داود بركات.. صحفى تولى رئاسة تحرير الأهرام 34 عامًا
على مدى أكثر من 34 عامًا، ركب داود بركات قطار الصحافة بالأهرام ، هذا القطار الذى تحرك من أولى محطاته عام 1899 وظل يسير بسرعة الصاروخ حتى وصل إلى نهاية محطاته وتوقف إلى الأبد فى عام 1933.
ولد داود بركات بقرية “يحشوش” في لبنان يوم 8 ديسمبر 1868، وأنهي دروسه وهو في سن المراهقة متقنا العربية والفرنسية والانجليزية، هاجر إلي مصر سنة 1887 طلبا لآفاق أوسع، وعمل في وظيفة حكومية في مصلحة المساحة بطنطا، ثم في التدريس في مدرسة زفتي، وحرر في جريدة المحروسة فترة من الزمن، ثم أنشأ مع صديقه الشيخ يوسف الخازن ونسيبه إبراهيم بركات جريدة الأخبار،
ومع انتقال جريدة الأهرام إلي القاهرة عام 1898 طلب بشارة تقلا من داود بركات عام 1899 أن يتولي رئاسة التحرير وظل في منصبه حتي وفاته سنة 1933، وفقا لما ذكره رياض نخول فى كتابه “داود بركات شيخ الصحافة العربية.. من بلاد الأرز إلي وادي النيل”.
ترأس داود بركات للأهرام لمدة 34 عامًا جعل البعض ينسبها إليه باعتباره المؤسس الثاني، الذي أدخل عليها تطويرا جعل منها الجريدة الأولى في مصر والعالم العربي، حيث تسلمها 4 صفحات، وسلمها 14 صفحة، انتهج فيها نهجا صحفيا وعلميا.
وشن داود بركات، حملة شرسة فى “الأهرام” على عميد الأدب العربي طه حسين بعد نشر الأخير كتاب “في الشعر الجاهلي”، بسبب تعرضه للقصة القرآنية عن نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل، وافردت “الأهرام” صفحتها للنيل من طه حسين وأفكاره، ونشرت لمشايخ الأزهر ومدرسي دار العلوم مطولات في ذم طه حسين وكتابه، وبهذه الحملة يكون بركات قد صنع معركة جعلت مصر تتابع جريدته وتتناقل المقالات التي هاجمت صاحب “في الشعر الجاهلي”.
واعتبر داود بركات، لسنوات طويلة من الشخصيات الصحفية ذات النفوذ الواسع في السياسة المصرية، بحيث كان يوجه الرأي العام والحكومات.
وقال رياض نخول في كتابه سالف الذكر أن “مكتب داود بركات في الأهرام كان مجتمعا أدبيا للساسة والكتاب، وكان الوزراء يقصدونه للتداول معه حول العديد من القضايا الكبري آخذين برأيه ونصائحه في المسائل المهمة، وقد لعب دورا سياسيا مهما، حيث أصبح المرجع الأهم للحكومات المصرية التي كانت تؤلف في مكتبه وتستقيل من مكتبه.
بينما قال صديقه بولس غانم “إنه ساس أمورها بحكمة وإخلاص، وقادها وسط العواصف قيادة الربان الماهر حتي أصبحت أرقى الصحف وأوسعها انتشارا، فأمكن الأهرام إبان الحرب العالمية وفي ظل الأحكام العرفية أن تطلع قراءها علي كل خفي ممنوع نشره من دون أن تتعرض إلي إيقاف أو تعطيل، وقد أطلق عليه شيخ الصحافة لما تحلى به من الثقافة العالية والمقدرة الصحفية ولمواقفه السياسية البعيدة عن المتاجرة بالمبادئ”.
وقال عنه محمد حسين هيكل رئيس تحرير جريدة السياسة لسان حال حزب الأحرار الدستوريين أن: “داود بركات قد تمثلت فيه إرادة أمة وثورة أمة.. أدى الوفاء للبنان الحبيب وأخلص الولاء لمصر العزيزة”.
كتب بركات في نهضة مصر الحديثة بعد إبراهيم باشا، وفي الثورة العرابية في الحجاز عام 1916 وحوادث السودان، كما كتب في السياسة الانجليزية في الشرق.
وحرص بركات خلال فترة رئاسته لتحرير الأهرام على كتابة مقال افتتاحي يومي عنوانه: “السياسة في العالم العربي”، وكان يتقاضى راتبًا شهريًا قدره 50 جنيها بحسب ما أورده أمير الصحافة محمد التابعي في روز اليوسف في نوفمبر عام 1926.
المصادر: