تقرير: مؤسسات صحفية تستبعد الصحفيات من التعيين لأنهن قد يصبحن أمهات
تقرير: نادية مبروك
أعوام عدة قضتها بسنت عادل في إحدى المؤسسات القومية لم تشفع لها لدى القائمين على المؤسسة ليكون اسمها ضمن قائمة التعيينات المقدمة للهيئة الوطنية للصحافة، تمهيدًا لتعيين المؤقتين لا لسبب سوى كونها تزوجت وأصبحت أم!
تقول بسنت: عملت عدة سنوات مراسلة لمحافظة قنا بجريدة قومية معروفة، ورغم أنني خلال هذه المدة انتقلت للقاهرة، وأصبحت أمارس عملي منها، لكن لم يلتفت رئيس القسم لهذا الانتقال إلا حين أبلغته أنني سأتزوج.
هنا، فوجئت بسنت بلوم شديد من رئيس القسم الذي قال لها إن الزواج سيعطلها عن العمل، وأن صحفيات كُثر سبقنها واعتقدن أنهن سوف يستطعن التوفيق بين الزواج والعمل وفشلن في ذلك، لكنها أكدت له أنها ليست مثلهن.
مارست بسنت عملها من القاهرة كمسئولة صفحة بالمؤسسة، وعند طلب إجازة الزواج فوجئت بتعنت المؤسسة ضدها، حيث أبلغها رئيس القسم أن الإجازة أسبوع واحد، رغم أن المتعارف عليه في المؤسسة أن إجازة الزواج هي 20 يوما. انصاعت بسنت لهذا التعنت وأصبحت تستغل الأوقات بين الشيفتات لشراء المستلزمات، رغم أن هذا الأسبوع لن يكفي لارتباطها بأن يكون عقد قرانها وحفل الزفاف في مسقط رأسها بمحافظة قنا، لكنها حاولت التوفيق حتى تصدى مدير التحرير لهذا التعنت.
استبعاد من القائمة
عند عودتها من إجازة الزواج، فوجئت برئيس القسم يطالبها بأداء عملها هي وزميلتها التي حصلت على إجازة وحين رفضت، هاجمها، لافتا إلى أن هذا ما قاله وإنها “ستقرفه” بسبب ظروف زواجها، وأنها لن تستطع التوفيق خاصة إذا حملت.
وحملت بسنت واستمرت في عملها بشكل طبيعي، إلا أنها أصيبت بفيروس استدعى حصولها على إجازة مرضية؛ في هذا التوقيت تغيّر رئيس التحرير الذي طلب اجتماع مع جميع المحررين/ات، وحين تم إبلاغه بأنها في إجازة مرضية، قال إنه لا صالح له بظروف أحد المرضية، فاضطرت لحضور الاجتماع وجهاز المحاليل معلق بيدها، وحين شكك في مرضها طلبت توقيع الكشف الطبي عليها من أي منشأة طبية متعاقدة مع المؤسسة لإثبات مرضها، فأبلغها أن تكمل الإجازة ولهم حديث بعد انتهائها.
بعد وضعها مولودها، تقول بسنت إنها حاولت العودة للمؤسسة لكنها فوجئت برئيس القسم يبلغها بضرورة الاجتماع مع رئيس التحرير الذي أبلغها بشطب اسمها من قائمة المؤقتين المقدمة للهيئة العليا للتعيين، وأنه لن يسمح لأحد بأن يتحدث معه في تعيينها، وأنه لا يريدها مرة أخرى في المؤسسة، وبسبب كونها مسئولة صفحة لمدة تزيد عن العام فلا يوجد لها أرشيف عن هذا العام فلن تستطيع إثبات علاقة العمل، ورفض العديد من زملائها الشهادة معها خوفًا من رئيس التحرير، فاضطرت لترك المؤسسة.
حالة بسنت ليست حالة وحيدة في الصحافة المصرية التي تشترط عضويتها أن يكون المتقدم للعضوية معين في مؤسسة صحفية لها إصدارات ورقية ومكودة بنقابة الصحفيين، إذ يوجد الكثير من الصحفيات اللواتي يجدن أنفسهن ممنوعات من التعيين فقط لكونهن نساء.
إثبات ولكن
إذا كانت بسنت لم تستطع إثبات علاقة العمل، فإن شيماء محمد نجحت إثبات علاقة العمل لكنها لم تستطع الالتحاق بالنقابة إلا بعد التعيين في مكان آخر.
