براء أشرف..”خفيف الظل” مشمش أفندي (بروفايل)

تخين وبنضارة، بكتب عن حكاياتي الشخصية.. وهمومنا المشتركة”.. هكذا وبكل تلقائية ووضوح وصف الصحفي والمدون الراحل “براء أشرف” نفسه لقراءه عبر مدونته الخاصة، منذ سنوات.

براء أشرف، هو كاتب ومنتج ومخرج شاب، اشتهر كأحد أوائل المدونين الذين عرفتهم مصر في الألفية الأولى، تميز بخفة ظل وبساطة، اعتمد في معظم كتاباته على الأسلوب الساخر الذي كثيرًا ما عرضه للانتقادات، كانت له مواقفه الواضحة تجاه عدد من الأحداث والقضايا التي سيطرت على المشهد السياسي المصري، في أعقاب ثورة 25 يناير وما تلاها، لقبه أصدقاؤه بـ”البدين مشمش أفندي”، واليوم تمر ذكرى ميلاده الـ 35.

بداياته
ولد براء أشرف بمحافظة قنا، في 22 أغسطس عام 1985، اتجه إلى دراسة الصحافة في كلية الآداب بجامعة جنوب الوادي، ظهرت موهبته في الكتابة مبكرًا؛ فشرع في تأليف بعضًا من القصص منذ أن كان طالبًا بالجامعة.
اتجه إلى إنشاء مدونته الخاصة “وأنا مالي“، في فبراير عام 2006، والتي قدم من خلالها العديد من الكتابات الساخرة، وكان شعارها “وطني لو شغلت بالخلد عنه.. هيتسرق”، وفي العام ذاته، قرر السفر إلى الدوحة، لدراسة إخراج وإنتاج الأفلام الوثائقية.

أعماله
ألف براء أشرف، مجموعة من القصص القصيرة جمعهم في كتاب أسماه” البدين” عام 2011.
ونظرًا لبراعة أسلوبه وتميزه في كتابة المقال، فقد تعاون مع عدد الصحف والمواقع المصرية والعربية، خلال فترات متقاربة، قبل أن يضطر إلى التوقف عن الكتابة في عام 2010، لكنه انتظم فيها من جديد بعد مرور 4 سنوات ، حيث كتب 14 مقالًا في موقع المصري اليوم، 3 في هاف بوست عربي، 26 مقالًا بمصر العربية، و6 آخرين بموقع كسرة.

أسس براء جريدة “عشرينات” التي كانت تابعة لموقع “إسلام أون لاين” قبل إغلاقه، ثم عمل في مجال إنتاج الأفلام الوثائقية، حيث شارك في إنتاج وإخراج العديد منها.

كما أنشأ شركة “هاندميد” لإنتاج البرامج التليفزيونية والأفلام الوثائقية في عام 2012، وعمل خلال فترة من حياته مديرًا فنيًا لشركة “آي فيلمز”، وشركة “I Films” التي واصل من خلالها عمله على الأفلام الوثائقية، ثم أسس بعدها ستوديو Handmade الذي تعاون من خلاله مع عدد من المحطات التليفزيونية المصرية والعربية.

يذكر أن براء أنتج وأخرج الكثير من الأفلام الوثائقية، منها فيلم “مصطفى محمود ـ العلم والإيمان” عام 2010، وعُرض على قناة الجزيرة الوثائقية، وتناول فيه مسيرة حياة المفكر الكبير مصطفى محمود من خلال أعماله وما ذكرته عائلته وبعض الشخصيات العامة من بينهم جمال البنا، وعمار علي حسن.

