تطفيش وغياب عقود وحرمان من التأمينات: شهادات الصحفيين تكشف عمق أزمة “صدى البلد”

وثّق المرصد المصري للصحافة والإعلام، خلال الفترة من 28 إلى 31 أغسطس 2025، شهادات عدد من الصحفيين والصحفيات الحاليين والسابقين العاملين بموقع وقناة صدى البلد، حول ما وصفوه بـ”سياسات التطفيش” وغياب الحقوق الأساسية، إلى جانب أوضاع العمل المتدنية.

وقد تواصلت وحدة الرصد والتوثيق بالمؤسسة مع 32 صحفي/ة، بينهم من لا يزالون على رأس العمل، وآخرون سبق أن عملوا بالمؤسسة وتم فصلهم تعسفيًا أو غادروها بسبب سياسات التعنت التي واجهوها، وقد تنوعت ردودهم بين من تحدث ووثق شهادته مع المؤسسة لكنه رفض نشرها، ومن رفض التعليق من الأساس، ومن علق وطلب عدم النشر، ومن وافق على الإدلاء بمعلوماته بشرط عدم ذكر اسمه، إضافة إلى آخرين تحدثوا بقدر أكبر من الأريحية، نعرض ذلك بشكل أكثر تفصيلًا في هذا الملف.

قرارات مفاجئة وسياسات مثيرة للجدل

أفاد الصحفي والمترجم أحمد قاسم، المحرر بموقع “صدى البلد” الإخباري، أنه رغم توقفه عن تسليم أي تكليفات منذ قرابة شهرين، فإنه لم يتلق أي تواصل من إدارة الموقع، رغم بقائه على قوة العمل رسميًا وعدم استلام مستنداته وأوراقه، وأوضح أنه تقدم قبل انقطاعه عن العمل بمذكرة رسمية إلى الشؤون القانونية، لكن الإدارة لم تحاول التواصل معه. 

وأشار إلى أن الإدارة أصدرت في وقت سابق قرارًا مفاجئًا بإلزام جميع الصحفيين بالحضور اليومي لمدة 5 أيام أسبوعيًا، وهو ما رفضه واحتج عليه، قبل أن تتراجع الإدارة لاحقًا عن القرار، مكتفية بيوم واحد حضور للمحررين وثلاثة أيام لرؤساء الأقسام وهيئة التحرير، وأضاف قاسم أن التراجع عن القرار جاء لامتصاص غضب الصحفيين إزاء قرارات خفض الرواتب والخصومات الكبيرة، معتبرًا أن غياب عقد عمل بينه وبين المؤسسة يجعله غير ملزم بالحضور الكامل، منتقدًا المرتبات المتدنية حيث شرح أن المرتبات ضعيفة ويعاني منها بشكل خاص، الصحفيين الأقدم بالموقع، إذ لم تتحسن رواتبهم بمرور الوقت، في حين الصحفيين الجديد تكون مرتباتهم أعلى، كما أن سياسات العمل نفسها غير مهنية، وطريقة التعامل غير محترمة والتعامل الإداري القائم على الأوامر المباشرة والتهديد بالفصل التعسفي “اللي مش عاجبه يمشي”. 

كما أشار قاسم إلى محاولة سابقة من الإدارة لإجبار الصحفيين على التوقيع على إقرارات تمنع الجمع بين العمل في الموقع والعمل بمكان آخر، إلا أن رفض الزملاء أوقف تنفيذ القرار.

تكدس في عدد الإصدارات وقلة الكوادر

وصفت محررة بالموقع الوضع داخل المؤسسة بقولها إن “صدى البلد” يمتلك عدة منصات، منها موقع القناة التلفزيونية، وثلاثة مواقع متخصصة في الرياضة والتعليم والعقارات، ونسخة إنجليزية، إلى جانب الموقع الإخباري الرئيسي الذي يضم أكثر من 300 صحفي، في حين تعتمد بقية المنصات على أعداد قليلة من المحررين، وأكدت أنه رغم إعلان المؤسسة مؤخرًا عن حاجتها لصحفيين، فإن الموقع الإخباري لم يشهد انضمام عناصر جديدة، وانتقدت غياب عقود العمل والتأمينات، وانخفاض الأجور إلى ما دون الحد الأدنى، في مقابل حصول عدد محدود على رواتب تتراوح بين 30 و40 ألف جنيه، معتبرة ذلك جزءًا من سياسات التطفيش.