تقول شيماء: التحقت بالعمل في 2013 بإحدى المؤسسات الصحفية الخاصة، ولمدة 3 سنوات عملت كمحررة بقسم الفن؛ في ذلك التوقيت لم تكن المؤسسة تقوم بالتعيين إلا قبل لجنة القيد، ورغم كوني محررة متميزة بشهادة المسؤولين على المؤسسة، وأعمل في مؤسسات إعلامية أخرى، إلا أن المؤسسة قررت أن تكون التعيينات بعد اختبارات تُجريها على المحررين/ات الذين/اللواتي يفترض أن فترة تدريبهم/ن انتهت.
تفائلت شيماء وغيرها بالاختبارات فهي تعرف مستواها الصحفي، إلا أنها فوجئت عند ظهور النتائج برسوبها، ورسوب عدد كبير من الصحفيات اللواتي تقدمن للاختبارات رغم أن بينهن رئيسة قسم تقوم بتحرير المواد المنشورة في قسمها. تقول شيماء ساخرة: “لم تجد إدارة التحرير مادة ترسب فيها سوى اللغة العربية.. كيف ترسب رئيسة قسم تحرر مواد زملائها في مثل هذه المادة؟!”.
على إثر ذلك، خاضت شيماء مواجهة مع إدارة التحرير، مطالبة بإعادة تصحيح اختباراتها، إلا أن هذا الطلب قوبل بالرفض، مما اضطرها لإقامة دعوى ضد المؤسسة استطاعت فيها إثبات علاقة العمل لكنها لم تستطع الحصول على حكم قيد استئنافي ضد النقابة لعدم حضور ممثلي النقابة أمام المحكمة.
“النساء يُعاقبن على منافسة الرجال”
“هناك هاجس ضد تعيين النساء في المؤسسات الصحفية والإعلامية على حد سواء” حسبما تقول شيماء، التي تشير إلى أن خلال عملها في مؤسسات إعلامية دولية، كانت أي مديرة غير مصرية يتم تعيينها في مصر تفاجئ بقلة عدد النساء المعينات. في وجهة نظر شيماء “النساء في الإعلام سواء المرئي أو المكتوب في مصر يعاقبن على أنهن ينافسن الرجال”.
بعد تركها المؤسسة، عرفت شيماء أن رئيس التحرير قال إن النساء أعذارهن كثيرة لا سيما إن كُن أمهات أو متزوجات، وهو ما يضع ضغطا على النساء ليثبتن أنفسهن وكفاءتهن في العمل. وتبذل شيماء حتى الآن وفق ما تؤكد مجهودا يوازي مجهود 4 من الرجال فقط لتثبت أنها تستحق مكانها.
حيلة الاختبار
تتشابه قصة شيماء مع “أ.ع” المؤقتة في إحدى الصحف القومية المصرية، حيث عملت في البداية بمؤسسة خاصة منذ بداية تأسيسها في 2011، واستمرت في العمل كمحررة بقسم التحقيقات، ورغم أنها أم إلا أنها كانت تلتزم بشيفتاتها اليومية كأي محرر آخر، بل وكان القسم يعتمد عليها بصورة شبه يومية.
لكن عبر دفعات التعيين المختلفة على مدار خمس سنوات منذ التحاقها بالعمل في المؤسسة، لم تُعيين “أ.ع” رغم تعيين من هم أصغر منها من من الرجال وأقل خبرة وأقل في عدد سنوات العمل، مما اضطرها الشكوى لهيئة التحرير التي اقترحت أن تخوض اختبارات التعيين التي تقام للمرة الأولى في المؤسسة، لتفاجئ برسوبها رغم عدم وجود أي شكوى من أدائها طوال السنوات الخمسة.
“قيل لي حين طلبت إجازة عارضة لهذا لا نفضل النساء في العمل”
اضطرت “أ.ع” لترك المؤسسة وانتقلت لأخرى، لكنها فوجئت بتعنت ضدها في أبسط حقوقها، وهي الحصول على إجازة عارضة حينما تعرضت ابنتها لوعكة صحية تستلزم وجودها بجانبها، حيث كان الرد الدائم “لهذا لا نفضل النساء في العمل”، مما اضطرها لترك المؤسسة الثانية أيضا. ورغم أنها تمارس العمل الصحفي منذ العام 2008، إلا أنها لم تستطع التعيين والالتحاق بنقابة الصحفيين حتى الآن خاصة مع انضمامها للعمل كمؤقتة في إحدى الإصدارات التابعة لواحدة من المؤسسات الصحفية القومية.
