في ذكرى ميلاد الصحفي والأديب المُناضل.. غسان كنفاني

“عندما جاء نيسان أخذت الأرض تتضرج بزهر البرقوق الأحمر وكأنها بدن رجل شاسع، مثقّب بالرصاص، كان الحزن، وكان الفرح المختبئ فيه مثلما تكون الولادة ويكون الألم، هكذا مات قاسم قبل سنة وقد دُفن حيث لا يعرف أحد..”

بهذه الكلمات من روايته “برقوق نيسان”، وصف غسان كنفاني موت “قاسم” بطل روايته، ومثلما جاء موت بطل الرواية في نيسان/أبريل، كان مولِد كاتبِها في أبريل أيضًا.

ورغم اختلاف الآراء حول كون يوم ميلاد “كنفاني” يوافق الثامن أم التاسع من أبريل، إلا أن تلك الآراء المُختلفة، اتفقت جميعها على أن هذا اليوم شهد ميلاد صحفي وأديب فلسطيني، جعل من أدبه مرآةً تعكس الوطن والاحتلال، الظلم واليأس، المقاومة والتمرد، المنفى واللجوء.

نشأته
يُعتبر غسان كنفاني الوحيد بين أشقائه، الذي وُلد في مدينة عكا شمال فلسطين، في 8/9 أبريل 1936، إبان فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، انتقل “كنفاني” إلى يافا، وعقب قرار تقسيم فلسطين، أعاد والده، الذي كان يعمل محاميًا، زوجته وأبناءه إلي عكا مرةً أخرى، وعاد هو إلى يافا، فأقامت العائلة بيافا من أكتوبر عام 1947، إلى أن أُجبرت على الهجرة، في أواخر أبريل 1948، وشكلت هذه الهجرة، نقطة التحول الأبرز في حياة الصحفي المُناضل.

دراسته
في الثانية من عمره، دخل “غسان” روضة الأستاذ وديع سري، ثم انتقل إلى مدرسة “الفرير”، التي تعلم فيها الفرنسية، ومكث فيها حتى عام 1948، ليُكمل المرحلة الإعدادية من تعلميه، في مدرسة في دمشق تُعرف باسم “الكلية العلمية الوطنية”، والتي انتقل منها مباشرةً إلى مدرسة “الثانوية الأهلية”، ليلتحق عام 1954، بكلية الآداب في الجامعة السورية.

بداية الرحلة
من سوريا، انتقل غسان كنفاني إلى الكويت، التي تعرف فيها على جورج حبش، أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، والذي طلب منه الانتقال إلى لبنان 1960، ليصبح عضوًا فى حركة القوميين العرب، وفي 1967 بدأ “كنفاني” العمل مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حسبما ذكر بسام أبوشريف فى كتابه “غسان كنفاني مفكرًا ومناضلًا”.

كنفاني الصحفي
رغم ما يتمتع به التراث الأدبي لغسان كنفاني من شهرةٍ واسعة، إلا أن مقالاته، وكتاباته الصحفية لا تقل أهمية عن هذه الأعمال الأدبية، ويرجع ذلك إلى أن “كنفاني” كان يعتبر الإعلام إحدى معارك المقاومة الفلسطينية، فيقول في إحدى مقالاته:
“إن الإعلام معركة، و بالنسبة لنا، فإن معركتنا الإعلامية لا تحقق انتصارًا إذا ما جرى خوضها من خلال المبادرة الكلامية مع العدو أمام رأي عام في مجمله مُنحاز، وعلى شبكات إذاعية وتلفزيونية تقف جوهريًا ضد قضايانا، إننا في حالة حرب، وهي بالنسبة للفلسطينيين، على الأقل، مسألة حياة أو موت”.

وبذلك يبدو جليًا أن غسان كنفاني قبل أن يكون روائيًا، هو صحفي، استخدم الصحافة للدفاع عن قضيته ودعمها، منذ أن أمسك بقلمه وبدأ في الكتابة.

موهبة الكتابة
بدأت مواهب غسان كنفاني في الكتابة الصحفية تظهر لأول مرة عن طريق مجلة “الرأي”، التي أسسها مجموعة من أعضاء حركة القوميين العرب عام 1954، و بعد أن انتقل غسان إلى الكويت للعمل في المعارف عام 1955، عمل في مجلة “الفجر” الأسبوعية، التي كان يصدرها النادي الثقافي القومي، و بعض المنظمات لحركة القوميين العرب في الكويت، ولاحقًا بدأ يعمل كمحرر و ناشر لصحيفة “الرأي” الناطقة بلسان حركة القوميين العرب في الكويت، والتي ظل يعمل بها حتى عام 1960، حين غادر الكويت إلى بيروت.