أوضاع سلبية متراكمة

أكد  أيضًا أحد الصحفيين العاملين بالموقع منذ 8 سنوات وهو أيضًا عضو نقابة الصحفيين منذ 2013، على غياب العقود والتأمينات، وانخفاض الأجور، مشيرًا إلى أن الأوضاع كانت أكثر سوءًا في عهد رئيس التحرير السابق أحمد صبري، الذي اتُهم بتعيين رؤساء أقسام غير أكفاء وإعطاء الأولوية للمحررات على حساب المحررين، ومع تولي رئيس التحرير الحالي تحسنت بعض الأمور، ووضعت خطة لإعادة تقييم المحررين لكنها لم تكتمل بسبب صعوبات مختلفة.

وانتقد الصحفي -الذي طلب عدم ذكر اسمه- ما وصفه بـ”اللاإنسانية” في التعامل مع الصحفيين، قائلًا “الإدارة تحرص بشدة على حقوقها، أي خصم يسارعون في تنفيذه، في المقابل تباطؤ في دفع المستحقات” كما أشار إلى عدم توافر أي مظلة لأي نوع من الحماية مستشهدًا بصحفي أصيب بجلطة أثناء العمل ولم تتحمل المؤسسة أي شيء من قيمة علاجه، وآخر توفى خلال وجوده في العمل، فضلًا عن قرار سابق باستبعاد من بلغوا 60 عامًا، وهي سياسة تراجعت حدتها مؤخرًا.

كما تحدث الصحفي عن إعلان الإدارة حاجتها إلى صحفيين، وقال إن صاحب القرار كان أحد المسؤولين بالإدارة، والذي اتخذ هذا القرار بشكل منفرد، ومن ثم تراجعت الإدارة عن الإعلان، وتم فصل الشخص الذي قرر طرح الإعلان.

تجارب وانتهاكات متكررة 

حكى لنا أحد المصورين الصحفيين بالموقع والذي اعتذر عن ذكر اسمه،  أنه رغم امتلاكه عقدًا سنويًا يجدد تلقائيًا، فإنه لا يتمتع بأي تأمينات، ويتقاضى أجر أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور بعد مدة عمل تزيد عن عشر سنوات تخصم منها ضرائب قدرها 600 جنيه في الوقت الذي لا يتمتع فيه بأي تأمينات أو مظلة حماية حقيقية،  يستطرد المصور ويقول “لأني أسكن في منطقة بعيدة، فإني أتحمل تكلفة مواصلات يوميا 60 جنيه، من أصل مرتب لا يتجاوز 4 الاف جنيه شهريًا!” كما يشكو من المصورين الشباب، حيث يقبل هؤلاء العمل في المواقع مقابل 2000 جنيه مثلًا، بسبب رغبتهم في التعلم والحركة والتغطية، وما يوفره لهم ذلك من امتياز حضور المباريات في الاستاد مثلا باعتباره من لوازم التغطية، وهو ما تستغله المواقع الصحفية، وبدورها يقلص من فرص المصورين ذات الخبرة الأطول”.  

ويختم المصور الصحفي حديثه ويشير إلى أنه ليس لديه أزمة مع مسألة الحضور لمقر المؤسسة، فهو يذهب في الصباح ليأخذ معداته التي يصفها بـ “القديمة والمتهالكة”، ويخرج للعمل، ويعود في نهاية اليوم لإعادتها، لكنه يشتكي في المقابل أن الأوقات القليلة التي يقضيها في المقر تظهر إلى أي مدى “الحمامات” بالمكان ليست مجهزة.

أما حسام حسن، رئيس قسم البرامج السابق، فقد غادر في أبريل 2025 لأسباب تتعلق بضعف الرواتب وتعيين عناصر غير مؤهلة، بالإضافة إلى غياب التأمينات وتجاهل الإدارة لدعم الزملاء في أزمات صحية، فيقول عملت لمدة 8 سنوات في الموقع أي منذ عام 2017 موضحًا أنه عند تعيينه وقع على عقد عمل صوري عبارة عن “أبلكيشن”، لا يلزم أي طرف بأي التزامات حقيقية، وأشار إلى أن أسباب رحيله متعددة، أبرزها ضعف الرواتب؛ إذ كان يتقاضى 5 آلاف جنيه، وارتفع راتبه إلى 8 آلاف جنيه في ظل رئيس التحرير الجديد، إلا أن الخصومات المستمرة—خاصة بعد إلزام الصحفيين بالحضور اليومي للمقر—جعلت راتبه الفعلي أقل من المبلغ المعلن بعد الزيادة، كما انتقد قرارات رئيس التحرير بتعيين زملاء غير مؤهلين في قسم البرامج دون الرجوع إليه، وعند اعتراضه جاء الرد: “عشان ميزعلوش”، وأضاف أنه أبلغ الإدارة بقرار الرحيل، وحاول رئيس التحرير إقناعه بالبقاء، لكنه رفض.