أما إسراء.م فكان حظها أفضل من زميلاتها، فكل ما دفعته من عمرها هو انتظار ثلاث دفعات من التعيين في المؤسسة الصحفية التي كانت تعمل بها، و قبلها خمس سنوات من العام 2012 حتى 2017 ليتم تعيينها.
تقول إسراء: في فترة زواجي كانت المؤسسة تُجري اختبارات تحريرية وشفوية، فاضطررت إلى قطع إجازة شهر العسل لحضور الاختبارات التي حصلت فيها على الدرجات النهائية، لكنني فوجئت باستبعادي من التعيين.
تضيف إسراء: المعتاد أنه إذا حملت صحفية فإنها تخفي خبر حملها حتى لا تتعرض لأي مضايقات أو تصفية، ولكن لسذاجتي لم أُخف خبر حملي في البداية، وهو ما تسبب في استبعادي من التعيين في الدفعة التي تزامنت مع حملي، رغم كوني من أقدم المحررين غير المعينين في المؤسسة.
تسبب استبعاد إسراء في اكتئابها، وعدم الرغبة في العمل، وهو ما دفعها للحصول على إجازة لمدة سنة و4 أشهر بعد وضعها طفلها، وهو ما تصفه بالمخاطرة رغم أن القانون يعطيها الحق في إجازة رعاية الطفل، واستطاعت بعد عودتها الحصول على حقها في التعيين بمساعدة أحد أفراد هيئة التحرير، لكنها تعرضت بعدها للعديد من المضايقات، لتفاجئ بعد ذلك بأنها ضمن قائمة من تم تصفيتهم من المؤسسة.
“حصلت على حقي بعد 12 سنة”
“كنت من أول سبعة جلسوا على طاولة الاجتماع في المؤسسة أثناء العمل التجريبي لكني لم أحصل على حقي في التعيين إلا بعد 12 عام” بهذه الكلمات بدأت مروة صابر (اسم مستعار) حديثها عن تجربتها في احدى المؤسسات الخاصة.
تقول مروة في 2011 كنت أعمل في إحدى المؤسسات مع أحد أساتذتي الذي أصبح عضو هيئة التحرير في مؤسسة جديدة، فطلب مني الالتحاق بالمؤسسة الجديدة، مشيرًا إلى أنها فرصة للتعيين لأنني صحفية كُفْء.. “وبالفعل كنت من أوائل المؤسسين بالجريدة التي استمرت عام كامل تصدر بشكل تجريبي، أثبت فيها كفاءتي حتى أن رئيس التحرير قال لي أنني بمثابة مساعد لمدير تحرير، ووعدني أنني سأكون في الدفعة الأولى للتعيينات بالمؤسسة”.
بعد عامين استطاعت المؤسسة الحصول على التكويد، وفوجئت مروة بأنها خارج التعيينات التي شملت سبعة محررين كان من بينهم 3 نساء، ورغم أن المؤسسة كانت تستطيع الحاق 15 محررا بالنقابة في هذه الدفعة، إلا أنها لم تعين سوى سبعة فقط، وحين تساءلت مروة عن سبب استبعادها قيل لها إن هذه الدفعة مجرد “استفتاح” فقط، وأنها في الدفعة المقبلة.
على مدار 5 سنوات، جرى تعيين 4 دفعات من المحررين، في كل دفعة لم يكن يتم تعيين سوى امرأة واحدة، وفي كل الدفعات تفاجئ مروة باستبعادها، وتعيين شباب حديثي التخرج من الجامعة لأنهم فقط شباب، وحين واجهت المؤسسة تم اخبارها أن المؤسسة لا تتوسع في تعيين النساء لأنهن يتزوجن ويتركن العمل أو يصبحن كثيرات الأعذار، فردت مروة بأنها غير متزوجة وأن الزواج ليس من خططها في المستقبل القريب، لتدخل مروة بعدها مع العديد من الزملاء في اختبارات التعيين، وتفاجئ برسوبها رغم اعتراف المؤسسة بتميزها.