كما أنتج فيلمًا عن الأزهري والزعيم الروحي، عمر عبد الرحمن، وآخر عن الراهب متى المسكين، الذي يُعرف بـ “الراهب والبابا”، حكى فيه قصة الراهب المصري يوسف الإسكندر، من بداية ميلاده مرورًا بتخليه عن شهادته الجامعية والتحاقه بسلك الرهبنة؛ ليصبح واحدًا من أهم 4 رهبان بالعالم، كما وصفته مجلة النيوزويك الأمريكية.
إلا أن أعزهم لقلبه، مثلما ورد في تقرير منشور عنه على موقع إضاءات، كان “مشمش أفندي”؛ حكي فيه عن شخصية كرتونية عربية وجدت في مصر بالتزامن مع فترة ظهور ميكي ماوس، حيث قرر صانعوها ترك صناعة الموبيليا والتوجه إلى الفن من خلال إنتاج فيلم بعنوان”مفيش فايدة”، متأثرين بأفلام ميكي ماوس المتحركة، لتكون شخصية مشمش أفندي أول شخصية كرتونية في مصر والشرق.

ويعد فيلم “صناعة الكذب”، من أشهر أفلامه الوثائقية لما أثاره من جدل واسع، حيث رصد من خلاله 10 طرق استخدمتها وسائل الإعلام المصرية للدفاع عن نظام مبارك أثناء ثورة 25 يناير لتضليل الشعب، اعتمد الفيلم على تحليل شهادات حية مع عدد من العاملين بقطاع التلفزيون المصري وعدد من رؤساء تحرير الصحف القومية وكان من بينهم: سهى النقاش، ومحمود سعد، كما اهتم بتوثيق ما تعرضت له عدد من القنوات الخاصة من انتهاكات خلال أحداث الثورة المصرية، ومن بينهم: قناة الحرة، والعربية.

وخلال لقاء معه، في يوليو عام 2012، تحدث براء أشرف عن صناعة الفيلم الوثائقي، والانتصار لحكايات البشر العادية على الأساطير والحكايات الخيالية والبحث عن الرسائل المخفية، معتبرًا أن الأفلام الوثائقية تحدٍّ لنقل الواقع بصورة كافية لإقناع الناس بفكرة وسردية صانعه، وكل إنسان بما يحمله من تجارب صالح لتحويله لفيلم وثائقي بقصة قوية.

وعن حبه لعمله، وصف براء أشرف الأمر، قائلًا: “أحببت عملي في كل أشكاله، منذ أن كنت متدربًا صغيرًا في مؤسسة صحفية كبرى، مرورًا بانتقالي للعمل في الإنتاج التليفزيوني، ثم مشاركتي في تأسيس شركتي الأولى، ثم رحيلي عنها وتأسيس الشركة الثانية، في كل مرة كنت أحب عملي بذات القدر، بحجم واحد، كبير جدًا، الأكبر على الإطلاق.

عرفت الناس من خلال العمل، بل وعرفت العالم كله من خلاله، جلست على المقهى كصحفي يفتش عن قصة، وسافرت كمراسل ينقل أحداثًا، وكونت شبكة كبيرة من الأصدقاء، كمصادر لمعلومات صحفية مهمة، وتزوجت زميلتي، وصادقت زملائي، وخسرت بعضهم عندما انتهت علاقة العمل المؤقتة (وكنت أظنها دائمة)، وتعاملت مع صفحتي على فيسبوك باعتبارها جريدتي اليومية الخاصة”.

حياته الشخصية
تزوج براء أشرف، من زميلته الصحفية دعاء الشامي، وأنجب منها ابنتين هما “مليكة”، و”كرمة”.
أجبرته ظروف وطبيعة عمله على عدم الوفاء بالتزاماته اتجاه أسرته الصغيرة، وتسبب الأمر في انفصاله عن زوجته، وعن ذلك قال في إحدى مقالاته، وهي بعنوان: “عن عملي الذي دمر حياتي”، جاء فيه: “خسرت زواجي بسبب عملي، والآن أقاتل (بكل ما أملك) بحيث لا أخسر بناتي لذات السبب”.

