اعتداء مسلح على الصحفي عبده مغربي أثناء تغطيته للانتخابات في قنا

وثق المرصد المصري للصحافة والإعلام، الإثنين 15 ديسمبر 2025، واقعة الاعتداء على الصحفي عبده مغربي، مؤسس منصة “الشارع القنائي”.

قال الصحفي في حديثه للمرصد إن منصة “الشارع القنائي” هي منصة صحفية محلية تسعى لتقديم تجربة مميزة في تغطية الأحداث بمحافظة قنا، ويعمل بها 35 صحفيًا/ة (نقابي وغير نقابي)، وتهتم بشكل خاص بمحاربة ظاهرة انتشار المخدرات، حيث “ينتشر مخدر الشابو بصورة كبيرة، وعادة ما تقود تغطياتنا لهذه الجرائم إلى الكشف عن شبكات الاتجار بها بشكل شهري”.

وأضاف: “نهتم كذلك بتغطية الأحداث الناجمة عن النعرات والعصبية القبلية، ونغطي أيضا أداء المجالس المحلية وأداء نواب البرلمان عن محافظة قنا. ولذلك، تحقق المنصة انتشارا واسعا، إذ يبلغ حجم المشاهدات الشهرية نحو 100 مليون مشاهدة”.

ووفق مغربي، خلال الفعاليات الانتخابية الأخيرة، كان للمنصة حضور واضح ودقيق، ورصدت التجاوزات المتعلقة بالرشاوى الانتخابية والمال السياسي وغيرها من الوقائع التي تشكك في نزاهة المشهد الانتخابي. ونتيجة لذلك، صدر القرار بإعادة الانتخابات في محافظة قنا بالكامل، التي تغطيها أربع دوائر في الانتخابات الأخيرة. وقد أكدت نتيجة الإعادة صحة التجاوزات والانتهاكات التي رصدتها المنصة، إذ تراجعت أعداد الأصوات التي حصل عليها بعض المرشحين بين المرحلة الأولى ومرحلة الإعادة بشكل كبير. على سبيل المثال، حصل أحد المرشحين في المرحلة الأولى على 65 ألف صوت، بينما حصل في الإعادة على 4 آلاف صوت، فيما حصل مرشح آخر على 4 آلاف صوت في المرحلة الأولى، وارتفع في الإعادة إلى 25 ألف صوت.

وتابع: “بعد صدور قرار إعادة الانتخابات في قنا، حرصت على التواصل مع جميع المرشحين الذين خرجوا من المشهد الانتخابي في مرحلته الأولى، كجزء من متابعتي لتطورات المشهد ونبض الشارع. وأثناء عودتي من زيارة أحد المرشحين في مركز دشنا، وأثناء قيادتي للسيارة، اعترض طريقي سبعة مسلحين يستقلون دراجات نارية. استوقفوني وحطموا زجاج السيارة بمؤخرات بنادقهم، ثم فتح أحدهم باب السيارة وضربني بمؤخرة البندقية، محالًا سحبي خارجها؛ هنا صرخ فيه آخر ليكف عن محاولات إخراجي ويطلق النار عليّ وأنا مكاني، لكنني تمكنت من الهروب بالسيارة بسرعة فائقة، وأطحت بإحدى الدراجات النارية التي كانت تعترض طريقي”. 

وأكمل مغربي: “ولخوفي من وجود كمائن أخرى على الطريق، نزلت بالسيارة إلى الأرض الزراعية على جانب الطريق، وعبر مسار غير اعتيادي وصلت إلى قسم الشرطة وأبلغتهم بما حدث. كنت قد فقدت هاتفي، وعبره تمكنت الشرطة من القبض على ثلاثة من المعتدين، ولا يزالون محبوسين قيد التحقيق”.

وأضاف: توقعت أن يكون ما حدث ارتكبه أحد شبكات الاتجار في المخدرات التي تضررت من تغطياتنا لنشاطاتها، لكن ما كشفت عنه التحقيقات أن المتورطين محسوبين على أحد المرشحين للبرلمان. وقد كانت هذه المرة الأولى التي أتعرض فيها لمحاولة قتل بسبب تغطيتنا الصحفية.

ورغم أن الحادثة وقعت يوم الأحد 7 ديسمبر الجار، يقول الصحفي عبده مغربي، إن نقابة الصحفيين “لم تتابع الموضوع أو تلقي له اهتمام، إلا بعد مرور أيام، وبعد أن بادرت بالاتصال بهم، ولم تصدر بيان إدانة لما حدث معي إلا بعد أسبوع كامل من حدوث الواقعة وبعد أن نشر عن الحادث عدة منصات صحفية، وكان من المفترض بمجلس النقابة أن يسارع في التواصل معي ودعمي بصورة تليق، خاصة أن الحادث غير معتاد، ومن غير المقبول أن يصل العداء للصحفيين/ات إلى حد محاولة الاغتيال.  