استطاعت مروة الحصول على حكم بإثبات علاقة العمل، وحقها في التعيين بعد عامين ونصف من إقامة الدعوى، فاتفقت إدارة المؤسسة معها على منحها العقد دون خطاب الترشيح لترفع قضية قيد استئنافي، مع اشتراط التقدم باستقالتها إذا لم تربح الدعوى. وعلى مدار عامين لم يحضر عضوي لجنة القيد الاستئنافي الجلسات، وفي الجلسة – وفق مروة – الوحيدة التي حضرها، ألقى عضو اللجنة أوراق قضيتها في وجهها، مطالبًا إياها بإقناع جريدتها منحها خطاب الترشيح، وحين احتدت عليه طالبها القاضي بالتوقف لأنها في محكمة، وأخبرها أنه لا يستطيع الحكم إلا بما يقوله عضوي اللجنة اللذين طلبا منها احضار خطاب ترشيح، أو شطب القضية وهو ما حدث.
على إثر الانفعال جراء شطب قضيتها، تعرضت مروة لوعكة صحية استدعت نقلها إلى المستشفى والتدخل الجراحي والراحة لمدة شهرين، لتفاجئ بعدها باتصال من موظف الموارد البشرية لتنفيذ الاتفاق بتوقيع استقالة، فشرحت له حالتها الصحية، وأنه إذا أراد توقيع الأوراق يستطيع إحضارها لها في المستشفى على نفقتها الخاصة، إلا أنه اتفق معها على العودة بعد تعافيها، وهو ما فعلته لكن رئيس التحرير حينها قرر تعيينها بـ”مكرمة منه”.
الزواج يحرم نورا من التعيين
أما نورا أحمد، فكان لها تجربتين في مؤسستين صحفيتين، الأولي بدأت في العام 2010، ورغم تقديم هذه المؤسسة صورة “الصحافة الحرة”، التي تلتزم بالحقوق والحريات والممثلة لصحافة ثورة يناير، إلا أنها استبعدت من التعيين لمدة تتجاوز الخمس سنوات لا لشئ إلا أنها امرأة، حيث كانت تفضل الإدارة تعيين الشباب لأسباب تتعلق بإدارة التحرير.
أما التجربة الثانية جاءت في العام 2016، كانت نورا حينها استطاعت الحصول على حقها في الالتحاق بنقابة الصحفيين، فالتحقت بمؤسسة صحفية خاصة، وحين طالبت بنقل تعيينها على المؤسسة قيل لها إن الأولوية لمن لم يلتحقوا بالنقابة، وأنها لا تحتاج التعيين، لكن مع استحوذ مؤسسة إعلامية كبرى على مؤسستها، تم تصفية نورا ضمن الصحفيين/ات الذين/ اللواتي تم الاستغناء عنهم/ن، وكان المبرر أن المؤسسة الكبرى تريد فقط المعينين/ات في المؤسسة أما السبب غير المعلن هو زواج نورا.
بحسب نورا فإن عدم تعيينها كان سببا في سهولة الاستغناء عنها، لأنها لو كانت معينة لحصلت على إجازة بدون مرتب مع الاحتفاظ بالتأمينات أسوة بزملائها الرجال الذين تم الاستغناء عنهم في نفس خطة التصفية.
نهاية مسيرة
إذا كانت الحالات السابقة استطاعت استكمال مسيرتها الصحفية بصورة أو بأخرى، فإن الآء حسن لم تستطع استكمال هذه المسيرة، واضطرت إلى تغيير مجال عملها، بسبب استبعادها من التعيين أكثر من مرة خلال 10 سنوات في مؤسستين، قضت في الأولى 6 سنوات بينما قضت في الثانية 4 سنوات.
تقول آلاء: عقب ثورة يناير كانت الصحافة المصرية في حالة انتعاش، التحقت حينها بالعمل في مؤسسة حديثة الإصدار نسبيًا ورغم فخر الصحيفة بأنها تلتزم بالمؤسسية، إلا أن التعيينات لم تخضع لأي مؤسسية، وخلال السنوات اللاحقة للثورة عينت المؤسسة 4 دفعات لم يكن في كل دفعة إلا اثنين أو 3 نساء على أقصى تقدير، رغم أن الأقدمية لصالحهن.
تقول آلاء التي لم تتزوج حتى الآن، كانت حُجة إدارة التحرير دائما أن تعيين النساء ليس أولوية لأنهن يتركن الوظيفة ويحصلن على إجازة بدون مرتب بعد التعيين، استمر هذا الوضع 4 دفعات فوجئت فيها بتعيين شباب تخرجوا قبل تعيينهم بعام أو اثنين فقط.