وفي موضع آخر يحكي فيه عن تقصيره مع أسرته: “طلبت من الدكتور تأخير موعد الولادة ساعتين، لأنني مرتبط بموعد هام صباح يوم ولادة مليكة، واخترت يوم ولادة كرمة، قبل موعد سفري المهم جدًا (لنضع هنا ابتسامة ساخرة) بأربعة أيام فقط، وتحججت لزوجتي بأنه تاريخ مميز: 12/12/ 2012.

ذهبت زوجتي لشراء سيارتها وحدها، كنت في اجتماع، ووقعت وحدها عقد شقة اجتهدنا في تحويش ثمنها لسنوات، كنت مسافرًا، ولم أحتضنها كما يجب ليلة سفرها الطويل إلى الخارج، كنت في التصوير، وقد أعدت حقائب السفر الكبيرة، بينما كنت أضبط نهاية فيلم في المونتاج.

بقيت في القاهرة وحدي، وفاتني مشهد صغيرتي تخطو خطوتها الأولى، واستغرق الأمر يومين، لترتيب غيابي عن القاهرة ثلاثة أيام، لمشاركة زوجتي حضور عملية جراحية ستجريها ذات الصغيرة، وقد أرسلت 6 رسائل إلكترونية طويلة، بينما كانت الطفلة مخدرة بالكامل، وطبيب سخيف يجري لها عملية خطيرة (هكذا فهمت فيما بعد إرسال الإيميلات). في كل مرة، خرجنا سوية، كان الهاتف يدق، لمحادثة طويلة حول مسألة هامة تخص العمل، لأن كل المسائل هامة بالطبع، حتى وإن كنا نناقش إعلان كوكاكولا الأخير. خطط الأسرة تتغير، حسب خطط العمل، وخطط العمل تتغير، حسب المزاج الشخصي له هو شخصياً، وأنا، أحب عملي جداً، وأخسر زواجي بذات الدرجة أيضاً. وعندما جلست أمام المأذون، لتوقيع عقد الطلاق، ظهرت في خانة الشهود، أسماء زملائي في العمل”.

مواقفه السياسية
لم يسلم الكاتب الراحل براء أشرف من الانتقادات، التي نالت من شخصه وسمعته أيضًا، بسبب مواقفه السياسية ـ الصريحة ـ من بعض الأحداث التى شهدتها مصر في أعقاب ثورة 25 يناير وأحداث 30 يونيو، كان يؤمن بالحرية إيمانًا مطلقًا، وعنها قال: “مؤمن إن من حق كل حد ياخد حريته، بس مش من حقه ياخد حريتي”.
قبل أيام من وفاته وأثناء قدومه من بيروت تم توقيفه في مطار القاهرة ، قبل أن يتم اطلاق سراحه بعد تحقيق أمني معه استمر 4 ساعات، دون أن توجه له تهمة ـ صريحة ـ فكان البعض يحسبونه ضمن صفوف الإخوان.
ومما قيل في هذا الأمر، أنه عندما فحص ضابط الأمن الوطنى هاتفه المحمول؛ استوقفته رسالة يقول فيه براء لأحد أصدقائه:” مولانا.. والنبي تدفع لي فاتورة الإنترنت عشان مش عارف ادفعها من بره”.

ارتسمت ابتسامة النصر على شفتى الضابط وقال: “مش باقولك إخوان! أكيد مولانا يبقى أمير الجماعة”. فما كان من براء إلا أن رد “جماعة مين يا فندم؟ مولانا دي زي يا برنس، يا زعيم، يا شبح.. هو لو أمير بجد أنا كنت نزلته يدفع لي فاتورة!”.