وأكد حسام  أن الأوضاع في بداية عمله كانت مقبولة، إلا أن الأشهر الأخيرة شهدت توترات، على خلفية خلاف بين رئيس التحرير أحمد صبري ومالك المؤسسة محمد أبو العينين، بعد مطالب الصحفيين برفع الرواتب، ورهن وقتها المالك الموافقة على الزيادة بفصل جزء من الصحفيين بسبب زيادة أعدادهم، وهو ما رفضه صبري، ثم استقال من منصبه، ولاحقًا، ومع تعيين رئيس تحرير جديد، تمت الموافقة على زيادة الرواتب، لكن بالتوازي بدأت سياسات التطفيش.

وأشار حسام إلى أن غياب التأمينات الاجتماعية كان من بين دوافعه للرحيل، إضافة إلى وقائع خاصة أثرت على قراره، مثل حالة زميلهم محمد رشاد الذي أصيب بالسرطان، إذ لم تصرف الإدارة له سوى 5 آلاف جنيه كمساعدة.

وفي سياق متصل، أكد أحد الصحفيين والذي يعمل بالموقع منذ 12 عامًا، أنه لا يتقاضى الحد الأدنى للأجور، ولا يتمتع بأي تأمينات اجتماعية، وذكر أنه وزملاءه شكلوا رابطة للصحفيين القدامى بالموقع، لكن الإدارة لم تتجاوب مع مطالبهم.

وأضاف أن عدد أيام الحضور إلى المقر تم تقليصه إلى يوم واحد بدلًا من ثلاثة أيام، مشيرًا إلى أن ضعف الرواتب انعكس على قدرته على الحركة ومقابلة المصادر، وحتى على توفير ملابس مناسبة للتغطيات الميدانية، مؤكدًا أنه خلال تغطية انتخابات مجلس الشيوخ، قضى ثلاثة أيام في الشارع دون أن يتقاضى أي مقابل، بل تم خصم يوم من راتبه بحجة عدم الحضور إلى المقر، رغم وجوده في العمل الميداني، وأوضح أنهم تواصلوا مع نقابة الصحفيين بشأن أوضاعهم، لكن لم تسفر الجهود عن أي نتائج.

فيما أكدت إحدى الصحفيات بالموقع والتي تعمل منذ عام 2016، بموجب عقد عمل سنوي يجدد تلقائيًا، لكنها لا تحصل على أي تأمينات اجتماعية، وتصف الأوضاع داخل المقر بأنها “سيئة للغاية”، إذ يفتقر المكان إلى التجهيزات الأساسية، فالمكاتب والكراسي غير صالحة، ودورات المياه غير مجهزة، وأضافت أنها لم تحصل على أي زيادة في راتبها منذ خمس سنوات، رغم منح زيادات مالية لعدد من زملائها.

كما أوضح صحفي آخر في الموقع يعمل منذ ثماني سنوات، بدأ العمل في وظيفة فنية قبل الانتقال إلى القسم الحالي، وخلال هذه المدة، حصل على زيادتين محدودتين فقط في الراتب، الذي ما يزال أقل من الحد الأدنى للأجور، رغم أن متوسط مصروفات اليوم الواحد—بين طعام ومواصلات—يتراوح بين 120 و150 جنيهًا.

وأشار إلى أن عقد العمل تم توقيعه عند بداية التوظيف فقط، دون تجديد أو تحديث لاحق، وأن الحضور مطلوب يوميًا، لكن نظام البصمة يطبق ليوم واحد فقط في الأسبوع، ولا توجد تأمينات اجتماعية، كما أن المقر غير مجهز بالشكل المناسب.

