عبد القادر حمزة.. باشا الصحافة المصرية

بطل قصتنا اليوم هو باشا الصحافة المصرية عبد القادر حمزة، أول صحفى مصرى يطلق اسمه على أحد شوارع القاهرة فى منطقة جاردن سيتى.

ولد حمزة فى مدينة شبراخيت التابعة لمحافظة البحيرة، عام 1880، ودرس الحقوق، ولكنه لم يجد في مهنة المحاماة ما يشبع رغبته في التعبير عن آرائه ومواقفه، فهجرها واحترف الصحافة التي كانت في تلك الأثناء منبرا للوطنيين والمناضلين وأصحاب الرأي، وقد عرضته معاركه السياسية للوقوف مرات أمام جهات التحقيق في قضايا نشر.

كانت بداية عبد القادر حمزة فى بلاط صاحبة الجلالة، عبر أمين الرافعي الصحفي في جريدة اللواء لسان حال الحزب الوطني، الذى تعرف عليه عقب تخرجه فى مدرسة الحقوق، ورشحه للكتابة في بعض الصحف ومنها صحيفة “الجريدة” وهناك توطدت علاقته بالأستاذ أحمد لطفي السيد رئيس التحرير، وبعد هجره للمحاماه واحترافه الصحافة رشحه الأخير عام 1910 لرئاسة تحرير جريدة “الأهالي” التي كانت تصدر في الإسكندرية.
عندما تولى حمزة رئاسة تحرير الأهالي تحولت الجريدة إلى منبر للحركة الوطنية، وخاضت الصحيفة عام 1920 حملة ضد مشروع ملنر وبنوده، حتى تحولت إلى منشور ثوري يوزعه الطلبة في الجامعات نظرا لقلة عدد باعة الصحف.

حمزة والوفد.. لا محبة إلا بعد عداوة
عندما قامت ثورة 1919 هاجمت جريدة “الأهالي” سعد زغلول و حزب الوفد فأشعل المتظاهرون النيران في مقرها، ولكن عندما عاد سعد زغلول من الخارج، لم يجد من الصحف المناصرة للوفد ولقضية الاستقلال أقوى من “الأهالي” فدعا صاحبها عبد القادر حمزة إلى الاجتماع متناسيا هجومه عليه، وخرج حمزة بعدها ليقول: “لقد وجدت أنني متفق مع سعد زغلول”، ليصبح هذا التصريح إيذانا بأن تتحول “الأهالي” إلى جريدة وفدية، وجرى نقل مقر الجريدة إلى القاهرة. وصدر العدد الأول منها بالقاهرة فى 13 سبتمبر 1921، وهو أول من نشر مقولة سعد زغلول على ترويسة الصحف «الحق فوق القوة.. والأمة فوق الحكومة» لكن وبسبب ما كانت تنشره دعمًا للثورة، صدر قرار بتعطيلها فى نوفمبر 1921.
بعد توقف “الأهالي” اتجه عبد القادر حمزة إلى الكتابة في جريدة “المحروسة”، وبسبب هجومه على الاحتلال والحكومة الموالية له فى مقالات، أصدرت الحكومة قرارًا بتعطيل المحروسة، فقام حمزة بكتابة المقالات وطبعها في منشورات حرة لا تخضع للرقابة يوزعها الطلبة في الجامعات والمقاهي.
حصل حمزة على تصريح لإصدار جريدة “البلاغ” وصدر عددها الأول في 28 يناير من سنة 1923، وظلت البلاغ هي جريدة الوفد الأولى، حيث خاضت معاركه ونطقت بلسان حاله الذي كان لسان حال الأمة في تلك الفترة.

معاركه السياسية
رغم تأييد “البلاغ” للوفد، إلا أن ذلك لم يمنع من استقلالها وتحررها ماليا وإداريا من نفوذ الحزب، ما جعل من السهل على رئيس تحريرها عبد القادر حمزة أن يغير سياسة الجريدة بمجرد اختلافه في الرأي مع الوفديين وهو ما حدث عام 1934 عندما اصطدمت مواقفه بمواقف زعيم الوفد مصطفى باشا النحاس، فصارت “البلاغ” صحيفة غير الوفديين، وظلت كذلك حتى عدل سياستها محمد عبد القادر حمزة عقب وفاة والده.
هاجمت جريدة البلاغ بقيادة عبد القادر حمزة، حكومة أحمد زيور باشا، بسبب تعطيل الحياة النيابية بعد فوز سعد باشا زغلول برئاسة مجلس النواب، وطالب حمزة في مقاله “العصا”، الحكومة بالاستقالة إنفاذا لقرار البرلمان بسحب الثقة منها.

