعل، انضم اسم ميادة أشرف لقائمة شهداء الثورة، وبدأت أسرتها في صرف المعاش المُخصص لها، من المجلس القومي لرعاية أسر الشهداء والمصابين، منذ بدء العام الحالي، والذي تُخصصه للتكفُل بعشرة أيتام، كصدقة على روح الصحفية الشابة.

*ظروف العمل*
كانت ميادة أشرف تعمل في القسم الميداني بجريدة “الدستور”، وحالها حال أغلب الصحفيين الميدانيين، كانت ميادة أشرف تُحاط بمخاطر كثيرة أثناء ممارسة عملها، ولم تكن المؤسسات التي تعمل بها توفر لها أي وسائل أمان وحماية، فحسبما تقول والدتها، أن المؤسسات الصحفية تتعامل مع الصحفيين، خاصةً الميدانيين بمبدأ “روحوا وهنجيب غيركم”، مما كان يدفع “ميادة” إلى إخفاء أي مخاطر تتعرض لها عن أسرتها، حتى لا تثير بداخلهم مشاعر الخوف والقلق، وكان يدفع أسرتها إلى حثها على ترك العمل بالصحافة، للحفاظ على أمنها وسلامتها، ويُذكر أنه بعد مقتلها، انتشرت دعوات ووعود بتوفير بيئة عمل أكثر أمانًا للصحفيين في مصر، وهو التحدي الذي لا يزال يواجهه الصحفيون حتى يومنا هذا.
لم تكن ميادة أشرف تحصل على مقابل مادي مُناسب خلال فترة عملها في الصحافة، فآخر مرتب حصلت عليه من جريدة “الدستور” لم يتعد 775 جنيهًا، وخلال فترة تدريبها كل ما كانت تحصل عليه، 50 أو 100 جنيه، وبالنسبة إلى فتاة مغتربة تعيش في القاهرة، بعيدًا عن مسقط رأسها، لم يكن هذ المقابل كافيًا، فكان والدها يمنحها أضعاف هذه المبالغ لتتمكن من دفع إيجار الشقة التي تستأجرها مع زميلاتها في حي الدقي، وحتي تستطيع توفير احتياجاتها الأساسية.

*شغف المهنة*
شغفت ميادة أشرف بعملها للغاية، لذلك كانت تفضل الحياة في القاهرة عن الحياة في “إسطنها”.
ويذكر أنه، في نوفمبر 2013، تم احتجاز ميادة أشرف من قِبل أنصار جماعة الإخوان المسلمين، أثناء تغطيتها لاشتباكات دارت في حرم جامعة الأزهر، إذ تم إجبارها على مسح بعض الصور ومقاطع الفيديو التي قامت بتصويرها، ثم أُطلق سراحها، ولم تتأثر ميادة أشرف بهذه الواقعة، فاستمرت في أداء عملها بنفس الكفاءة، وكأن شيئًا لم يكن.

*القضية*
وجهت النيابة اتهامات لـ 48 شخصًا من أنصار جماعة الإخوان، بالتورط في مقتل ميادة أشرف، بعدما كلف النائب العام، رئيس نيابة استئناف القاهرة حينها، المستشار عبد الهادي محروس، بمباشرة التحقيقات في الواقعة.
وبتاريخ 11 فبراير 2018، أصدرت محكمة جنايات القاهرة، المُنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطره، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمى، حكمها بالسجن المؤبد لـ17 متهمًا، والسجن المشدد 15 سنة لـ9 متهمين، والسجن المشدد 10 سنوات لـ3 متهمين، والسجن المشدد 7 سنوات لـ3 آخرين، والسجن 10 سنوات لحدث من عناصر لجان العمليات النوعية لجماعة الإخوان.

وبذات يوم إعلان الأحكام، نشرت جريدة “المصريون”، تعليق شقيق “ميادة”، إذ قال في تدوينة له عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: “حسبي الله ونعم الوكيل، والله العظيم من أول يوم وأنا عارف إن حق أختي مهو راجع بعد 1412 يوم، وفي الآخر ناس مؤبد وناس 15 وناس 7 وناس براءة، حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل، حقك يا ميادة عند ربنا أحن علينا من أي حد وأنتي قولتي آخر كلمة طبطب عليا يارب، وربنا ريحك من البلد إلي إحنا فيها دي، حسبي الله ونعم الوكيل”.