وذكر الصحفي الذي فضل إخفاء هويته أن هناك خصومات شهرية متكررة بسبب التأخير، وأن غياب اللوائح المنظمة للعلاقة بين الصحفيين ورؤساء الأقسام يؤدي إلى كثرة الخلافات والتوترات، فمنذ شهور، صُرفت له مكافأة مالية، لكنها لم تُصرف فعليًا حتى الآن.

وأشار أيضًا إلى أن الإدارة أعلنت مؤخرًا عن تعيين موظفين جدد، في خطوة اعتبرها وسيلة لتخفيف الضغط الناتج عن مطالب العاملين بتحسين أوضاعهم ورفع الأجور، وفي الوقت ذاته للضغط عليهم عبر الإيحاء بأن البديل موجود ويمكن الاستغناء عنهم في أي وقت.

وعلى النقيض من غالبية الشهادات التي وثقها المرصد، جاءت شهادة أحد المحررين العاملين بموقع صدى البلد، الذي فضل عدم ذكر اسمه، حيث أشار إلى أنه رغم معاناة الموقع في فترات سابقة من نقص الخدمات ومستلزمات العمل الضرورية، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت تحسنًا ملحوظًا في بيئة العمل وتجهيزاتها، وأوضح أن الإدارة، بعد أن أصدرت قرارًا بإلزام جميع العاملين بالحضور خمسة أيام أسبوعيًا، تراجعت لاحقًا عن هذا القرار، وأضاف أن أي خصومات على الرواتب عادة ما تكون مبررة، معتبرًا أن الفروق الكبيرة في الرواتب بين الزملاء القدامى والجدد تُعد حالات فردية لا ترقى إلى أن تكون نمطًا عامًا.

خلفية الأزمة وتدخلات النقابة

تأتي هذه الشهادات في سياق أزمة أوسع رصدها المرصد المصري للصحافة والإعلام في تقارير سابقة، حيث تابعت المؤسسة ما كتبه نقيب الصحفيين خالد البلشي على فيس بوك، يدعو فيه رئيس مجلس إدارة مؤسسة صدى البلد، ووكيل مجلس النواب، رجل الأعمال محمد أبو العينين، إلى “مراجعة الإجراءات التي تم اتخاذها بحق الصحفيين في موقع وقناة صدى البلد”، وإلى التراجع عما أسماه نقيب الصحفيين في تعليقه “إجبار الصحفيين على توقيع إقرارات غريبة، وذلك للحصول على رواتبهم بدعوى تطبيق القانون” كذلك تخفيض الأجور في المؤسسة.

وكان المرصد قد تابع ما جاء في تعليق وكيل نقابة الصحفيين، محمود كامل، على فيسبوك بشأن المسألة نفسها؛ إذ كتب يقول:  “في الوقت اللي رئيس الجمهورية بيوجّه الحكومة فيه لاتخاذ حِزمة من الإجراءات الاجتماعية العاجلة، التي تتضمن رفع الحد الأدنى للأجور (…)، قرر رجل الأعمال الملياردير محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب، فرض إجراءات (تطفيشية) للزملاء الصحفيين العاملين في موقع صدى البلد وقناة صدى البلد، كما شارك معنا عدد من صحفيي صدى البلد رسائل الإدارة لهم/ن عبر تطبيق واتساب، والتي تضمّنت نصًا: السادة الزملاء أي زميل سيحرّض على عدم العمل كما سمعت من البعض، وأي زميل لن يقوم بمهام عمله حفاظًا على موقعنا، سواءً اتفق أو اعترض على أي شيء، سأعتبر ذلك موجّه لي مباشرةً، وهو أمر غير مقبول، ولن أسمح به، ولن أسمح بتراجع الموقع، كل رؤساء الأقسام فقط هيكونوا عندي السبت في “شيفتات” منتظمة 5 أيام، والجدول يتم تنظيمه مع مديري التحرير، وباقي الزملاء في الموقع يعملون كما هم من الخارج، لحين ترتيب طريقة حضورهم، وتوفير الإنترنت اللازم وبعض الأمور الأخرى”.

في ضوء ما سبق، تواصل وقتها فريق الرصد والتوثيق بالمؤسسة، مع 15 من الصحفيين/ات بمؤسسة صدى البلد؛ للوقوف على حقيقة وتفاصيل ما يحدث، أفادتنا شهادات 11 صحفي وصحفية، فيما رفض 4 التعليق.