كما هاجم حكومة إسماعيل باشا صدقي، لقيامها بابطال دستور 1923 وإعلان دستور 1930، وحل البرلمان بمجلسيه، وتعديل قوانين الصحافة والمطبوعات، وتشديد العقوبات في جرائم النشر لتصل في بعض الجرائم إلى السجن 5 سنوات.

خلاف حمزة ودياب
وبجانب معاركه السياسية، خاض عبد القادر حمزة، معركة شخصية مع زميله توفيق دياب صاحب ورئيس تحرير جريدة “الجهاد”،وصلت ذروتها في التراشق بالألفاظ والاتهامات إلى حد رمي كل منهما الآخر بمطاعن تمس السمعة الشخصية. ويرجع الفضل فى الصلح بينهما إلى الصحفي كامل الشناوي، الذى كان يمتاز بملكة تقليد الأصوات، فاتصل بدياب على أنه حمزة وبدأ المكالمة مهادنا معتذرا، ثم اتصل بحمزة على أنه دياب وبادر بتصفية الخلاف ثم اتفقا على لقاء، ولم يكتشف أحد حيلة الشناوي إلا خلال اللقاء الذي انتهى بعودة الود والوئام بين الطرفين.

على هامش التاريخ
عُين عبد القادر حمزة في المجلس المؤقت لنقابة الصحفيين إثر صدور قانونها عام 1941، وكان من أشد المدافعيين عن حقوق المحرريين، وبعد وفاته فى هذا العام وقعت نقابة الصحفيين فى بداية عهدها في مأزق صعب، عقب انتخاب أعضاء المجلس كان الجميع في حيرة من أمرهم فليس هناك مقر معروف للنقابة تجتمع فيه مع أعضاءها، وهو ما دفع محمد عبد القادر حمزة بعد انتخاب محمود أبو الفتح نقيبًا للصحفيين إلى إعادة فتح غرفة مكتب والده في جريدة البلاغ بعد رحيله وتسليم مفاتيحها إلى مجلس نقابة الصحفيين حتى يتسنى لهم عقد اجتماعاتهم فيها، وعقد الاجتماع الأول في 6 ديسمبر عام 1941، وفيه شكلت هيئة مكتب النقابة والتى ضمت كلا من محمود أبو الفتح نقيبا للصحفيين، وابراهيم عبد القادر المازني وكيلا عن المحررين ومحمد عبد القادر حمزة وكيلا عن أصحاب الصحف وحافظ محمود سكرتيرا عاما ومحمد خالد أمينا للصندوق، وفكرى أباظة نائبا عن المجلس في لجنة القيد بجدول نقابة الصحفيين.

ولم يكن عبد القادر حمزة، صحفيًا فقط، بل كان مثقفًا رائعًا، حتى إنه أصدر واحدًا من أهم كتب التاريخ الفرعونى، فعلى هامش رحلته الصحفية أخرج حمزة قبل وفاته في 6 يونيو عام 1941، مجلد ضخما تناول فيه بالدراسة تاريخ مصر الفرعونية بعنوان «على هامش التاريخ المصري».

وقال عنه الكاتب الصحفي الراحل عباس الطرابيلي، فى أحد مقالاته: “كان عبدالقادر حمزة، نموذجًا للصحفى المثقف الذى نعتبره فى مقدمة جيل الرواد الكبار ،وقد كانت حياة هذا الصحفى الكبير صراعًا بينه وبين السلطة التى لم تكن وطنية.. ويعجز المؤرخون عن حصر عدد الصحف التى أصدرها عبد القادر حمزة باشا”.

المصادر فى الروابط التالية:

https://2u.pw/4rkNY

https://2u.pw/Exl47

https://2u.pw/pUYHt

https://2u.pw/r8w57

زر الذهاب إلى الأعلى