#مختصر_كتاب

قراءة في كتاب: “الصحافة حرفة ورسالة” لـ سلامة موسى

في “مختصر كتاب” نتقصى كواليس صناعة الصحافة والإعلام، من خلال قراءة متأنية لأبرز الكتابات التي تناولت رؤى تخص مهنة البحث عن المتاعب.

كما نتصفح كتباً وروايات تحوي زوايا فكرية ومعرفية تفتح آفاقاً جديدة للعاملين/ات في هذا الحقل، وتعينهم على تكوين صور ذهنية عن كيف يكتب الخبر أو القصة الصحفية من الناحيتين المهنية والإنسانية.

أما كتاب هذا اليوم هو “الصحافة حرفة ورسالة”، للكاتب الكبير الراحل سلامة موسى.

يرصد موسى خلال صفحات الكتاب رحلته مع عالم الصحافة، وتغير أحوال هذه المهنة الشاقة في عشرينيات وثلاثينات القرن الماضي أثناء فترات ماجت فيها مصر بتقلبات سياسية واجتماعية كبرى، ما أثر على الصحافة والحال الثقافي بشكل عام.

في أحد فصول الكتاب يكشف موسى دور الصحافة في التأثير على الرأي العام ووعي الجماهير، في حالة اتسمت بالشفافية والصدق، وشكلت أداة فعالة لتقييم أداء القيادات السياسية.

وفي مواضع أخرى يلقي سلامة موسى الضوء على فترات مرت بها الصحافة بانتكاسات كبرى؛ يقول: “أذكر أني في ١٩٢٣ احتجت إلى أن أستأجر مسكنًا بالقاهرة، وقصدت إليه وعاينته وارتضيته بأجرة شهرية قدرها سبعة جنيهات، وشرعنا في كتابة عقد الإيجار، وما فهمت مالكة المسكن أني صحفي حتى انتفضت من مقعدها وهي تقول: “جورنالجي” ويدفع منين سبعة جنيهات في الشهر؟ ورفضت التوقيع على العقد ولم تجد معها المناقشة والشرح، وخرجت وأنا أتعثر في ثوب الخيبة.

مضى على هذه الحادثة ٣٥ سنة، ولكني أذكرها كي أبين للقارئ المكانة المحتقرة التي كان الصحفي يحتلها في المجتمع المصري، وكانت كلمة “غازيتجي” من الكلمات التركية التي تعني «صحفي»، وكانت مألوفة عند الطبقة الحاكمة في بداية هذا القرن، وكانت تحمل معنى التشرد والفقر والصعلكة”.

وذكر موسى وقائع عن إفساد الحكومة المصرية للصحافة أيام الاستبداد ما قبل ثورة 1952 التي طوت هذه الصفحة، وجاء في الكتاب: “كان الغرور والزهو يحملان بعض الوزراء على أن يسخوا سخاء الإغداق على أحد الصحفيين لأنه كان ينشر صورهم في جمال ساحر وإن يكن زائفًا، ويصف مآثرهم وإن لم تكن مآثر، ويروي القصة تلو القصة بشأن إصلاحاتهم التي لم يكن يعرفها الجمهور إلا في الصحف. واتضح من الكشف الذي أذاعته حكومة الثورة في ١٩٥٢ أن إحدى الصحف الأسبوعية التافهة حصلت على أكثر من ٢٦ ألف جنيه.

وفي أحد الفصول المتأخرة، عن صحافة المقال والخبر، يخبرنا موسى بشكل مشوق عن تأثير فترات سابقة على تشكيل تلك الفنون الصحفية، ويقول: “كانت بلادنا في أيام إسماعيل مركزا عالمياً لهجوم رأس المال الأوروبي، ومن هنا مشروعات إسماعيل الكثيرة التي انتفعنا ببعضها كما وقعنا في الإفلاس بعد ذلك بسبب بعضها الآخر، وفي أثر هذه المشروعات، وفي تزاحم الدول والشركات، وفي التنبه العام الذي أنتجه تصادم الطبقة الحاكمة بالأجانب، ظهرت بعض الصحف. ثم في أيام توفيق زاد التنبه العام للتصادم بين المصريين المحكومين وبين بقايا الأتراك والشركس الحاكمين، فظهرت صحف أيضا تشايع الشعب، ثم جاء الاحتلال فأوعز ِ الإنجليز لبعض الكتاب بإيجاد صحف أخرى تشايع الاحتلال ضد الدولة العثمانية. ولذلك نرى روسيا القيصرية تؤسس جريدة يومية بالإسكندرية تجعل من دأبها الطعن في الدولة العثمانية والدعاية لروسيا القيصرية، وكانت تنوي القضاء على الدولة العثمانية بالاستيلاء عليها واختراق إلى البحر المتوسط.

سلامة موسى في سطور

ولد عام 1887 وتوفي 1958، وقبل بلوغه العشرين من عمره، قرر السفر إلى أوروبا وساعده ذلك في تكوين وعيه وانفتاح فكره على مختلف الثقافات، و سافر إلى فرنسا حيث قضى فيها 3 سنوات من حياته تعرّف من خلاله على الفكر والفلسفة الغربيين وقرأ العديد من المؤلفات فتعرف على فولتير، وتأثر بكارل ماركس، وقرأ في علوم المصريات.

من أبرز مؤلفات سلامة موسى:

مقدمة السبرمان (1910)

نشوء فكرة الله (1912)

الاشتراكية (1913)

أشهر الخطب ومشاهير الخطباء (1924)

الحب في التاريخ (1925)

أحلام الفلاسفة (1926)