“أبو العز”
زار “كنفاني” العراق إثر الثورة العراقية التي قضى فيها الجيش العراقي بقيادة عبد الكريم قاسم، على المملكة الهاشمية العراقية، في 14 يوليو عام 1958، و رأى هناك انحراف النظام والفساد المتفشي، فبدأ يكتب التعليقات السياسية بـتوقيع “أبو العز”، فانجذبت أنظار الناس إليه، خاصة مع تطور فن الكتابة الصحفية لديه في هذه المقالات تطورًا ملحوظًا، مما دفع جورج حبش، إلى دعوته إلى بيروت عام 1960، لينضم إلى أسرة تحرير مجلة “الحرية” اليسارية الفلسطينية، مُتوليًا مسؤلية القسم الثقافي بها.

مجلة “الحرية”
صدرت مجلة “الحرية” في بيروت، وهي مجلة عربية أسبوعية، اشترت امتيازها حركة القوميين العرب عام 1959، للتعبير عن وجهة نظر الحركة.

صدر العدد الأول من مجلة “الحرية، في 4 يناير عام 1960، و بقي “غسان” يعمل بها مع المجلات الأخرى، لثلاث سنوات، ازداد خلالها نجمه الصحفي سطوعًا، حتى عُرضت عليه رئاسة تحرير جريدة “المحرر” اليومية، عام 1963، والتي كانت تعبر عن وجهة نظر الناصريين والقوى المتقدمة في لبنان.

“المحرر” و”الأنوار”
كانت جريدة “المحرر” تصدر أسبوعيًا، كل اثنين، ثم أصبحت تصدر بشكل يومي، و بعد تولي “كنفاني” رئاسة تحريرها، بدأ يصدر لها ملحقًا سياسيًا، تحليليًا، تثقيفيًا، باسم “فلسطين”، و الذي صدر العدد الأول منه في 5 نوفمبر 1964، وكان يعبر هذا الملحق عن موقف حركة القوميين العرب من مجمل القضايا الفلسطينية، كما اهتم بالأدب الفلسطيني، ودعى إلى حرب وقائية ضد العدو الإسرائيلي المحتل.

وكتب غسان كنفاني مقالاته في “المحرر” تحت عنوان “بإيجاز”، وكانت مقالاته في ملحق “فلسطين” تعبر عن مدى ولعه بالقضية الفلسطينية، كما لفتت أنظار الناس إليه كمفكر فلسطيني وصحفي جاد، فغدى بمثابة مرجع لكل من يهتم بالقضية الفلسطينية، وما يتعلق بها من تواريخ، وأحداث.

واستمر ملحق “فلسطين” في الصدور حتى 6 يوليو 1976، بعدها انضم “كنفاني” إلى مجلس تحرير جريدة “الأنوار” اليومية اللبنانية، التي كانت تُعبر عن وجهة نظر الناصريين، كما تولى رئاسة تحرير ملحقها الأسبوعي، فكان يكتب لها الافتتاحية الأسبوعية الشهيرة، وتحت عنوان “أنوار على الأحداث” كان يكتب عمودًا يوميًا في الصفحة الأولى للمجلة، وكان هذا العمود يختص بالقضايا القومية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

مجلة “الهدف”
في يوليو عام 1969، تولى غسان كنفاني رئاسة تحرير مجلة “الهدف”، بعد أن استقال من “الأنوار”، ومجلة “الهدف” هي المجلة الناطقة بلسان “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – منظمة التحرير الفلسطينية”، التي بزغ فجرها عقب حل حركة القوميين العرب عام 1967، وكان “غسان” عضو المكتب السياسي لهذه الجبهة، و ناطقًا رسميًا باسمها، واشترت الجبهة امتياز مجلة “الهدف” السياسية اليومية، لتكون لسان حالها.

صدر العدد الأول من مجلة “الهدف”، في 26 يوليو 1969، وحولها “كنفاني” من مجلة يومية إلى أسبوعية، فأصحبت تصدر كل أسبوع بعشرين صفحة على قطع كبير، لكن صدرت بشكل يومي لمدة تسعة أيام، خلال أحداث سبتمبر عام 1970، المعروفة ب “أيلول الأسود”، والتي شهدت نشوب صراع في الأردن بين الجيش الأردني، وقوات منظمة التحرير الفلسطينية المُتمركزة هناك، وخلال هذه الأحداث، تحولت المجلة إلى منبر الصحافة الثورية بهدف توحيد القوى المُتحاربة الفلسطينية، وتوجيه العمل السياسي والثوري بكل أنواعه إلى العدو المحتل.

