لم تكن إعاقة ريمون المصري حائلة عن تحقيق أهدافه، بل كانت كحجر عثرة في منتصف الطريق يصعد عليها لينطلق نحو أهداف خدمية لكل أصحاب الهمم.
هو صحفي عضو بنقابة الصحفيين، ناقد فني، مذيع، رئيس تحرير برامج، ناشط في مجال أصحاب الإعاقة، محاضر في مجال الصحافة.
أصيب ريمون المصري بإعاقة نادرة في قدمه اليسرى تشبه شلل الأطفال، ثم أصيب بإعاقة أخرى في الرابعة من عمره، في ذراعه الأيسر جعلته غير قادر على التحرك بشكل طبيعي، عطفا على ضمور كامل في الذراع الأيسر والقدم اليسرى.
كل هذا بجانب رحيل والده في سن التاسعة من عمره، ولأن قبل ٣٠ عاما لم يكن المجتمع ناضجا بما يكفي لقبول طفل معاق منذ ولادته ويتيما منذ نعومة أظافره، فقد واجه بطبيعة الحال التنمر والازدراء المعهود الذي يواجهه من في مثل حالته في مختلف دوائر المجتمع، خاصة وأنه رفض من البداية عزله داخل دائرة مغلقة، واختار أن يندمج اجتماعياً متحدياً الإعاقة والنبذ.
رفض ريمون الالتحاق بالتأهيل المهني الذي كان يحال إليه أغلب المعاقين بعد الإعدادية رغم رغبة أسرته في ذلك، وأصر على الالتحاق بالثانوية العامة، ونجح بمجموع كبير خلال تحصيله الدراسي دون الاستعانة بالدروس الخصوصية كي لا يحمل أسرته أعباء مالية إضافية.
وتمكن من الالتحاق من كلية الآداب جامعة عين شمس ومع السنة الدراسية الأولى راوده حلم العمل بالصحافة، كان ذلك عام ٢٠٠١ وقتها لم تكن مهنة الصحافة متاحة مثل الوقت الراهن، فكان الالتحاق بها ضرباً من المستحيل، والصحف الموجوده وقتها لم تكن تتعدى ٤ صحف بخلاف القومية.
بدأ مشواره الصحفي من الباب الصعب من خلال ملف التحقيقات، وخاض عدة مغامرات وتنقل بين عدة ملفات حتى استقر على الملف الإعلامي، وتمكن من كشف فساد الإعلام الحكومي في أعقاب ثورة ٢٥ يناير والتي أستندت النيابة العامة نفسها على ما قدمه..
حقق ريمون المصري نجاحات على مستوى العمل الصحفي والإعلامي، حيث وصل لمنصب مدير تحرير بصحف ومواقع كبرى عديدة منها الأحرار، الوطن، البوابة نيوز، دوت مصر، والصباح.
كما عمل مذيعا وتولى رئاسة تحرير MESat، ومدير تحرير برنامج الحدث المصري على قناة “العربية” الحدث، ورئيس تحرير برنامج فن أون لاين على تلفزيون “دريم”، كما عمل في برامج “محطة مصر” على مودرن و”بدون رقابة” على قناة LBC والملف الفني ببرنامج “بلدنا” على قناة otv وسكرتير تحرير برنامج “استديو مصر” على قناة نايل سينما.
كان يحلم ريمون بوجود منظومة حقيقية لحماية حقوق أصحاب الإعاقة تلك الحقوق التي كانت مهدرة بالكثير.
تمكن ريمون المصري من الالتحاق بنقابة الصحفيين المصرية عام ٢٠١٠.
وفي عام ٢٠١٨ كانت نقلة في حياة ريمون المصري فبعد إقرار القانون (١٠) لعام (٢٠١٨ وتوجيهات الرئيس السيسي بشأن حقوق أصحاب الإعاقة..
في نفس العام انخرط ريمون المصري في العمل النقابي، وتمكن من تحقيق عدة انتصارات كان أولها مبادرته الشهيرة في جعل بدل التدريب والتكنولوجيا حقا مكتسب للصحفي النقابي حتى لو ترك صحيفته، وبالفعل وافق على تلك المبادرة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
ومع إطلاق قانون المعاقين دشن ريمون المصري مبادرة (تقنين حقوق الصحفيين من أصحاب الإعاقة)، ومطالبة مجلس نقابة الصحفيين بتنفيذ توجيهات الرئيس ليكون عام ٢٠١٨ عام أصحاب الإعاقة.
وفي يناير ٢٠١٩ نجحت مبادرة (تقنين حقوق الصحفيين من أصحاب الإعاقة) واستجاب مجلس نقابة الصحفيين بالموافقة على بعض الامتيازات النقابية للصحفيين المعاقين منها الاشتراك المجاني بمشروع العلاج، ومعاش شهري إضافي للصحفي المعاق.
وفي ٢٠٢١ حصل على الجائزة التقديرية الأولى من المجلس القومي للمرأة كأفضل عمل مجتمعي لعام ٢٠٢٠، بتوقيع رئيس الجمهورية وهي من أعلى جوائز الدولة الرسمية.
في عام ٢٠٢٢ أطلق ريمون المصري مبادرة حقوق المعاقين ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته (٤٤) والتي على أثرها تم لأول مرة في تاريخ مهرجانات السينما حول العالم، تقنين حقوق أصحاب الإعاقة في حضور فعاليات المهرجان، منها عمل الكود الهندسي لمقر المهرجان بدار الأوبرا المصرية، وتذاكر مخفضة ومجانية للمعاقين، إعفاء الحجز المسبق، استثناء المعاقين بدخولهم القاعات الرئيسية الارضية بدون حجز ط، إعفاء المعاقين من الحجز وطوابير التذاكر.
في عام ٢٠٢٣ قام ريمون المصري بدعوة الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين في اجتماعها مارس الماضي، للموافقة على إقرار حقوق الصحفيين المعاقين الواردة بالقانون ١٠ لعام ٢٠١٨، واعتمادها كلائحة ملزمة ضمن لوائح النقابة.
وبالفعل استجابت الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين للدعوة المقدمة، والموافقة على إقرار حق الحصول على معاش شهري استثنائي للصحفي المعاق لاستكمال تقنين حقوق الصحفيين المعاقين.
ومؤخرا أطلق ريمون المصري حملة توقيعات لأعضاء نقابة الصحفيين لتفعيل قرارات الجمعية العمومية بشأن أصحاب الإعاقة، والتي جمعت ٣٥٠ توقيعا وهي أكبر حملة توقيعات في تاريخ نقابة الصحفيين لمطلب فئوي.
وأطلق مبادرة تمكين (الصحفيين المعاقين) لحقوق الصحفيين من أصحاب الإعاقة والتي تدعو النقابة لتفعيل مطالب الصحفيين من ذوي الإعاقة، وتنفيذ استراتيجية الرئيس والحكومة المصرية بشأن دمج ذوي الهمم.