مع استمرار تجاهل تعيين آلاء، تركت المؤسسة وفي اعتقادها أن الأزمة في هذه المؤسسة فقط، لكن مع التحاقها بمؤسسة أخرى، استمرت فيها لـ 4 سنوات أخرى لم تستطع خلالها الحديث عن تعيينها لأنها فوجئت بنساء مستبعدات من التعيين قبل التحاقها بسنوات ولم يصبهن الدور بعد، مما أفقدها الأمل في الالتحاق بالنقابة، أو الاستمرار في المهنة التي يشترط فيها عضوية النقابة حتى لا يستطيع أي شخص اتهامها بانتحال الصفة، قررت ترك المهنة والعمل كـ كاتبة محتوى في شركات الإعلان.
ما جرى مع آلاء جرى أيضا مع غادة سعد الذي تركت العمل نهائيًا واكتفت بدورها كأم وزوجة بعد استبعادها من التعيين في المؤسسة التي عملت بها منذ كانت في الجامعة.
تقول غادة: التحقت بالعمل في إحدى المؤسسات الصحفية وأنا في الفرقة الثالثة في الجامعة كمتدربة، وسرعان ما استطعت إثبات وجودي، الأمر الذي دفع المؤسسة لطلب استمراري في العمل بعد فترة التدريب.
وتضيف غادة: خلال 6 سنوات عملت فيها دخل المؤسسة كان منها 4 أعوام كخريجة استحق التعيين لكن لم تر المؤسسة أنني أستحق ذلك، رغم أنني كنت أقوم بمجهود مضاعف، لدرجة عملي في شيفتات مسائية تنتهي منتصف الليل فقط من أجل إثبات أنني كُفء مثل أي زميل بالمؤسسة، إلا أن هذا لم يشفع لي لدى هيئة التحرير التي استبعدتني من التعيين أكثر من مرة، وحين تحدثت مع مدير التحرير أخبرني بصورة صريحة أن الأولوية للزملاء الرجال لأنهم “أصحاب بيوت”.
نفس الحجة التي ساقها مدير التحرير لـ”غادة” هي كانت الحجة لعدم تعيينها بعد ارتباطها بزوجها الحالي، فبعد زواجها كانت المؤسسة تقوم بتعيين دفعة جديدة، لكنها فوجئت باستبعادها مرة أخرى وحين سألت قيل لها إنها تزوجت، وسريعا ستصبح أم مما يقلل من كفاءتها، وهو ما دفعها لترك العمل؛ ومع انجابها لتوأم اضطرت للتفرغ لهم، وترك الصحافة بصورة نهائية.
من جانبها، تقول إيمان عوف، مقرر لجنة المرأة بمجلس نقابة الصحفيين، إن هناك ممارسات سلبية داخل بعض المؤسسات الصحفية ولكن لا يمكن القول بأنها ظاهرة، لأنه لا توجد شكاوي لدى لجنة المرأة أو النقابة بهذا المحتوى، كما أن كل لجان القيد نسبة كبيرة منها نساء، كما تبلغ نسبة النساء في الجمعية العمومية نحو 40%.
ومع ذلك لا تنفي مقرر لجنة المرأة، وجود ممارسات سلبية لكنها تتركز بحسب رؤيتها في المؤسسات الخاصة، فمثلاً في إحدى المؤسسات، ومع تولي رئيس تحرير جديد جرى استبعاد النساء من الشيفتات، وعند التعيين تم استبعاد عدد كبير من النساء من التعيينا، وكذلك رئيسة قسم قامت بتخيير زميلة صحفية بين التعيين أو الزواج، وهو ما يضع ضغط على النساء، ويجعلهن مقيدات في اختياراتهن الخاصة بحياتهن الشخصية، لأنهن يعاقبن على دورهن البيولوجي.
في النهاية، رأت إيمان أن النساء يعاقبن على الدور البيولوجي بطريقة أخرى وهي خصم درجات من الدرجات المؤهلة للترقيات بسبب حصولهن على إجازة وضع أو رعاية طفل بالمخالفة للقانون، معتبرة أن وجود 9% فقط من النساء في القيادات الصحفية مؤشر قوي لوجود تمييز ضد النساء، ولكن حتى الآن لم تتلقى نقابة الصحفيين أي شكاوى بخصوص ذلك.