وركزغسان كنفاني في مجلة “الهدف” على قضايا عديدة من خلال مقالاته و افتتاحياته، من أهمها:
الوضع الداخلي للثورة الفلسطينية، وحدة العمل الوطني الفلسطيني، تطور العمل الثوري المسلح، تعبئة الجماهير وتجهيزها لمعركة التحرير، فضح القوى الإمبريالية العالمية والصهيونية.

السجن
كان لافتتاحيات “كنفاني” الجريئة صدًا واسعًا في المجتمع، وعلى الملوك العرب، مما أسفر عن تعرُض مجلة “الهدف” للمُحاكمة أكثر من مرة، وقد عرفته الجماهير صحفيًا تقدميًا جريئاً حتى أنه دخل السجن أكثر من مرة، بسبب جرأته.

شغفه بالصحافة
ظهرت على غسان كنفاني بوادر مرض السكري في الكويت، وكانت شقيقته قد أصيبت به هي الأخرى، وفي نفس السن المُبكرة.

ورغم مرضه، إلا أنه يقول في حوار عن ظروف العمل المرهقة في مجلة “الهدف” : “إن العمل في المجلة مرهق جدًا، هذا هو شعوري الآن و قد أتممت عدد هذا الأسبوع، إنني أشعر بالإرهاق، و أنه لأمر مروع لأي كان أن يعمل في مجلة كهذه، ففي اللحظة التي تنتهي فيها آخر جملة من العدد الآخر، تجد نفسك فجأة تجاه عشرين صفحة فارغة تملأها، و أنه لمن الصعب أن يُصدق الآخرون بأن ثلاثة أشخاص فقط يقومون بتحرير “الهدف”، و هذه الحالة قائمة منذ ثلاث سنوات”، و ظل “غسان” يرأس تحرير مجلة “الهدف”، حتى تم اغتياله.

مقالات “فارس فارس”
تعتبر مقالات “فارس فارس” من أهم كتابات غسان كنفاني الصحفية، والتي امتازت بالنقد الساخر، وكتبها “غسان” خلال آخر خمس سنوات من حياته، بتوقيع مُستعار، وبدء بكتابتها في “ملحق الأنوار” الأسبوعي، خلال عام 1968، بتوقيع “فارس فارس”، تحت عنوان “كلمة نقد”، ومنذ فبراير 1972، بدء يكتبها بنفس التوقيع والعنوان، لكن في مجلة “الصياد”، واستمر في كتابتها حتى وافته المنية.

وهذه المقالات لم تكن التحول الأول لغسان كنفاني من الكتابة الجدية إلى السخرية، حيث ظهرت عليه بوادر السخرية في يومياته التي كان ينشرها في جريدة “المحرر”، خلال 1965، تحت عنوان “بإيجاز”، وبتوقيع “أ.ف.” أي “أبو فايز”، وكان الطابع العام لهذه اليوميات، التناول الساخر لجوانب الحياة السياسية والاجتماعية مع إطلالات نادرة و خفيفة على الحياة الثقافية، لذلك تُعتبر هذه اليوميات بمثابة “بروفة” على الكتابة الساخرة مهدت لظهور “فارس فارس”، و مقالات غسان كنفاني النقدية، الأكثر تنوعًا وعمقًا و نضجًا.

أسماء مُستعارة
كان غسان كنفاني يختار توقيعات مختلفة لنفسه، بالإضافة إلى اسمه الحقيقي، لملأ صفحات مجلة “الهدف” والمجلات الأخرى بما فيها مجلة “الشؤون الفلسطينية”، و مجلة “الصياد”.
فكان يكتب بتوقيع “غ.ك.”، و “فارس فارس”، و “أبو العز”، و “أبو فايز”، و “فايز” هو اسم ابنه الذي وُلد عام 1961.

أدب المقاومة
تمتع غسان كنفاني بمكانة خاصة، كصحفي وأديب يقاوم الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي كبده خسارة حياته في نهاية المطاف.

