رقيقة.. هادئة.. عذبة.. وفي صوتها وكلامها اتزان ونعومة، لا تخطئ شكلها ولكن أسلوبها يجبرك على تبني وجهة نظر مغايرة عمن يعانون من متلازمة داون، فها هي رحمة خالد مذيعة لبقة تتحدث إلى المشاهدين من أمام كاميرات قناة “دي إم سي” الفضائية، واحدة من أوسع القنوات انتشارًا، وقد حافظت رحمة على تلك المكانة منذ عام 2018 وحتى الآن، فهي أول مذيعة من أصحاب متلازمة داون في العالم.
منذ نعومة أظافرها كانت رحمة خالد تملأ العالم صياحا معلنة وجودها وشغفها ومواهبها المتعددة، ساعدت والدتها على إخراج تلك المواهب للنور، وقفت خلفها جنديا مجهولا، فقد كانت خبيرة تخاطب تعلم منذ ولادة رحمة كيفية التعامل مع المصابين بمتلازمة داون، فكانت ولا زالت خير عائل لتلك الطفلة التي أصبحت فيها بعد فخر لوالدتها والعرب، وتمنح رحمة مصر شرف تعيين أول مذيعة من أصحاب متلازمة داون في العالم، ضاربة بذلك قدوة حسنة لدمج جميع فئات المجتمع معا.
قبل التقديم التليفزيوني كانت رحمة خالد بطلة رياضية، وخاصة السباحة، والتنس وكرة السلة، فهي متعددة المواهب، وحصلت على عدد ضخم من الميداليات، بينها 7 دولية، وهي بطلة مصر في السباحة منذ عام 2008، ومثلت مصر في كثير من المحافل الدولية، بينها في لبنان 2012 كمتحدث رسمي عن ذوي الإعاقة عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع الأولمبياد الخاص في مؤتمر الشباب والمدارس، وجرى اختيارها عام 2015 المرأة الأكثر تأثيرا، وحضرت أيضا عروض أزياء كعارضة، وكانت فتاة غلاف إحدى المجلات، ودراسيا فهي حاصلة على بكالوريوس سياحة وفنادق قسم دراسات سياحية 2018، هكذا يمتلئ بروفايل رحمة حسن بكثير من الإنجازات والمواهب المتعددة، فقد أثبتت جدارتها بقوة في مجال العمل والدراسة.
وهى فى الثامنة من عمرها، حلمت رحمة بأن تكون أول فتاة مصابة بمتلازمة دوان تظهر على شاشة التليفزيون كإعلامية ومقدمة برامج، وقد حققت حلمها عام 2018، وظهرت كمذيعة من خلال برنامج “8 الصبح” على قناة “دي إم سي”،وعن هذا الحلم قالت رحمة فى تصريحات سابقة لموقع “اليوم السابع”،: “ده كان حلمي وأنا صغيرة واشتغلت على نفسي، وشاركت في تدريبات وكلموني قالولي عايزينك في حلقة في برنامج 8 الصبح ولما رحت طلعت في الحلقة وبعدين قالولي احنا عايزينك معانا مذيعة.. شعور ميتوصفش، وكنت مبسوطة جداً”.
ولم تعد هذه المرة الأولى لدى “رحمة” فقامت بتقديم العديد من البرامج عبر الإذاعة ومنها برنامج “أطفال اليوم” بإذاعة صوت العرب، كما أنها عرضت نشرة أخبار ذوى الاحتياجات الخاصة في الجمعة من كل شهر.
وعن شعورها بظهورها في أولى حلقاتها على الشاشات المصرية وقالت رحمة “وقتها حسيت بفرحة كبيرة بأن جزء من أحلامي اتحقق، وكان أول لقاء لي مع الدكتورة مايا مرسى رئيسة المجلس القومي للمرأة، ثم حاورت الفنانة يسرا”.
وأضافت “سأتمكن من تغيير نظرة المجتمع فئة ذوى القدرات الخاصة”، حلماً آخر ولد في حياة الفتاة المكافحة تسعى لتحقيقه، وحكت لـ “اليوم السابع” عن مواقف عديدة من التنمر التي تعرضت له خلال مسيرتها التي بدأت منذ الثامنة من عمرها وقالت: “واجهتني صعوبات كتير وأنا في المدرسة وكنت بعاني من نظرات الناس السلبية” موقفاً يتكرر بشكل يبدو مستمر في حياة “رحمة” اليومية أرادت أن تتغلب عليه بتحقيق النجاحات وضم الإنجازات إليها.
وبالإضافة إلى نجاحها الرياضي وظهورها على الشاشة كمقدمة برنامج تليفزيوني، عملت رحمة في مجالات مختلفة ففي نوفمبر ٢٠١٨ شاركت في البرنامج التبادلي الثقافي الفني بين مصر وولاية تينسي بأمريكا، وتم تكريمها كإحدي الشخصيات الملهمة في احتفال قنوات CBC. كما عملت، متحدث رسمي بالجمعية المصرية الاتحادية للإعاقات الفكرية، وشاركت في الكثير من الأعمال، بالإضافة لتأسيسها صفحة علي “فيسبوك” لتوعية أولياء أمور ذوى الإعاقة والمجتمع بعرض النماذج الناجحة والمتميزة، وعمل أنشطة متنوعة في كافة مايخص التوعيه بذوي الإعاقة، كما ظهرت أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي فى أكثر من مناسبة، كمتحدثة فى المناسبات الخاصة بذوى الاحتياجات الخاصة.