#مختصر_كتاب

“كل شيء هادىء في الميدان الغربي”

الكاتب الروائي والسيناريست الألماني إريك ماريا ريماك

سبعة شُبّان لا تجاوز أعمارهم الثامنة عشر، تطوّعوا في الحرب العالمية الأولى، تاركين معاهد العلم، متأثّرين بتلك الدعاوى الطنّانة التي طالما صبّها زعماء وقادة الحروب في آذانهم، لتطبّق عليهم ميادين القتال، ويواجهوا الهلاك مواجهة لا فكاك منها، سرعان ما تجلّت لهم حقيقة تلك الدعاوى، وصح عندهم أنهم كانوا مخدوعين، وأن العودة إلى الحياة العادية مثل أشخاص يتكسّبون الأموال، ويمرحون ويرقصون باتت أمرًا شبه مُستحيلة، بطل الرواية “پاول” نسي كل شيء، معادا الحرب وويلاته.

تترك الرواية لدى قُرّائها تأثيرات نفسية ضد الحرب، فمهما كانت الشعارات الطيبة التي ترفعها، فهي في النهاية مأساة مُكتملة، لا يستطيع من عاينها الخروج من آثارها .

وتدفع الرواية إلى التفكير في عدة أسئلة فلسفية، منها: “ماذا عن معنويات الإنسان إذا قُدرت له النجاة من الموت وأخذ يفكر في حياة السلم؟”، أو “إذا عاد من الميدان في إجازة محدودة يقضيها بين أهله ومواطنيه؟”.

الكتاب لقصة جيلٍ من الرجال الذين نجوا من القذائف، لكنهم دُمروا بالحرب، لا تُركّز الرواية على القصص البطولية للشجاعة، بل بالحرب على الظروف التي وجد الجنود أنفسهم في خضمّها.

الفُقدان الهائل للحياة مقرونٌ بالمكاسب التي لا تكاد تُذكر في القتال، يُؤكّد عليها بثباتـ حيوات الجنود تُهمل من قِبل قادتهم الذين يقبعون في راحةٍ، بعيدًا عن المواجهة، مُتجاهلين الرعب اليومي على الخط الأمامي، رتابة ما بين المعارك، التهديد المُستمر من قبل المدفعية والقصف، الكفاح من أجل إيجاد الطعام، نقص التدريب لدى المجندين الشباب (ما يعني فرصًا أقل في النجاة)، التغطية لفرصة عشوائية في حياة أو موت الجنود.

هذا الدمار الداخلي يمكن أن يرى منذ الفصل الأول، منذ أن يعلق “پاول” بأنه على الرغم من أن الرفاق شُبّان، ولكن الشباب غادرهم.

ويُصارع بطل الرواية محاولاته لاستعادة ذكرياته مع السِلم، علها تعينه على نسيان أو تجاهل مشاعر اليأس والضيق الذي تمكّن منه، وأطبق على صدره.

يقول الروائي: “جلست في غرفتي الخاصة بالمنزل، في مقعد جلدي ذي ذراعين، وحولي صورًا كثيرة قصصتها من الصحف والمجلات، وألصقتها فوق الجدران ومن الناحية المقابلة رفوف الكتب، تتضمّن الكتب المدرسية إلى جانب المجلدات الأدبية القديمة التي اشتريت بعضها بمالي الخاص، واستعرت بعضها الآخر، ولم أردها إلى أصحابه لفرط إعجابي به، أردت أن استعيد ذكرى ذلك العهد، وأن أحس بأن محيط الشباب لا يزال يشملني كما كان الحالي من قبل”.

اقتباس من الرواية

“الموت ليس مغامرة بالنسبة لأولئك الذين يقفون في مواجهته وجهًا لوجه”.

عن الرواية والكاتب

كان إصدار رواية حربية ضد الحرب في نظر بعض الألمان آنذاك جرمًا؛ نظرًا لصعود القوى المُتشددة، لذلك رفض العديد من دور النشر طباعة الكتاب، وعندما أرسل ريمارك نصوص الرواية إلى دار نشر كُبرى في ألمانيا “س. فيشر” رفضتها، حتى أنها استغرقت أكثر من عام منذ انتهاء كتابتها عام 1927 كي تحظى بموافقة.

بعد انتهاء الطبعة الأولى التي بلغت خمسون ألفًا، ظهرت موجة عاتية ضد ريمارك، وشاركت الصحف اليمينية في هذه الحملة، التي شكّكت في مشاركته في الحرب في الجبهة، وتحوّلت مع الوقت هذه الحملات إلى أكبر دعاية للكتاب، لتُباع بأرقام قياسية، وفي عام 1930 رُشّح ريمارك لجائزتي نوبل للسلام والأدب، وتُرجم الكتاب إلى معظم لغات العالم.

#المرصد_المصري_للصحافة_والإعلام