وصاغ “كنفاني” مصطلح “أدب المقاومة” لأول مرة، في كتابه الشهير “أدب المقاومة في فلسطين المحتلة”، الذي نُشر عام 1967، مُبشرًا بأدب جديد، لم يكن له تعريف واضح، مُقدمًا تصورًا، وتقسيمًا منهجيًا للأدب الفلسطيني في الفترة ما بين عامي 1948 و1966، ويُعرف أدب المقاومة بأنه: “صرخة شجاعة تمثل حالة من حالات الصمود من الداخل فى وجه المحتل الغاشم”.

أعماله الأدبية
ترك لنا غسان كنفاني ما يزيد عن 18 عملًا أدبيًا، تُرجمت إلى 17 لغة، وانتشرت في 20 دولة، وتم إخراج بعضها فى أعمال مسرحية وبرامج إذاعية، كما تحولتا اثنتان من رواياته إلى فيلمين سينمائيين.

وتنوعت هذه الأعمال بين رواية وقصة ومسرح ومقال سياسي ودراسات، وتناول فيها الهم الفلسطيني العام، واعتمد “غسان” على القومية العربية منهجاً لتناول هذا الهم في أدبياته، حيث سلط الضوء على المنفى، والمخيمات وحياة المواطن الفلسطيني القاسية، وذلك لتعزيز فكرة المواجهة مع المُحتل، ولجذب مزيد من التأييد للقضية الفلسطينية.

ومن أشهر أعماله: رواية “عائد إلى حيفا”، والتي استوحاها من تجربته الشخصية في اللجوء والنزوح، “رجال في الشمس”، والتي جسدت المصائب المُصاحبة لرحلة البحث عن حياة أفضل، فلامست وجدان ملايين ممن أُجبروا على ترك أراضيهم، ونقل “كنفاني” قصة المرأة المنسية في خضم أحداث تلك الفترة، من خلال رواية “أم سعد”، ومن أعماله أيضًا، “أرض البرتقال الحزين”، “عن الرجال والبنادق”، “القميص المسروق”، “العاشق”، “ما تبقى لكم”، “عالم ليس لنا”، “الشيء الأخر”.

كما أسس غسان كنفاني حاضنة أدبية مع أبناء جيله من كُتَّاب القضية الفلسطينية، وكذلك كان من مؤسسي الاتحاد العام للكُتَّاب والصحفيين الفلسطينيين، وهو من وضع شعار “بالدم نكتب لفلسطين” المرفوع حتى يومنا هذا.

ويصف أغلب نقاد الأدب تراث “كنفاني” بالرغم من قِلته من حيث الكم، بأنه خزينًا ثقافياً وطنيًا يُعتد به، ومددًا مُغذيًا للذاكرة الفلسطينية.

الشِّعر
تكمُن أهمية غسان كنفاني كأديب، في كونه نقل المقاومة من الشعر -الذي عادة ما يكون الأصلح لهذه المهمة- إلى الرواية، ناسجًا من رواياته ملاحم قادرة على تصوير قضيتها بنفس الكيفية التي يصورها بها الشعر، بل وأحيانًا بشكلٍ أكثر قوة.

كما أن “كنفاني” هو أول من كتب عن شعراء المقاومة، ونشر لهم، وتحدث عن أشعارهم وأزجالهم الشعبية، لتعريف العالم العربي بشِّعر المقاومة، فأصبحت كتاباته عن شعراء الأرض المحتلة مرجعًا مقررًا في عدد من الجامعات للدراسين.

الأطفال والأدب الصهيوني
“الأطفال هم مستقبلنا”، تلك المقولة كان يُرددها غسان كنفاني كثيرًا، وتُعلل هذه المقولة الحيز الكبير الذي أخذه الأطفال في أدبيات “كنفاني”، حيث كتب الكثير من القصص التي كان أبطالها من الأطفال، كما نُشرت مجموعة من قصصه القصيرة في بيروت عام 1978 تحت عنوان “أطفال غسان كنفاني”، ونُشرت الترجمة الإنجليزية لها عام 1984، وكانت بعنوان “أطفال فلسطين”.

وتطرق “غسان” في كتاباته إلى الأدب الصهيوني، فكانت إحدى أهم إصداراته في هذا الشأن، كتاب “في الادب الصهيوني”، الذي ناقش خلاله أبرز الأعمال الأدبية الصهيونية، وتطوُر شخصية اليهودي في الأدب، كما استعرض فيه المبررات الصهيونية لاغتصاب فلسطين.

