سليمان الحكيم.. ملك العناوين الصحفية

تحل علينا اليوم الأربعاء الذكرى الثالثة لوفاة الكاتب الصحفي الكبير سليمان الحكيم، الذي رحل عن عالمنا يوم 5 أكتوبر 2019.

رحل الحكيم عن عالمنا بجسده قبل 3 سنوات، إلا أنه ما زال يحيا بيننا بكلماته التى سطرها بقلمه الرشيق، وعبرت بصدق عن ما يعتريه من مواقف تجاه الأحداث التي عاشها وتفاعل معها كمحلل سياسي وناقد فني، يناقش ويدافع باستماتة عن آراءه التي دائمًا ما كانت محل لوم وانتقاد من البعض، لكنه أبدًا لم يرفع الراية البيضاء في أيًا من معاركه، لم يستسلم للظروف الصعبة التي مر بها خلال مشوار حياته، ظل ثابتًا على مواقفه حتى آخر أيامه.

وُلد سليمان الحكيم في أول يناير 1950 بالإسماعيلية، وتخرج في قسم الصحافة بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1973، و نشأ الحكيم بين بوتقة من الكُتاب العظام، من أمثال: نجيب محفوظ وعباس العقاد، وأنيس منصور ومحمود السعدني، وترك ذلك أثرًا عليه، نهل من ثقافتهم وتعلم منهم.

وترأس الحكيم تحرير جريدة الجيل، وكان يعمل مديرا لتحرير سلسلة «اقرأ» بمجلة «أكتوبر»، كما كان من كتاب المقالات في «المصري اليوم» وعضوًا بالمجلس الأعلى للصحافة.

 

تميز الحكيم بين أبناء جيله من الصحفيين، بكلماته الرشيقة، واشتهر بعناوين مقالاته التى تحتوى على قفشات” ألش” وخفة دم، وكان الإعلامي حمدى قنديل يستعين بها دائمًا في برنامجه التليفزيوني ”قلم رصاص”، وهو من أطلق عليه لقب” ملك العناوين الصحفية”.

 

تعرض الحكيم للاضطهاد والتضييق فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، لرفضه اتفاقية «كامب ديفيد»، الأمر الذي دفعه للسفر إلى سوريا،، وكان ممثلا للفريق سعد الدين الشاذلي في سوريا حين شكل «الجبهة الوطنية المصرية» لمعارضة الرئيس الراحل أنور السادات بعد توقيعه اتفاقية «كامب ديفيد»، وظل بطلنا في دمشق لاجئا سياسيا إلى أن تم اغتيال السادات، بعدها عاد إلى مصر بعفو رئاسى أصدره الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.

 

ووفقا لتصريحات سابقة أدلت بها إسراء ابنة الراحل سليمان الحكيم للمرصد المصري للصحافة والإعلام، فإن الكاتب الصحفي أنيس منصور؛ هو من حذر والدها من بطش الرئيس السادات، وقال له:” خد باسبورك واطلع على المطار دلوقت، انت مطلوب أمنيًا”، واضطر الحكيم بعد هذا التحذير إلى مغادرة مصر دون أن يودع أهله وأصدقاؤه، وكان السبب مقالاته المعارضة لاتفاقية كامب ديفيد، وإقدامه على ضرب الصحفي الإسرائيلي” يوري أفنيري” بالحذاء، أثناء تواجده داخل مجلة أكتوبر، لانه كان ضد التطبيع.

وكان الحكيم يحتوى الكُتاب الشباب، في بداية حياتهم العملية، فعندما كان رئيسًا لتحرير كتاب التعاون، الصادر عن مؤسسة دار التعاون للطبع والنشر، حرص على تبني مواهب شبابية كثيرة، وساعدهم على نشر أعمالهم، وقدمهم للساحة الثقافية والأدبية، وكذلك الحال عندما شغل منصب رئيس تحرير جريدة الجيل، ساعد عدد من شباب الصحفيين ممن يشغلون اليوم مواقع هامة داخل المؤسسات الصحفية، هم أسماء مشهورة الآن لكن بداياتهم كانت مع الحكيم داخل الجريدة التى حقق فيها خبطات صحفية قوية كان لها صدى واسع وقتها، قبل أن تتوقف عن الصدور.

 

ولسليمان الحكيم عدد من المؤلفات السياسية والأدبية منها «اعترافات شيخ الشيوعيين محمود أمين العالم» و«شهادات في الفكر والسياسة» و«عبدالناصر والإخوان» و«تحية كاريوكا بين الرقص والسياسة» و«أباطيل الفراعنة» و«المعانى في الأغانى» و«بالفم المليان» و«يهود ولكن مصريون» و«نقوش على جدران الزمن» و«عبدالناصر والإسلام».

 

عاش “الحكيم” حياة المتواضعين والزهاد، ولم يحلم في يوم من الأيام بالأملاك ولا بالأطيان، فلم يهن ولم يضعف، ولم يكتب إلا ما تصور أنها سطور تقطر من دمه، وخاض معارك كثيرة، كان فيها فارسًا مغوارًا، وتروي ابنته أنه “طيله حياته، كانت الصحافة هي مهنته الوحيدة، لم يمتهن غيرها يوما ما، لهذا لم يكن له مصدر آخر سواها إلا فيما عدا تأليف الكتب، وكتابة الروايات والمقالات”.

 

توفي سليمان الحكيم في 5 أكتوبر 2019 في مستشفى الصدر بالإسماعيلية بعد صراع مع المرض، وشيع جثمانه مئات الأهالي من مسجد الجمعية الشرعية بقرية فنارة التابعة لمركز مدينة فايد بمحافظة الإسماعيلية، وكان في مقدمة حضور الجنازة عدد كبير من الصحفيين، والمواطنين إلى جانب قيادات تنفيذية بالمحافظة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى