هل التصوير في الشوارع جريمة؟

جربت قبل كدة كصحفي أو مصور صحفي ترفع كاميرا وتصور فى الشارع أو فى مكان عام؟، كانت إية النتيجة؟.. النتيجة بالتأكيد إما التصوير بأمان وسلام والرجوع سالمًا غانمًا بكادرات لطيفة، وإما أن يظهرلك شخص ما ويمنعك من التصوير ويسألك عن التصريح، وفى الحالة دي إما أن تنسحب بهدوء وتصور فى مكان تاني بعيد عن الأنظار مفيش فيه أفراد شرطة، أو ترجع إلى مقر عملك بعد فشلك فى إنجاز مهمتك، لأن نتيجة المواجهة هتكون وخيمة، فربما يتعمللك محضر تصوير دون تصريح وتحتجز فى قسم الشرطة، وتعرض على النيابة اللى هتحقق فى الواقعة وتصدر قرارها، وقبل أن يتم الإفراج عنك هيقوم مركز الشرطة بعمل التحريات اللازمة والاستعلام عن سجلك الجنائي والأمني، ولو كنت سعيد الحظ هتخرجك بعد ساعات أو عدة أيام، أما لو كنت سيئ الحظ فسيتم احتجازك شهورًا أو بضعة سنوات، وخير مثال على كدة ما حدث لمحمود أبو زيد شوكان اللي أخلي سبيله مع إجراءات احترازية بعد نحو خمس سنوات قضاها في السجن على ذمة قضية فض اعتصام رابعة العدوية في أغسطس 2013، بعد أن ألقت الشرطة القبض عليه أثناء تصويره أحداث الفض.

– بالإضافة إلى واقعة شوكان، فيه وقائع كتيرة لصحفيين ومصورين تم إلقاء القبض عليهم خلال تصويرهم فى الشارع ربما كانوا أكثر حظًا منه، فى الأسبوع اللى فات مثلا، أرسلت قناة فضائية خاصة وبعض المواقع الإخبارية مصورين وصحفيين تابعين ليهم، لتغطية مؤتمر صحفي لطبيب فى نقابة الأطباء، للحديث عن مشروع جديد ليه هيفيد المصريين يعتزم تطبيقه فى مصر، وفور وصول المصورين والصحفيين إلى مقر النقابة تفاجئوا بعدم وجود مؤتمر من الأساس، وفى الوقت نفسه أحد المصورين قابل الطبيب داخل النقابة وسأله عن سبب عدم إقامة المؤتمر،، فرد عليه الطبيب وكشف ليه رغبته فى أن يتم استغلال التواجد الإعلامي، فى إجراء لقاء صحفي خارج النقابة لأن عنده مشكلة مع نقيب الأطباء تمنعه من التصوير داخل النقابة، فقال له المصور أن دا مخالف لأن المنطقة حيوية ومليئة بالكاميرات ويمكن حدوث مشاكل، فأكد له الطبيب، أن الأمر لن يستغرق وقتًا طويلًا، وعندما بدأ المصور التسجيل مع الطبيب فوجئ بظهور عدد من الشباب يحملون لافتات دعمًا للطبيب (الطبيب كان منسق مع الشباب)، وفي أقل من 3 دقائق حضرت الشرطة وطوقت المكان، وبادر رئيس المباحث بسؤالهم عن سبب تواجدهم، ثم اصطحابهم للقسم وعند عرضهم على النيابة وجهت له تهمة “التظاهر”، وتم إخلاء سبيلهم فجر الجمعة الساعة 2 ونصف صباحًا بعد قضاء 3 أيام فى الحجز.

– وهناك واقعة أخرى حدثت عام 2015 بطلها صحفي ومصورة صحفية، نزلا الشارع لعمل تقرير مصور مع طلاب أحد المعاهد الأزهرية بعد انتهاء يومهم الدراسي، وعندما علم شيخ المعهد بوجودهم بالخارج طلب منهم الدخول إلى المعهد وبعد دخولهم، طلب منهم إظهار تصريح تصوير صادر من قطاع المعاهد الأزهرية، ولكنهم قالوا إنهم يصورون بالشارع وليس داخل المعهد الأزهري، بالتالي هما مش بحاجة للحصول على تصريح من الأزهر، على الفور اتصل شيخ المعهد بالشرطة وتم إلقاء القبض على الصحفي والمصورة، وتم احتجازهما فى قسم شرطة الساحل لساعات طويلة، وتم عرضهم على النيابة العامة، التى قررت الإفراج عنهم.

– موقف آخر بطله مصور صحفي أوقفته الشرطة أثناء تصويره لقطات عامة في شارع جامعة الدول العربية بمحافظة الجيزة غرب القاهرة، وتم احتجازه في قسم الشرطة مدة يوم رغم امتلاكه ما يثبت جهة عمله، وتعرض للاستجواب، فضلا عن حذف اللقطات المصورة.

وفى السويس ألقت قوات أمن السويس القبض على 3 صحفيين، أثناء تصوير فيلم تسجيلي عن رموز الثورة والمقاومة فى السويس، وتم سؤالهم عن تصاريح رسمية لتمكينهم من تصوير تقريرهم الصحفي، ولأنهم لا يحملون مثل ذلك التصريح تم اقتيادهم إلى قسم شرطة السويس بتهمة التصوير بدون تصريح، وبعد عرضهم على النيابة قررت الأخيرة إخلاء سبيلهم على أن يتم عرضهم على الأمن الوطني للتأكد من عدم تورطهم فيما يضر الأمن الوطني. وهناك عشرات الوقائع والأمثلة ولكن المجال لا يتسع للحديث عنها الآن.

