قانون الجريمة.. ما بين الحرية والتقييد

للاطلاع على الورقة كاملة:

ورقة الجريمة الالكترونية 

تخصص هذه الورقة الحديث حول أحد أهم القوانين المصرية المتعلقة بحرية تداول المعلومات من خلال الشبكة العنكبوتية، وهو قانون الجريمة الإلكترونية رقم 175 لسنة 2018، لكن وقبل أن نتعرض لهذا القانون، لابد وأن نلقي نظرة سريعة على الموقف الحقوقي الدولي من الجريمة الإلكترونية.

فقد كان لظهور شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت” دورًا كبيرًا في تطور تدفق المعلومات، سواء على المستوى الدولي أو المحلي، الأمر الذي كان له بالغ الأثر على تطور مفاهيم حرية الرأي والتعبير وتداول المعلومات.

 كما دفع  وجود  التقنيات الحديثة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وشبكة الإنترنت إلى ظهور  أنشطة جديدة من الجرائم لم يكن للبشرية سابق عهد بها، وتتميز هذه النوعية من الجرائم بأنها معقدة في طرق ارتكابها، ووسائل كشفها، كما أنها ذات طابع دولي، لذلك أصبحت تمثل خطرًا داهمًا يؤرق دول العالم بأسره، وسنحاول في هذا المبحث التعرف على بعض جوانب الجريمة الإلكترونية، من حيث المفهوم والطبيعة القانونية، والخصائص، وغير ذلك من الأمور التي تساعد على فهم مبسط للجريمة الإلكترونية. 

و صاحب ذلك أيضًا وجود أنماط من الاتفاقيات الدولية والحقوقية، تؤطر من الزاوية القانونية لكيفية ممارسة حرية الرأي والتعبير من خلال الأجهزة اللوحية والشبكة العنكبوتية، وكان لزامًا على المجتمعات المحلية أن تضع من القوانين ما يتناسب مع تلك الأنشطة الحديثة.

وقد أدى التطور المتلاحق للإنترنت وانتشار أجيال جديدة وأنواع مختلفة من أجهزة الحاسب الآلي إلى مضاعفة المخاطر والاعتداءات على الحريات الشخصية والملكية الخاصة، بل وعلى مصالح الدولة، مما حذا ببعض الدول أن تقر اتفاقيات تقرر تجريم بعض الأفعال الحادثة عبر الوسائل الإلكترونية أو بواسطتها، كما كان ذلك مؤديًا إلى وجود تشريعات داخلية متتابعة لمسايرة هذه الأنشطة الحديثة، ولكن لابد أن تتماشى هذه النصوص القانونية مع ما أقره الدستور المصري بخصوص كيفية ممارسة الأفراد لحرياتهم، وحقوقهم المنصوص عليها في الدستور المصري، وأن يحافظ من زاوية ثانية على الحقوق المتعلقة بممارسة تلك الأنشطة، وهو ما يعني الحفاظ على مبدأ المشروعية وخضوع الدولة للقانون، وما يرتبط بذلك من مبادئ أو قيم دستورية.

يجب أن يكون ذلك التشريع المستحدث متفقًا والإطار العام للحقوق والحريات من ناحية، ومتناسبًا مع ممارسة حرية التعبير عن الآراء من ناحية أكثر عمقًا، وذلك لا يكون إلا من خلال كون هذا التشريع غير مقيد لممارسة حريات الرأي والتعبير أو منقصًا من قدرها، أو مضيقًا من حدود تنظيمها، متفقًا في ذلك بنصوصه مع ما أورده الدستور المصري بخصوص إقراره للحقوق والحريات، ومتناسقًا مع ما أوردته الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ليس من خلال احتسابها جزءًا من القانون المحلي، حال إقرار الدولة وانضمامها لهذه الاتفاقيات وحسب، بل أيضًا بحسب كونها الأساس الديمقراطي والحقوقي لأي تنظيم قانوني متعلق بالحقوق والحريات، حال عدم إقرار الدولة لأي من هذه الاتفاقيات.

 

زر الذهاب إلى الأعلى