وفي 8 ديسمبر 2018، حددت محكمة النقض جلسة 21 فبراير 2019 كأولى جلسات نظر طعن المتهمين في قضية قتل الصحفية ميادة أشرف على الأحكام الصادرة من الجنايات بالمؤبد والمشدد، وفي 18 أبريل 2019، تم تخفيف السجن المؤبد إلى 7 سنوات ل 11 متهمًا.

كانت الدائرة الأولى إرهاب، بمحكمة جنايات القاهرة، والمنعقدة بمجمع محاكم طرة، قد قررت يوم الأربعاء، الموافق 17 مارس 2021، حجز الحكم على أحد المتهمين في مقتل الصحفية ميادة أشرف ويدعي”حمزة السيد محمود” الصادر ضده حكم بالمؤبد غيابيا، لجلسة 31 مارس الجاري.

*مارس الحزين*
تقول والدة “ميادة” أن ذكرى مقتل ابنتها تبدأ مع شهر مارس، وتستمر حتى نهايته، ولا تقتصر على يوم 28 مارس فقط، وتُعلل ذلك بأن شهر مارس هو شهر “عيد الأم”، الذي يحل في 21 مارس، أي قبل ذكرى مقتل “ميادة” بأسبوع، فيُوقظ بداخلها مشاعر الأمومة تجاه ابنتها الصحفية الطموحة، التي فقدتها وهي لا تزال في ربيع عمرها، كما يُذكرها ب “الحلق الذهبي”، آخر هدية أهدتها لها “ميادة”، بمناسبة عيد الأم، في آخر زيارة لها، في 19 مارس 2014، والذي عايدت به أمها أكثر من مرة عبر الهاتف مُعللةً: “حاسة أني مش هقولهالك تاني يا ماما”، كما تسترجع الأم المكلومة، في ذلك الشهر، تفاصيل المكالمة الأخيرة التي تلقتها من “ميادة” قبل مقتلها بيوم واحد، والتي قالت لها فيها: “ادعيلي يا ماما بكرة يعدي على خير”، وكأنها كانت تعرف قدرها.
وفي الذكرى الأولى لمقتل ميادة أشرف، قال شقيقها، إن يوم فراقها كان أقسى يوم في حياته، خاصة أنه أول من علم بخبر وفاتها في العائلة، التي لازمت الحزن منذ ذلك اليوم، ومن خلال منشور له على حسابه على فيس بوك -الذي يلقب نفسه عليه ب(أخو الشهيدة)- قال إنه لم يعد يشكي همومه لأحد بعد وفاتها، لأنه لم يكن يشكو إلا لها، فكيف سيعيش السنين القادمة من دونها، خاصةً وأن العلاقة بين ميادة وشقيقها الذي يصغرها بأربع سنوات، كانت علاقة خاصة جدًا، فكانا مرتبطين ببعضهما البعض إلى حد كبير، وعندما توفت الشقيقة الكبرى، كان ذلك قبل امتحانات شقيقها، طالب الثانوية العامة، بشهرين، الأمر الذي كاد يدفعه إلى عدم حضور امتحاناته، قائلًا لوالديه: “هما يعني اللي اتعلموا عملوا ايه”، متأثرًا بالمصير الذي لاقته شقيقته، خريجة كلية الإعلام.