كنفاني وناجي العلي
سارغسان كنفاني على خطى رسام الكاركاتير الفلسطيني، ناجي العلي، الذي نشر له 3 أعمال في مجلة “الحرية”، عام 1961، فكما كان ناجي العلي يعبرعن معاناة الشعب الفلسطيني واللاجئين بريشته في لوحات ورسومات كاريكاتيرية، عبر غسان كنفاني عن ذات المعاناة ولكن بقلمه في روايات، ومقالات صنعت حالة أدبية فريدة، فكانت بمثابة صوت ينبه الغافلين عن القضية الفلسطينية، ويوقظهم من ثُباتهم العميق.

الفن التشكيلي
لم يُقتصر اهتمام غسان كنفاني بفن الصحافة والأدب، فقد ترك 36 عملاً زيتيًا وملونًا في الفن التشكيلي، كما أنجز الكثير من الأعمال بالفحم وبتقنيات أخرى، كقلم الرصاص والحبر، وكان ينشر هذه الأعمال بمحاذاة النص القصصي أو القصيدة فى النشرة المُلحقة لصحيفة “المحرر” في الستينيات.

وبالإضافة إلى ذلك، صمم غسان كنفاني العديد من ملصقات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ورسم اللوحات الفنية التي تعبر عن فلسطين، وبعض المواضيع الاجتماعية والسياسية.

زواجه
تزوج غسان كنفاني من الدنماركية “آني هوفر”، في 19 أكتوبر 1961، والتقى “غسان” بها لأول مرة، بعد أن اقترح عليها البعض ذلك، باعتبار غسان كنفاني مرجع للقضية الفلسطينية، التي سمعت عنها للمرة الأولى في مؤتمر طلابي بيوغوسلافيا، عام 1961، وآمنت بها، فزارت مع “كنفاني” مخيمات اللاجئين، وكانت شديدة التأثر بحماسه للقضية، ولم يمض على ذلك أيام، حتى تقدَّم غسان بالزواج من “هوفر”، وعرَّفها على عائلته، ليتزوَّجا سريعًا، ثم يُنجبا طفلين، هما فايز، وليلى.

اغتياله
في صباح يوم السبت، الموافق 8 يوليو 1972، اُغتيل غسان كنفاني عند خروجه من منزله، بعدما انفجرت سيارته التي تم تفخيخها، الأمر الذي أودى بحياته وحياة ابنة شقيقته، لميس، ذات الـ17 عامًا، وأشارت أصابع الاتهام حينها إلى الموساد الإسرائيلي، في القيام بهذه العملية.

رحل عن عالمنا، الأديب والصحفي المُناضل، عن عمر ناهز 36 عامًا، تاركًا مجموعة أعمال أدبية، حرصت دور النشر على إعادة نشرها جميعًا في طبعات عديدة، كما نشرت قصصه القصيرة ورواياته ومسرحياته ومقالاته بعد تجميعها في 4 مجلدات.

في رثائه
رثى كثير من الكُتَّاب والأدباء العرب في مقالاتهم وشعرهم غسان كنفاني، مُعترفين بفضله، ودوره في المقاومة الفلسطينية، فيقول محمود درويش، الشاعر الفلسطيني، في نثر شبه شعري بعنوان “محاولة رثاء بركان”، في رثاء غسان كنفاني:
“والموت دائمًا رفيق الجمال، جميل أنت في الموت يا غسان.. بلغ جمالك الذروة حين يئس منك و انتحر.. لقد انتحر الموت فيك.. انفجر الموت فيك لأنك تحمله منذ أكثر من عشرين سنة ولا تسمح له بالولادة”.

جوائز نالها
في 1966، حصل غسان كنفاني على جائزة أصدقاء الكتاب في لبنان، عن روايته “ما تبقى لكم”، كما نجح في نيل جائزة منظمة الصحفيين العالمية، في 1974، وفي 1975، حصد جائزة اللوتس، وبالإضافة إلى الجوائز، مُنح اسم “كنفاني” وسام القدس للثقافة والفنون عام 1990.

وبعد اغتياله، خصصت “مؤسسة فلسطين الدولية”، جائزة سنوية في الأدب تحمل اسم غسان كنفاني.

لم يُشهِر غسان كنفاني سلاحًا في وجه عدوه، لكن قلمه كان سلاحًا أقوى تأثيرًا من المسدس والبندقية، وحتى بعد أن وارى جسده الثرى، لا يزال بريق قلمه لامعًا حتى الآن من خلال تراثه الصحفي والأدبي، مُدعِّمًا القضية الفلسطينية التي عاش ومات مُدافعًا عنها.

زر الذهاب إلى الأعلى