تواصل فريق الرصد والتوثيق بالمرصد بأحد صحفيي صدى البلد (رفض ذكر اسمه)، الذي أفاد في شهادته، أن إدارة موقع صدى البلد، فرضت على الصحفيين/ات فيها، الأربعاء 7 فبراير 2024، توقيع إقرارات تُلزمهم بعدم العمل في أية أماكن أخرى، وتقرر حق الإدارة في فصل أي صحفي يثبت لاحقًا أنه يجمع إلى عمله بالصحيفة عمل في مكان آخر، مشيرًا إلى قرار الإدارة بإلزام الصحفيين بالعمل من مقر الصحيفة، من 5 إلى 8 ساعاتٍ يوميًا، مدة 5 أيام في الأسبوع.

وفي حديثه للمرصد، لفت الصحفي إلى هيكل الرواتب المتدنّي في المؤسسة؛ فمعظم الصحفيين/ات في الجريدة تتراوح مرتباتهم بين 2000 – 3000 جنيهًا شهريًا، مشيرًا إلى التفاوت الكبير بين أجور العاملين/ات، بينما تتراوح أجور هيئة التحرير بين 15 : 25 ألف جنيهٍ شهريًا، نجد أن أجور المحررين تتراوح بين 2800 : 3800 جنيه، فضلا عن وجود عاملين/ات بالمكان تقل مرتباتهم عن 2800 جنيه شهريَا. معظم هؤلاء يعمل دون عقد عمل أو تأمينات.

وفي تفسيره لما حدث، ذكر أن زيادة أعداد العاملين/ات بالمكان، أحد وجوه القضية، خاصة وأن أعداد الصحفيين/ات بالمؤسسة، في 2013، كان نحو 80 صحفي/ة، وأن هذا العدد يكاد يصل في الوقت الحالي إلى 400 صحفي/ة، مشيرًا إلى أن الأعداد كانت تزيد بمعدل 10 صحفيين/ات سنويًا، ثم تزايدت أعداد المُلتحقين/ات بالمكان بشكل غير مسبوق بداية من 2021، موضحًا أن عددًا كبيرًا من هؤلاء أتوا في إطار مجاملات، وأن الجانب الآخر للمشكلة، هو قرار المؤسسة في الفترة الأخيرة، بأن تتحوّل إلى مؤسسة ربحية.

وعن مستوى الخدمة التي يتلقاها الصحفيون/ات بالمكان، أكد في شهادته للمرصد، أن المكان غير مُجهّز؛ فلا مقاعد، وحمامات دون المستوى، وسرعة إنترنت محدودة.

صحفي آخر تواصل معه المرصد “رفض ذكر اسمه”، قال إن الأوضاع الحالية في صدى البلد، هي أوضاع قديمة لم يطلها أي تغيير، إلا في الأعداد الكبيرة من الصحفيين والصحفيات الذين التحقوا بالمكان، لافتًا إلى سيطرة شخص واحد على كل إصدارات صدى البلد، وهو ما يخلق الأزمة التي تشهدها المؤسسة في الموقع أو القناة.

وأضاف: “إن العاملين/ات بصدى البلد يعانون من ضعف المرتبات؛ حيث تقل عن الحد الأدنى للأجور، والبعض منهم يتقاضى أقل من 1500 جنيهًا”، مع إلزام العاملين/ات بحضور 5 أيام خلال الأسبوع، فضلًا عن عدم وجود عقود عمل، دون إضافة أية زيادات في ظل ارتفاع الأسعار غير المسبوق.

وفي شهادته أكد الصحفي ما جاء في الشهادة الأولى، من كون الإدارة أجبرتهم على توقيع إقرارات بالامتناع عن العمل في أماكن أخرى، ومنح الإدارة الحق في فصل الصحفي/ة الذي يثبت أنه يجمع بين العمل في مكانين، مع عدم إقرار زيادات، على الرغم من معدلات التضخم العالية، مضيفًا أن من المشكلات الرئيسية التي تعاني منها صدى البلد، أنها صحيفة غير “مكودة” بنقابة الصحفيين، وهو ما يحرم صحفييها من الالتحاق بالنقابة.

