“التشهير بالأفراد آليــة بعض الصحف لتحقيـق الانتشــار تعليق على الأخبار المنشورة عن “حمو بيكا (تعليق)
في غضون الأيام القليلة الماضية ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالحديث عن مغني المهرجانات “حمو بيكا“، بين مؤيد ومعارض؛ يرى البعض أن المحتوى الذي يقدمه مليء بالإسفاف والابتذال ويدمر المجتمع ويفسد الذوق العام، ويرى البعض الآخر أن ما يقدمه من محتوى ليس إلا انعكاسًا وتعبيرًا عن فئة معينة موجودة داخل المجتمع لها ثقافتها الخاصة. يحترمه البعض ويرونه مكافحًا ولا تعيبه مهنته السابقة، ويهزأ منه ومن مهنته البعض الآخر. ولا يعيب في ذلك، فحرية اعتناق الآراء والتعبير عنها حق أساسيّ من حقوق الإنسان.
“لا يمكننا أن نقول أي شيء، ﻷي كان، في أي مكان، في أي وقت وبأي طريقة، ﻷن ذلك يترتب عليه انعكاسات” مؤسسة صحيفة لوموند الفرنسية.
ويهدف هذا “التعليق” إلى توجيه النظر إلى المهنية الغائبة في تناول الأخبار في الصحف المصرية، وانجرارها وراء “ما يطلبه المشاهدون” على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقديم محتوى إعلاني أكثر من كونه محتوى مهني يحترم حقوق الإنسان ويلتزم بميثاق الشرف الصحفي المصري.
لقد طالعتنا العديد من المواقع الإلكترونية للصحف بمانشيتات* صادمة تسخر من “حمو بيكا” وتشهر به وتسخر من مهنته السابقة؛ كان من أبرزها خبر الموقع الإلكتروني لليوم السابع الذي جاء تحت عنوان “أيام الكحرتة: شاهد صور حمو بيكا قبل الشهرة“، ولا شك أن هذا المحتوى يتضمن تشهيرًا بمواطن وانتهاكًا لخصوصيته ونشر صوره بدون إذنه والدعوة إلى التمييز ضده. وفي السياق نفسه، نشرت جريدة الوطن عبر صفحتها على الفيسبوك صورًا لـ “حمو بيكا” وهو يعمل في الجزارة وعلى عربة الكسح تحت عنوان “من فات قديمة تاه“، ويتضمن هذا المحتوى أيضًا انتهاكًا لخصوصية مواطن وانتهاكًا لحرمة حياته الشخصية، والتقليل من مهن يمتهنها عدد من الأفراد في المجتمع.
وفي سياق متصل نشر موقع الوطن الإلكتروني خبرًا تحت عنوان “حلمي بكر عن “بيكا” و “شطة“: الناس دي مكانها السجن” في محتوى يحض على الكراهية ويحرض على العنف، ويدعو إلى التمييز. وبالمثل نشر موقع صوت الأمة صورًا “لحمو بيكا” مع “السبكي” تحت عنوان “قفا حمو بيكا في انتظار كف السبكي“، مما يمثل استهزاءً واضحًا وتشهيرًا وانتهاكًا لحق من حقوق الإنسان.
وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع المحتوى الذي يقدمه “حمو بيكا“، فثمة مواثيق شرف مهنية وأخلاقية يجب أن يراعيها العاملون بالمهنة في نقلهم للأخبار.
إن المواقع سالفة الذكر قد مارست التنمر* على أشخاص بعينهم، بما أُخل بمهنيتها التي يجب أن تلتزم بها، وقدمت محتوى يحرض على الكراهية والعنف أحيانًا، وينتهك حقوق الإنسان وحرمة الحياة الخاصة أحيانًا أخرى. وقدمت هذه المواقع محتوى يخالف ميثاق الشرف الصحفي المصري في البند الرابع من مبادئه العامة الذي يشير إلى أن واجب الصحفيين المحافظة على أصول الحوار وآدابه، ويؤكد على حق عامة المواطنين في حرية حياتهم الخاصة وكرامتهم الإنسانية.
كذلك خالفت الأخبار –سالفة الذكر– البند الأول من ميثاق الشرف الصحفي باب الالتزامات والحقوق والذي ينص على أن “يلتزم الصحفي فيما ينشره بمقتضيات الشرف والأمانة والصدق، بما يحفظ للمجتمع مُثله وقيمه، وبما لا ينتهك حقًا من حقوق المواطنين، أو يمس إحدى حرياته“. وخالفت أيضًا البند الثاني من نفس الميثاق والذي يشير إلى ضرورة التزام الصحفي بعد الانحياز في كتاباته إلى الدعوات العنصرية أو المتعصبة أو الدعوة إلى التمييز أو الاحتقار لأي من طوائف المجتمع1.
وبناءً على ذلك فإن “المرصد المصري للصحافة والإعلام“:
يستنكر الأخبار التي نشرتها مواقع “الوطن، اليوم السابع، صوت الأمة” والتي مثلت نوعًا من التنمر، وعدم التزام بالمهنية والحيادية، ومثلت انتهاكًا صارخًا لحق من حقوق الإنسان، وخالفت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وميثاق الشرف الصحفي المصري.
ويدعو الصحف والمواقع المختلفة إلى عدم الانسياق الأعمى وراء “التريندات” في مواقع التواصل الاجتماعي، فيكون محتواها “هو ما يطلبه المشاهدون” من أجل تحقيق الانتشار الواسع. ويؤكد أن الانتشار الواسع لموقع أو جريدة سوف يتحقق بعد تقديم محتوى مهني متميز يحترم الأفراد ولا يشهر بهم أو يسخر منهم.
وأخيرًا، يؤكد “المرصد“، أنه إذا كانت المهمة الأساسية لمهنة الصحافة هي نقل نبض المجتمع وتغطية الأحداث التي تشغل الرأي العام، فإن هذه التغطية يجب أن تُقدم تحت لواء المهنية واحترام حقوق الإنسان وعدم التشهير بالأفراد أو النيل من حرياتهم الخاصة.
تم اختيار هذه الأخبار طبقًا لمنهجية الأخبار الأوسع انتشارًا؛ حيث تم رصد الأخبار الحاصلة على أعلى نسبة مشاهدات وتحليل محتواها.
التنمر هو أحد أشكال العنف الذي يمارسه شخص أو مجموعة من الأشخاص ضد شخص أخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة. وقد يأخذ التنمر أشكالًا متعددة كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة المُتنمَّر عليه بدنيًا أو لفظيًا، أو العزل بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ.
للإطلاع على الملف بصيغة بي دي اف اضغط هنا
* تم اختيار هذه الأخبار طبقًا لمنهجية الأخبار الأوسع انتشارًا؛ حيث تم رصد الأخبار الحاصلة على أعلى نسبة مشاهدات وتحليل محتواها.
* التنمر هو أحد أشكال العنف الذي يمارسه شخص أو مجموعة من الأشخاص ضد شخص أخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة. وقد يأخذ التنمر أشكالًا متعددة كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة المُتنمَّر عليه بدنيًا أو لفظيًا، أو العزل بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ.
1 انظر ميثاق الشرف الصحفي المصري http://ncmf.info/?p=151