وكان براء أشرف قد قرر قبلها عدم الاستمرار على خط المعارضة، فلم تجدى الكتابة فيها بشيء، سوى افتعال المشاكل، والاتجاه إلى الكتابة عن الشباب وللشباب، حيث كتب على مدونته ذات مرة، قائلًا: “أخبركم أن السطور السابقة هي آخر سطور معارضة لي في الإنترنت العظيم. بصراحة قررت أن أكون شابًا، مجرد شاب، يكتب عن الشباب وللشباب، عن همومهم وأفكارهم بعيدًا عن السيد جمال مبارك الذي أتم عامه الأول بعد الأربعين منذ عامين وبالتالي فهو ليس شابًا ولا هو شأن شبابي؛ لأني وجدت الكتابة بعيدًا عن السياسة أمتع كثيرًا، ولو قررت أن أكتب مرة أخرى عنها فسأكتب بعيدًا عن مبارك وآله ومن سار في ركبه؛ لأن السياسة ليست مبارك وولده، ولأن الحياة فيها من الأشياء الجميلة ما لم ولن يستطع مبارك أن يقتلها فينا”.

يذكر أن براء أشرف، كانت له مواقفه أيضًا تجاه جماعة الاخوان المسلمين، حيث كتب في مقاله، متسائلًا: وهل سقط -أصلًا- حكم المرشد” حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر وفلسفة الجماعة، حيث وصفهم بالدولة داخل الدولة لطبيعة نظامهم الاجتماعي الخاص ونظامهم الاقتصادي وما يؤمنون به من قوانين.

وفي موضع آخر أشار بقوله:” الإخوان بنسختها الإسلامية انتشرت ونجحت بشكل ملحوظ، الدين أفيون الشعوب، لكنه ليس نوع المخدرات الوحيد المفضل للشعب المصري”.

ووصف حكم المرشد بـ” الاستحواذ، والاعتقاد المطلق في الأفضلية، الشعور بأن السلطة حق دائم، ومكسب نهائي، نهاية سعيدة لقصة طويلة، عدالة السماء. السلطة خلاص، خلاص له ولأتباعه وأعوانه وأعضاء جماعته التي فشلت الأنظمة في التخلص منها طوال عقود”.

وفي مقالٍ آخر بعنوان “لماذا يرقص المصريون”، تساءل براء عن ظاهرة رقص المصريين في الأحداث السياسية المختلفة من حيث الانتخابات الرئاسية والاحتفال بسقوط حكم مرسي، فكتب قائلا:” هل الرقص تعبير عن شيء ما؟، سمعت سابقًا أنه تعبير عن الحرية، وسمعت وجهة نظر أخرى تقول أن الرقص تعبير عن القمع والنضال ضده بالجسد الحر المتحرك المنطلق. أيًا كان هذا الشيء الذي يعبر عنه الرقص، فمع ملاحظة هذه الكمية الكبيرة (على ما يبدو) من الرقص، فنحن أمام تعبير عن شيء كبير، ضخم، غزير. ما هذا الذي نعبر عنه هذه الأيام بكل هذه الكثافة؟”.

اعتبر البراء، مقاله عن الرقص مجموعة أسئلة حول هذا الفعل، هل يعتبر فنًا؟، هل يكون له دلالات سياسية واجتماعية؟، لم يقدم الأجوبة، لكنه الطرح الكثير فيما يخص المسألة، وتعجب من تحقيق أفلام الراقصات في مصر إيرادات عالية في حين تعتبر “ابن الرقاصة” شتيمة عنيفة يتم استخدامها في الشوارع، كما كتب البراء.
وعن كذب الإعلام المصري، كتب في مقاله المنشور في 23 يوليو عام 2012، يقول“: عزيزي القارئ، إن أرادت السلطة لنفسها أن تكون الراوي الوحيد فقد حان دورك الآن؛ كي تكون أنت الحكم الوحيد”.