 صحفي ثالث بصدى البلد “رفض ذكر اسمه”، قال في شهادته للمرصد، إنه لم يتم اتخاذ أية إجراءات رسمية جديدة تزيد من الضغوط التي يعاني منها الصحفيين/ات في المؤسسة، مضيفًا أن المشكلة الأساسية هي ضعف الأجور، وعدم إبرام عقد عمل بين الصحفي والمؤسسة، أو تأمينات، لكنه استدرك بأن ذلك هو حال الصحافة الخاصة في مصر.

وعن التضييقات الجديدة على الصحفيين/ات بالمؤسسة، قال إن الإدارة تراجعت عن الإجراءات “التطفيشية”، إلا أن الأمور لم تتضح بصورة كاملة بعد.

جانب آخر من الصعوبات التي يواجهها الصحفيين/ات في صدى البلد، تظهر في حالة الصحفي نور الدين عبدالحميد، وهو صحفي مونتاج، يقول في شهادته للمرصد: “أبلغوني بوجود قرار من الإدارة بفصل كل من تعدّى عمره 60 عامًا، وحجزوا مرتب شهر يناير؛ لإجباري على الاستقالة، وهو ما اضطررت لقبوله”، يشير إلى أنه بدأ العمل مع صدى البلد في عام 2014، وأنه لم يحصل على مكافأة نهاية الخدمة.

وقالت صحفية في صدى البلد “رفضت ذكر اسمها”، إن الأجور أقل من الحد الأدنى بفارق كبير، في ظل إجبار العاملين بالموقع على الحضور 5 أيام أسبوعيًا مدة 8 ساعات، وأحيانًا أكثر.

واتفقت معها في شهادتها صحفية أخرى تعمل بالموقع نفسه منذ 4 أعوام، والتي أضافت: “إن المؤسسة لا تدفع أي مقابل إنترنت أو مواصلات”.

فيما أوضح صحفي سابع يعمل منذ 2017 بالموقع: “إن الرواتب متدنية في معظم المؤسسات الصحفية المصرية، وصدى البلد تعاني الأزمة نفسها، ولديها صحفيون يتقاضون أقل من 2500 جنيهًا، هو أجر غير عادل بالنسبة لـ5 أيام عمل أسبوعيًا، ولا تكفي حتى للمواصلات، أتوقّع حلًا للأزمة بعد تدخّل نقيب الصحفيين”.

وذكرت صحفية ثامنة “فضّلت إخفاء هويتها”، إنها تعمل في “صدى البلد” منذ 4 سنوات، وقد وقّعت على ورقة بمثابة عقد عمل بدون حقوق واضحة أو تأمينات، وفي رأيها يرجع انفجار الأزمة الأخيرة حاليًا، إلى مطالبة الصحفيين/ات بأجور عادلة في ظل الأوضاع الاقتصادية الطاحنة، مؤكدة أن الأجور غير كافية مقابل ما يؤديه العاملون/ات من عمل، وتابعت “المرتبات ميتة والشغل كتير”.

وأفادت صحفية تاسعة في شهادتها “للمرصد”، بأن الموقع واجه قرارات إدارية غير محسوبة خلال الأسبوعين الماضيين، ولكن مع تدخّل نقيب الصحفيين، وتواصله مع المالك، فإن الأزمة متوقع حلها تحديدًا بعد العدول عن قرار تخفيض الأجور، وإلغاء التوقيعات التي تم جمعها على أساس تعسفي.

 في المقابل تواصل المرصد المصري للصحافة والإعلام، مع المشرفة العامة لموقع صدى البلد إلهام أبو الفتح، والتي رفضت التعليق، لكنها أشارت إلى أن الفترة الحالية هي فترة تنظيم، ولن يُضار أحدٌ منها.

كما تواصل المرصد مع مسؤول تحرير آخر بصدى البلد “رفض ذكر اسمه، قال: “إن صدى البلد، بكل مؤسساتها، التي تشمل القناة والموقع، ومنصة تعليمية، وأخرى عقارية، لا تعاني من أي أزمات أو مشكلات؛ فالعمل 8 ساعات، مدة 5 أيام في الأسبوع، يقرره قانون العمل”.

وأضاف أن المؤسسة التي تجاوز عمرها 13 عامًا، وما تزال تسعى إلى التوسّع، وأن إلزام الصحفيين/ات بالعمل من مقار المؤسسة، ليس فيه أي تعنّت، لافتًا إلى عدم وجود أي إجراءات “تطفيشية” تتم بحق العاملين/ات.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى