هل فكرت يومًا من خلق قصة صحفية من ساندويتش ماكدونالدز؟

 

طرح الصحفي المخضرم عمرو العراقي هذا التساؤل خلال كتابه “صحافة البيانات.. خطوات جمع وتحليل البيانات وتصميم الإنفوجراف”، الذي نحن بصدد عرضه، وترشيحه لضمه إلى مكتبة كل صحفي/ة اليوم من خلال #مختصر_كتاب.

 

في عالم يمكن تسميته بالعالم الرقمي، أصبح الرقم حاضرًا في كل خبر وتقرير ومعلومة يتعامل معها الصحفيين/ات، بداية من البيانات الرسمية الصادرة عن الحكومات، مرورًا بالأحداث اليومية التي يمكن تحويلها إلى رقم، نهاية بالوقائع المتشابهة التي يمكن تجميعها في شكل تقرير أو أي فن آخر من فنون الصحافة. 

لذا، من الأهمية فهم مصطلح صحافة البيانات، لتحويل عملية جمع المعلومات المتوافرة مع تصريحات المصادر إلى عمل متكامل شيق يمكن للقارىء/ة الحديث الاطلاع عليه دون الحاجة إلى قراءة أنماط متكررة من الصحافة لم تعد تلقى قبولًا كما كانت من قبل، يقول الكاتب: “وفي جسد الصحافة فإن صحافة البيانات هي اليد التي تنقب عن الأرقام وتجمعها من مصادرها المختلفة ولا تقدم الأرقام في شكلها البدائي الذي قد لايتمكن القاريء من استكشاف العلاقة بين الأرقام، ولكنها تصيغها في صورة بصرية تجعلها أقرب إلى الشكل الفني والذي بدوره يجذب القاريء الذي بات عازفًا عن الإطلاع على الشكل التقليدي للصحف الورقية”.

 

ورغم حداثة انتشار مفهوم صحافة البيانات إلا أن هذا الفن هو قديم وله رواد نجحوا في إثراء تلك النوعية من الفنون الصحفية، هذا ما يشير إليه “العراقي” في كتابه.

ويقول خلال إشارته للإجابة على تساؤل “متى بدأت صحافة البيانات؟، إنه “من الممكن أن تفاجأ أن الأمر يعود إلى القرن التاسع عشر، لنجد العديد من الأمثلة الجديدة لعرض القصص الصحفية من خلال البيانات والتي بإمكانها إلهامك وتزويدك ببعض الرؤى إلى الخطوة التالية من خلال هذا المجال”. 

 

ويتابع: “منذ أكثر من 150 عاما أجريت تحقيقات باستخدام البيانات بشأن نفقات سفر السياسيين وآخر عن عدد الجنود الذين ذهبوا هباء بسبب سوء الرعاية الصحية بين صفوف وقوات الجيش البريطاني أثناء الحرب في جزر القرم، بينما أجرى تحقيق آخر باستخدام الخرائط لإظهار مدى الفقر الذي تشهده العاصمة البريطانية لندن، وفي كل مرة كان السعي من الصحفيين لجعل البيانات أكثر سهولة لنقلها إلى القاريء هو المحرك الرئيسي وراء تطور صحافة البيانات، فجاءت المحاولات الأولى خالية من التصميمات والألوان المبهرة نظرا إلى افتقارها إلى التقنيات البرمجية المتاحة حاليًا، حيث اقتصر عمل الرواد الأوائل في هذا المجال على مخططات البيانات والرسوم البيانية والخرائط الجغرافية إلا أن الصورة التي تظهر عليها القصص الصحفية الان تعد مؤشرا الى مرحلة جديدة زاد فيها حجم البيانات المتاحة عن ذي قبل واختلفت فيها مقاييس الحرية المطالبة بالبيانات”. 

 

ويشير “العراقي” إلى أن صحافة البيانات التي نعرفها ليست اكتشافاً حديثًا، ولكن لها جذور في العمل الصحفي منذ عام 1950، وعرفت بما يسمى بكتابة التقارير بمساعدة الحاسوب CAR عندما بدأ الصحفيون في استخدام تطبيقات الحاسب الآلي وبرامج التحليل والإحصاء لتحليل البيانات، ثم تطور العمل الصحفي ليتواكب مع التطور الذي حدث في كافة نواحي الحياة، وعلى رأسه التطور التكنولوجي مما ساهم في ظهور ما نطلق عليه الآن مصطلح صحافة البيانات. 