أمنياته الأخيرة
في تسجيل صوتي لإحدى مقالاته، بعنوان: “عما أريده من العالم قبل بلوغي الثلاثين”، على موقع الساوند كلاود، حرصت الصحفية دعاء الشامي، زوجة الكاتب براء أشرف وأم ابنتيه على أن تسجل هي بصوتها ما كتبه في عيد ميلاده ـ الأخيرـ الـ 29، كشف فيه عن أمنياته التي يريد تحقيقها في عامه الجديد، لكن يبدو أن قلبه كان يشعر بدنو الأجل، فتحدث عن الرحيل، في فقراته الاخيرة، قائلًا: “أريد، لو أنني أرحل عن العالم قبل الذين أحبهم. كنت محظوظًا بحيث لم أجرب فقد الأحبة كثيرًا. أخاف هذه اللحظات. أخافها أكثر من خوفي من رحيلي الشخصي. وأرجو، لو كان رحيلي سهلًا، سلسًا. بسرعة دون ألم يخصني أو يخص الذين سيملكون وقتًا وقلبًا للتألم على رحيلي. وأريد أن يسامحني بعض الأشخاص، ويحبني بعضهم، ويكرهني بعضهم، على أن تكون الأفعال السابقة حقيقية جدًا، لا زيف فيها ولا ادعاء”.

وفاته
خلال فترة مرضه، كتب براء أشرف فى تدوينة عبر حسابه الشخصي على موقع “تويتر”، يصف فيها بشكل ساخر ما يعانيه، قائلًا:” رُحت أعمل رسم قلب الدكتورة قالتلي أقلع الجزمة، قعدت شوية أفهمها إن قلبي مش في جزمتي لكنها انتصرت في النهاية وقلعت”.
رحل الكاتب والمدون الشاب، يوم السادس من سبتمبر عام 2015، عن عمر يناهز الـ 30، إثر جلطة قلبية مفاجئة بعد إجرائه عملية جراحية في الرئة.

وكان موقع “الحرية والعدالة” التابع لجماعة الاخوان المسلمين، قد نعى رحيل براء أشرف بطريقة استنكرها البعض، حيث كتب خبرًا مضمونه: “وفاء براء بعد توبته عن تأييد الانقلاب”، وذكر الموقع أن براء حفيد القيادي الإخواني جابر رزق، قبل أن يضطر إلى حذفه.

كتب براء في عام 2008ـ قبل رحيله بسبعة أعوام ـ تدوينة بعنوان “أشعر بالموت“: “إن كنت سأموت صغيرًا كما توقع لي أبي ذات مرة مازحًا، وكما قالها لي أحد أصدقائي في ساعة لوم طويلة “يا أخي أنت هتموت صغير فعلًا بس ده مش معناه أنك تبقى مستعجل قوي كدة”.

وربما كان هذا هو السبب وراء ترقبه الموت وتوقعه في أى لحظة، ومحاولة استئناسه، يظهر ذلك في كلماته: “أخبركم أولًا كيف أشعر بالموت وكيف أتعامل معه، هو الموت يرقد بجواري الآن، نائم على سرير رائحته نتنة، “متكلفت” ببطانية لم يغسلها أحد أبدًا، مبديًا استياءه البالغ من البرد و”السقعة” ومن عدم وجود سكر في المطبخ يكفي لعمل “كوباية” شاي تجلب له ولي بعض الدفء، حيث أننا سـ “نخمس” سويًا في تلك الكوباية”.

وفي مقالٍ لها تحكي دعاء الشامي، زوجة براء أشرف وأم ابنتيه، كيف أخبرت ابنته الكبرى، مليكة، بخبر وفاة أبيها وكيف تصرفت الطفلة،” في مدرستها حكت مليكة لزملائها في الفصل عن رحيل أبيها شابًا، احتضنت صورته وهو يحمل كاميرا واسترسلت في إخبارهم عن عمله كصانع للأفلام وكاتب للمقالات، وأخبرتهم أنهم سيكبرون يومًا ما ويشاهدون أعمال أبيها الجميلة، خاصة تلك التي كتبها عنه”.

قالوا عنه
فراق الأحبة صعب، وما أشقاه على الأصدقاء، ففي مقاله بعنوان:” براء الذي مات مستورًا”، كتب الصحفي محمد رضوان، في رثاء صديقه براء أشرف، يصفه فيه، قائلًا: “إذا أردت أن تعرف براء أشرف، فهو رجل عاش كما أراد، ومات كما أراد، عيل ابن 14 سنة يشتغل في مطبعة، أحبار، وأوراق، وحروف، وبراء … يتشكل.