*إلى إبنتي*
في الذكرى السادسة لوفاة ميادة أشرف، أجرت مؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام، اتصالًا هاتفيًا، مع والدتها، عزة رمضان، التي تعاني حاليًا من شرخ في القدم، لأنها لم تخرج من المنزل منذ وفاة “ميادة”، وخلال المكالمة، أكدت السيدة “عزة”، أنه رغم مرور 6 سنوات على فقدانها لابنتها، إلا أنها لا تزال تعاني من أرق شديد في النوم جراء مقتل “ميادة”، كما أنها منذ وفاتها لا تنام إلا على سريرها، وتتعامل مع غيابها بمبدأ أنها تزوجت، وتعمل في القاهرة، فلا تتمكن من زيارتها، مؤمنةً بأن “ميادة” لم تمت، وروحها لا تزال حية، حتى وإن وارى جثمانها الثرى.
وفي المكالمة، عبرت والدة “ميادة” عن اشتياقها الشديد لابنتها قائلةً: “كلها على بعضها وحشاني”، كما عبرت عن افتقادها إلى ضحكتها الجميلة المُميزة، وإلى كافة المواقف التي كانت تجمع بينهما، خلال ممارستهما لكثير من الأنشطة سويًا، مثل: مساعدتها لها في إعداد الطعام، والأحاديث التي كانتا تتجاذبا أطرافها معًا، وأكدت الأم أنه منذ وفاة “ميادة” تحيا الأسرة حياة ميتة بلا روح ولا معنى، فالأسرة لا تحضر أي مناسبات اجتماعية منذ رحيل “ميادة”، وربما يكون الحدث السعيد الوحيد الذي شهدته على مدار 6 سنوات، هو خطبة شقيق ميادة، محمد أشرف، الشهر الماضي.
وعبر المرصد المصري للصحافة والإعلام؛ وجهت السيدة “عزة” رسالة إلى ابنتها ميادة أشرف قالت فيها:
” الله يرحمك.. وحشاني.. الشغل خدك مني.. شرفتيني.. بس أنا تعبانة وغصب عني.. الحياة ملهاش طعم من غيرك.. أنتي كنتي الفرحة.. ومن ساعة ما روحتي الفرحة راحت خلاص..”.
وفي مكالمة هاتفية مع والد “ميادة”، أشرف رشاد يوسف، قال الأب بعد انتهاء العام السادس على رحيل ابنته، أنه طلب من نقيب الصحفيين، ضياء رشوان، أن يوصل رسالة إلى رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، يطلب فيها تعيين نجله وشقيق “ميادة”، محمد أشرف، في المدرسة الإعدادية التي تحمل اسم شقيقته، نظرًا لكونه حاصل على بكالوريوس تربية عام إنجليزي، بتقدير جيد جدًا، منذ 2018، ولا يجد عملًا حتى الآن.

وأضاف السيد “أشرف”، أنه ضحى من أجل مصر، حيث خدم في الجيش المصري 28 عامًا، وابنته قُتلت أثناء تأدية عملها، فكل ما يطلبه الآن أن يتم تقدير ذلك، بتوفير فرصة عمل لابنه، ليطمئن عليه قبل أن يُلحق بنجلته