 

ومن رواد التصور البصري للبيانات المهندس الاسكتلندي ويليام بلايفير، مبتكر الرسوم البيانية والذي يعود إليه الفضل في اكتشاف العديد من الرسوم البيانية وعرضها في كتاب واحد يضم عددًا ضخمًا من هذه الرسوم، فهو أول من وضع ونشر عدة أنواع مختلفة من الرسم البياني الإحصائي أبرزها لرسم البياني الخطي، ورسم الأعمدة في كتابه “أطلس التجارة والسياسية” الذي نشر عام 1786.

 

ربما يهتم صحفيون في قطاع الصحة والتغذية بالكتابة عن النصائح التي تساعد في إنقاص الوزن الزائد أو الحفاظ عن الصحة بالامتناع عن تناول مثل هذه الأطعمة لكن ذي إيكونوميست حولت حولت سعر الساندويتش إلى مؤشر لقياس التغير في عملات الدول أمام الدولار ووفقا للمؤشر فإن التغير في أسعار صرف العملات يجب أن يؤثر في السعر الذي يدفعه المستهلك مقابل حصوله على ساندويتش بيج ماك فعلى سبيل المثال إذا كان سعر بيج ماك 4 دولار في الولايات المتحدة فإن سعره يصل الى 2.5 جنيه استرليني في بريطانيا فإننا نتوقع أن سعر الصرف سيكون 1.60 أي أن الجنيه الاسترليني يساوي دولارا وستين سنتا 

 

كيف تفكر كصحفي بيانات؟

 

ولكي يقدم الكاتب أهمية صحافة البيانات، سلط الضوء على نموذج يبدو بسيط عن خلق قصة صحفية من ساندويتش ماكدونالدز، لكن مع التفصيل ندرك أنه يمكن خلق زوايا أخرى من المعلومة التي  ربما يهتم صحفيون في قطاع الصحة والتغذية بالكتابة عنها من خلال النصائح التي تساعد في إنقاص الوزن الزائد أو الحفاظ عن الصحة بالامتناع عن تناول مثل هذه الأطعمة، لكن “ذي إيكونوميست” حولت سعر الساندويتش إلى مؤشر لقياس التغير في عملات الدول أمام الدولار، ووفقا للمؤشر فإن التغير في أسعار صرف العملات يجب أن يؤثر في السعر الذي يدفعه المستهلك مقابل حصوله على ساندويتش بيج ماك، فعلى سبيل المثال إذا كان سعر بيج ماك 4 دولار في الولايات المتحدة فإن سعره يصل الى 2.5 جنيه إسترليني في بريطانيا، فإننا نتوقع أن سعر الصرف سيكون 1.60 أي أن الجنيه الإسترليني يساوي دولارًا وستين سنتًا.

 

ويقدم الكتاب تفسيرًا عن أهمية لغة الأرقام، وكيفية تأثيرها في عالم الصحافة، كما يتطرق إلى خطوات الحصول على البيانات وتصميمها الجيد باستخدام أدوات العصر الحديث، والاستعانة بالألوان والخطوط والرسوم. 

 

عن عمرو العراقي:

 

عمل صحفيًا لأكثر من عشر سنوات في عدد من غرف الأخبار الكبرى مناها MBC، وموقع YAHOO مكتوب، وفي نهاية عام 2012، انطلق للعمل الحر وأسس أول موقع متخصص في صحافة البيانات في العالم العربي InfoTimes، وعمل على نشر أكثر من 300 قصة صحافية مدفوعة بالبيانات بجانب وصوله إلى التصفيات النهائية لعامين على التوالي في مسابقة شبكة المحررين الدولية لصحافة البيانات، وساهم العراقي في تدريب عدد من الصحافيين على تصميم البيانات بالتعاون مع BBC Media Action، وشبكة Internews Europe.