براء يجري، مثل النجمة أم ذيل، هكذا نسميها في حوارينا، عرفت اسمها العلمي ونسيته، تضوي، تسلبك لبك، تهم أن تلتهمها بعينيك، فلا تجدها، ولا تنساها. أعرفه، لم يكن صديقي، هل كان صديق أحد؟ براء لم يكن يرانا، ولا رأى نفسه، كان يطير، ينظر من عل، يلدعنا، تتساقط أفكاره مثل زخات المطر، البعض يحتمي بالشمسيات، آخرون يرقصون طربًا، أما “البرآء”، فيفردون كفوفهم، لما تيسر من حبات النشوة المباركة. نعم أعرفه، اشتغلنا في مكان واحد، إسلام أون لاين، كتبت لأول مرة في حياتي في مكان كان أحد أعمدته، “عشرينات”، حدثني يوما أحد الأصدقاء وقال براء يريد شخصا مجنونا مثلك، ليعمل معه، قلت: براء، لا طبعا، لماذا؟ لا أعرف. براء، ذلك الطفل، كان مخيفا، كأن ملك الموت قد أخبره بقصر الأجل، إعجابا، وطمعا في المزيد قبل الرحيل، كان كالسهم، لا يعرف ما الوراء؟.

مات في عيد ميلاده الثلاثين، وقد أدرك ما لم يدركه أبناء الثمانين، زوجًا، وأبا، ومدونًا، وكاتبًا، ومنتجًا، ومخرجا لمئات الوثائقيات، وصاحب مشروعات قائمة، رابحة، وخاسرة، ومؤجلة، ومجنونة، غامر بكل شيء لكي يكون “براء”، كل شيء سوى ابتسامته الفاكهة، لا مقطوعة ولا ممنوعة.

أما الكاتب حسام السكري، فكتب في مقاله المنشور بصحيفة الشروق، عن براء قائلًا: “عرفته بعد أن انتقلت من بي بي سي إلى مسؤولية مواقع ياهوو فى المنطقة. تعاقدت معه لإنتاج مقاطع الفيديو، كأحد مؤسسى شركة آى فيلمز لإنتاج الفيديو، وبعدها كمؤسس لاستديو هاندميد للأفلام والفيديو.

خرجت من شركته عشرات الوثائقيات والأفلام ومنتجات الفيديو، والمواهب المدربة. وارتبط نجاحه بقدرته وزملائه على توليد الأفكار المبدعة وتنفيذها. ومنذ عودتي لمصر ارتبطنا بصداقة وثيقة أتاحت لي أن أكون على مقربة منه حتى اللحظات الأخيرة. تابعت انكساراته التى كان يستقبلها بابتسامة وتعليق ساخر ونفثة من سيجارته.

ورأيت عن قرب كيف يعامل شيوخ مصر شبابها. وكيف احتفوا به، واستخدموا أفكاره، وطلبوا الأفلام والتقارير من شركته، ثم تنصلوا من الدفع، وتركوه غارقًا فى الديون ومسؤولًا عن عشرات الموظفين الذين استقدمهم لإنجاز ما طلبوه من أعمال. فعلها معه أصحاب الأسماء اللامعة، وشبكات تليفزيونية يملكها أغنياء، وشركات لا خلق لمن يديرونها، فقرر الرحيل عن مصر”.

أما الصحفية حنان كمال ـ التى توفيت بعد معاناة مع مرض السرطان في 3 مايو عام 2019 ـ فكتبت هي الأخرى في مقال منشور لها عن زوجته دعاء الشامي، قائلة: “براء يشبه طفلًا يقف على حافة العالم بهامته الضخمة هازًا كتفيه أمام هذه الحياة العادية، قائلاً: وأنا مالي؟. كان يبحث عن حياة استثنائية تليق بموهبته وطموحه وعمره القصير الذي أدركنا مؤخرًا أنه كان يستشعره بيقين”.

زر الذهاب إلى الأعلى