وينوه المرصد المصري للصحافة والإعلام، أنها حاول على مدار الأيام الماضية التواصل مع الصحفي عبده مغربي، لتوثيق ما جرى معه إلا أنه تعذر الوصول إليه بسبب فقد هاتفه المحمول خلال الواقعة.

وفي 10 ديسمبر الجاري، كشفت وزارة الداخلية ملابسات الواقعة، ﻻفتة إلى أنه بتاريخ 7 ديسمبر الجارى تبلغ لمركز شرطة قوص بمديرية أمن قنا من (أحد الصحفيين- مقيم بمحافظة القاهرة) بأنه حال قيادته سيارته بدائرة المركز قام بعض الأشخاص “أحدهم ملثم” بإستيقافه والتعدى عليه بالضرب وقيام أحدهم بكسر زجاج سيارته الأمامى بدبشك بندقية آلية حال قيامه بالتحدث مع أحد أصدقائه بالهاتف وسماعه ترديد الجناه إسم أحد المرشحين فى الإنتخابات البرلمانية، وإكتشافه فقد هاتفه المحمول.

وقالت الداخلية – في بيانها آنذاك – أنها تمكنت من ضبط مرتكبى الواقعة (عاملين ، سائق  – مقيمون بدائرة المركز)، ﻻفتة إلى أنه “بمواجهتهم اعترفوا بارتكاب الواقعة، وتم بإرشادهم ضبط السلاح النارى المستخدم فى التعدى والهاتف الخاص بالمجنى عليه. 

وأعربت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، مساء الأحد 14 ديسمبر الجاري، عن تضامنها مع الزميل الصحفي عبده مغربي، وإدانتها للاعتداء المسلح الذي تعرض له، من قبل محسوبين على مرشح برلماني في محافظة قنا، عقاباً له على قيامه بدوره المهني، في محاولة لترهيب الصحفيين ومنعهم من فضح الانتهاكات. وثمنت اللجنة التحرك السريع من جانب الأجهزة الأمنية للقبض على الجناة وشددن على أنها تنظر ببالغ الجدية إلى هذا الحادث الذي يمثل تعدياً على سلامة الزميل وحقه الأصيل في ممارسة عمله الصحفي بحرية وموضوعية، وهو الدور المنوط به لنقل الحقيقة وخدمة الشأن العام.

وطالبت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين – في بيانها – بضرورة ضبط باقي المتورطين في الحادث ومحاسبة من يقف خلفهم. ونناشد الجهات المختصة اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سير التحقيق بشكل عادل وشفاف ومحاكمة المتورطين فيه.

ويُعلن المرصد المصري للصحافة والإعلام تضامنه الكامل مع الزميل الصحفي عبده مغربي، مؤسس منصة الشارع القنائي، ويؤكد أن ما تعرّض له يُمثّل تصعيدًا بالغ الخطورة في استهداف الصحافة المحلية المستقلة، ولا سيما المنصات التي تؤدي دورًا رقابيًا مباشرًا في كشف المال السياسي وأنماط العنف المرتبطة بالعمليات الانتخابية.
ويرى المرصد أن الاعتداء المسلح على صحفي بسبب محتواه المهني لا يمكن التعامل معه باعتباره واقعة فردية معزولة، بل يُعد مؤشرًا على مناخ عدائي متنامٍ تجاه العمل الصحفي خارج المركز، ويكشف عن هشاشة ضمانات السلامة المهنية للعاملين في الإعلام، خاصة في المحافظات والمناطق الطرفية.
ويؤكد المرصد أن الصحافة المحلية تمثل رافعة أساسية للمساءلة المجتمعية، وأن استهداف منصات ذات انتشار واسع وتأثير جماهيري، مثل الشارع القنائي، يعكس محاولة واضحة لإعادة ضبط المجال العام بالقوة، وترهيب الأصوات التي تُصرّ على توثيق الوقائع وكشف الانتهاكات.
وانطلاقًا من مسؤوليته المهنية والحقوقية، يشدد المرصد على أن:
– الاعتداء على الصحفيين خلال فترات الانتخابات يُقوّض نزاهة العملية الانتخابية ويُفرغها من دورها الرقابي.
– حماية الصحفيين/ات ليست إجراءً أمنيا ظرفيا، بل التزام قانوني أصيل بموجب الدستور والاتفاقيات الدولية.
– الإفلات من العقاب في مثل هذه الوقائع يُشجّع على تكرارها ويُعمّق مناخ الخوف داخل غرف الأخبار المحلية.
ويؤكد المرصد متابعته لتطورات القضية ورصده لمسار التحقيقات، واحتفاظه بحقه في اتخاذ كافة المسارات الحقوقية والإعلامية اللازمة، لضمان عدم طمس الحقيقة أو التعامل مع الواقعة بوصفها حادثًا عابرا؛ فالصحافة ليست هدفًا مشروعا، وسلامة الصحفيين خط أحمر.

 

زر الذهاب إلى الأعلى