السؤال هنا هل التصوير فى الشوارع أو الأماكن العامة جريمة؟ ، بالطبع التصوير ليس جريمة طالما لا يوجد فى القانون نص عقابي عليه، وطالما لا يتم فى أماكن محظورة أو يستخدم محتواه لأغراض إجرامية أو دون علم من يتم التصوير معهم. و فى يناير 2021، أصدر مجلس الوزراء المصري بيانًا، أكد فيه أن التصوير في الأماكن العامة غير مخالف للقانون طالما أنه لم يتنافى مع الآداب العامة، وأن المكان غير محظور التصوير فيه، ودعا البيان إلى ضرورة الالتزام بالحفاظ على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين أثناء التصوير، باعتبار الاعتداء عليها جريمة يعاقب عليها القانون، واستعرضت المادة (309) مكرر من قانون العقوبات، و المادة (25) من قانون تقنية المعلومات، الحالات التي تستلزم توقيع العقوبة على الشخص الذى يقوم بالتصوير وينتهك حرمة الحياة الخاصة للغير.

هل يتطلب الأمر الحصول على إذن أو تصريح قبل التصوير؟ الإجابة على السؤال هنلاقيها موجودة فى اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الصحافة والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 180 لسنة 2018، اللى بتنص على أنه “لا يجوز إجراء أي تسجيل أو تصوير أو لقاءات في الأماكن العامة بهدف عرضها على الوسيلة الإعلامية إلا بعد استخراج التصريح اللازم لذلك من المجلس الأعلى للإعلام و يحدد المجلس ضوابط وإجراءات وشروط منح التصريح و مدته” .

مش بس كدة اللائحة التنفيذية للقانون، نصت كمان على “أنه لا يجوز تقديم خدمة نقل المحتوى مسجلا أو مباشرا من داخل جمهورية مصر العربية الى وسيلة إعلامية أو موقع إلكتروني يعمل من خارج الجمهورية إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى ووفقا للقواعد و الشروط التي يضعها و أنه في جميع الأحوال لا يجوز تقديم الخدمة الا داخل المناطق الإعلامية المعتمدة من المجلس الأعلى و يستثنى من ذلك من يصرح له من المجلس الأعلى كتابة بتقديم الخدمة خارج المناطق الإعلامية المعتمدة شريطة أن يكون للشركة أو المكتب استوديو يباشر منه أعماله داخل الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي”.

طب ليه الدولة المصرية لجأت لضبط مسألة التصوير فى الشوارع والأماكن العامة باشتراط الحصول على إذن مسبق للتصوير؟، إحنا فى المرصد المصري تواصلنا مع اللواء أشرف أمين الخبير الأمني والاستراتيجي، للحصول على إجابة، وبدوره أكد لنا الخبير الأمني، أن بعض التقارير المصورة قد تسبب بعض الإشكاليات خاصة تلك التى تتعلق بالأمن القومي والاستراتيجي للبلاد كتصوير أفلام تسجيلية على سبيل المثال، لذا رأى المشرع المصري ضرورة الحصول أولًا على موافقة من جهاز الإعلام بوزارة الداخلية أو النيابة العامة قبل التصوير.

الخبير الأمنى أوضح كمان أن الحصول على تصريح أمني قبل التصوير خاصة فى الأماكن الحيوية، أمر متبع فى كل الدول وليس بدعة مصرية، وأن هذا القرار قديم ولكن تم تفعيله بشكل كبير فى السنوات الماضية لمنع تصوير وإرسال مواد فيديو للقنوات الخارجية المعادية للنظام السياسي الحالي، ويحكى الخبير الأمنى أنه :”بعد ثورة 30 يونيو 2013، قامت القنوات المعادية للنظام المصري الحاكم التى تنطلق من الخارج، بالتواصل مع مصورين وصحفيين من أجل إعداد وعمل تقارير صحفية مصورة، تركز على السلبيات فقط، وتعكس صورة ربما تكون مغايرة للواقع الذى يعيشه المواطن، وكانت القنوات المعادية تستخدم هذه التقارير المصورة كأسلحة تهاجم بها الدولة المصرية”.. بالتالي رأت الدولة المصرية، عدم السماح بأي تحقيق ميداني مصور دون الحصول على تصريح مسبق، حتى لو كان التحقيق يتبع مواقع أو صحفا وقنوات تعمل داخل البلاد ومعروف عنها عدم معارضتها للنظام السياسي.
وبشكل عام؛ احنا في المرصد المصري للصحافة والإعلام شايفين إن القرارات والقوانين اللي فوق بتخالف الافتراض الأساسي، اللي هو أن “الأصل الإتاحة والعلانية وليست السرية”، طبقاً للاتفاقيات والتشريعات الدولية اللي مصر موقعة عليها، وكمان بتخالف الاتجاه العام لمبادئ الدستور اللي بيميل إلى تنظيم الحريات عن طريق تشريعات لاحقة، واللي هي عكست اتجاه الحكومة في التضييق على الحريات الإعلامية وفرض السيطرة على وسائل الإعلام، عبر الغطاء التشريعي. وكان ممكن القوانين أو القرارات تكون محددة بالضبط ايه هي الأماكن اللي ممنوع فيها التصوير؟ وعددها كام؟، ومنها ايه اللي بيتطلب تصريح؟، بدال ما تعتبر أن كل الأماكن ممنوع فيها التصوير، وكمان كان مهم أن تعتبر “التصوير الصحفي غير القانوني” مخالفة مهنية، صاحبها يتحاسب عليها قدام نقابته المختصة.. أنتوا كمصورين صحفيين رأيكم ايه؟؟؟

المصادر فى أول تعليق:

https://cutt.us/DISD5

https://cutt.us/2PuhK

https://cutt.us/Zoyaf

زر الذهاب إلى الأعلى