*التكريمات*
منذ أن لاقت مصرعها، حظيت ميادة أشرف بأكثر من تكريم وتقدير معنوي، ومن أبرز هذه التكريمات، رسم جرافيتي لصورتها على إحدى جدران نقابة الصحفيين، بجوار الجرافيتي الخاص بالصحفي الحسيني أبو ضيف، الذي توفي في أحداث الاتحادية، كما تم رسم صورة لها في مدخل قريتها، بالإضافة إلى صورة أخرى على جدار منزلها بالقرية.
وفي 17 يونيو 2014، نظمت كلية الإعلام جامعة القاهرة، حفل تخريج دفعة الصحفية ميادة أشرف، وأطلقت على الدفعة اسم “دفعة أ.د عواطف عبدالرحمن والشهيدة ميادة أشرف” كما تم منح أسرة ميادة أشرف، درع نقابة الصحفيين، في الذكرى الأولى لوفاتها، وأعلن ذلك يحيى قلاش، نقيب الصحفيين آنذاك.
وفي أبريل 2014، قرر أحمد شيرين فوزي، محافظ المنوفية حينها، إطلاق اسم “ميادة أشرف” على مدرسة “إسطنها” الإعدادية بنات، تخليدًا لذكراها، وكرمت هذه المدرسة، والدة “ميادة”، في ذكرى مقتلها الثانية، بعد اختيارها من قبل جميع الطلبة والمدرسين بالمدرسة، الأم المثالية لعام 2016.
“بولوتيكا”
تعتبر أسرة ميادة أشرف، أن أبرز وأهم أعمال “ميادة” الصحفية، هو مشروع تخرجها، مجلة “بولوتيكا”، التي كانت تهدف إلى تثقيف الأطفال سياسيًا، من خلال تقديم محتوى يُعرِف الأطفال من سن 8 إلى 14 عامًا، بالمصطلحات والقضايا السياسية الشائعة، وحصلت هذه المجلة على المركز الأول مكررعلى مستوى مشروعات تخرج قسم الصحافة، بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وتم استضافة “ميادة”، مع زميل لها، في إحدى البرامج التلفزيونية المُذاعة على قناة “روتانا مصرية”، وتقول والدة “ميادة” أنه بعد استضافتها في هذا البرنامج ذاع صيتها كثيرًا في قريتها، وبين أقاربها.
*قالوا عنها*
قالت نرمين عشرة، رفيقة ميادة أشرف في المدينة الجامعية، واصفةً صديقتها: “كانت مرحة الروح، وبشوشة الوجه، وجميلة الطباع”، مؤكدة أنها إنسانة عشقت الحياة، وكانت تتمنى أن يمتد بها العمر لتشهد بلادها في أفضل حال، وأضافت “كنت أتمنى أشوف ضحكتها يوم تخرجها، ولكنها تخرجت من الدنيا بأسرها وأتمنى أن تكون في هذا اليوم في حالٍ أسعد منا”.
أما نهال عبد المجيد، زميلة “ميادة” في مشروع تخرجها، فتقول عنها: “كانت بتتمنى إنها تشتغل صحافة حرة بجد، بدون أي ضغوط أو إملاءات، وكانت بترفض بشدة فكرة إن حد يقيد قلمها”.
وعن ميادة أشرف، تقول سارة فوزى، إحدى أوائل دفعتها: “أنا لن تتكلم عن ميادة الإنسانة، ولكن سأتكلم عن ميادة الرمز الذي ينبغي أن نتذكره ليل نهار، لأن حادثة ميادة تدفعني للحديث عن المؤسسات الإعلامية التي تستغل طموح المتدربين ورغبتهم في الشهرة وإثبات الذات كي تحقق مآربها، فرغم علمنا بأنه لا يوجد خبر يستحق حياة صحفي، إلا أن تلك القاعدة في مصر باتت حياة الصحفي تستحق أموال المساهمين أو المتبرعين أو ملاك الجريدة الذين يدفعون لأجل الحصول على السبق والانفرادات”.
*دعم ومساندة*
نظم زملاء ميادة من الصحفيين، بعد مقتلها، العديد من الفعاليات لدعم قضيتها، والمطالبة بالقصاص، سواء من خلال وقفات على سلم نقابة الصحفيين، أو من خلال مسيرات احتجاجية، فنشر صديق لها صورتها وهي تمسك لوحة مكتوب عليها “الكاميرا لا تزال في أيدينا يا حسيني، ومكملين إن شاء الله”، وأوضح أنه التقطها لها في 5 ديسمبر 2013، في الذكرى الأولى لمقتل الحسيني أبو ضيف، في نفس المكان الذي قُتل فيه، وفي ذكراها الأولى قال إنه استخدم نفس اللوحة في وقفه صامتة على روحها بنقابة الصحفيين بعد أيام قلائل من استشهادها، لكن كتب اسم “ميادة” فوق اسم “الحسيني أبو ضيف”.
وحتى بعد انتهاء القضية، لم يتوقف هذا الدعم، فحسبما أفادت والدة “ميادة”، بأن زميلات “ميادة” لم ينقطعن عن زيارتها منذ مقتل ابنتها، كما أنه لا ينقضي يوم عيد الأم بدون زيارة منهن، خاصة من زميلاتها في الكلية، ورفيقاتها في السكن بالمدينة الجامعية، كما أنهن شاركنها فرحتها الوحيدة، منذ وفاة “ميادة”، وحضرن خطبة ابنها.
ويتجلى تخليد ذكرى ميادة أشرف بين زملائها، فيما فعلته زميلتها في جريدة “الدستور”، فاطمة عمارة، حيث أنها بعدما تزوجت وأنجبت توأم، أطلقت على ابنتها اسم “ميادة”، تيمنًا باسم صديقتها، ضحية الصحافة.

زر الذهاب إلى الأعلى