زي النهاردة.. مقتل مصور BBC وإصابة مراسلها في السعودية
في مثل هذا اليوم، من عام 2004، تعرض مراسل هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” للشئون الأمنية بالشرق الأوسط، فرانك جاردنر، مع المصور الصحفي الأيرلندي، سيمون كمبرز، إلى إطلاق نار، أثناء إعدادهما فيلمًا وثائقيًا عن تنظيم القاعدة، في السعودية.
الحادث الإرهابي
وقع الحادث عندما فتح مسلحون مجهولون النار على المراسل والمصور، بحي “السويدي”، الواقع في العاصمة الرياض، والذي كان يعتبر وقتها، معقلًا لأنصار تنظيم القاعدة، الأمر الذي أسفر عن مقتل المصور، سيمون كمبرز، عن عمر ناهز 36 عامًا، وإصابة المراسل، فرانك جاردنر، بـ 4 طلقات، تسببت له في إصابات بالغة، أجرى على إثرها نحو 12 عملية جراحية، ليُصاب في النهاية بشلل جزئي، أعجزه عن السير على قدميه مرة أخرى.
توقيت الحادث
جاء هذا الحادث، بعد أسبوع من تعرض مدينة الخُبر السعودية، إلى هجوم إرهابي، أطلق خلاله مسلحون النار بصورة عشوائية، على مركز بترول الخُبر، الذي يضم مكاتب شركات نفط غربية رئيسية، قبل أن يقتحموا ثلاثة مجمعات قريبة، ومنازل موظفين يعملون هناك، مما أودى بحياة 22 شخصًا، جميعهم من الأجانب، وقد تسبب هذا الهجوم آنذاك، في اضطراب وارتفاع في أسعار النفط.
تفاصيل الواقعة
في مقابلة مع صحيفة “الجارديان” البريطانية، نُشرت في 19 أبريل 2005، قال المراسل، فرانك جاردنر، إنه بعد إطلاق النار عليه أُلقي على الأرض، وبدأ يتوسل لمن اعتدوا عليه، باللغة العربية، ألا يقتلوه، وأضاف: “أجروا مناقشة سريعة بينهم، لم أتمكن من فهمها، ثم أفرغوا المسدس في جسدي، من نقطة قريبة”.
ووصف “جاردنر” تعبيرات وجه الرجل الذي أطلق عليه النيران، قائلًا: “كانت نظرة احتقار وكراهية، لم يعتبرني مراسلًا محايدًا، يحاول إعداد تقرير عما يحدث، اعتبرني عدوًا”.
بيان BBC
أصدرت هيئة الإذاعة البريطانية “BBC”، بيانًا، في ذات يوم وقوع الهجوم، أكدت فيه تعرض طاقمها لإطلاق نار، في السعودية، كما قال رئيس قطاع الأخبار بالهيئة حينها، ريتشارد سامبروك، في البيان: “نشارك أسرة سيمون وفرانك آلامهم اليوم، نحن على اتصال بهم، ونقدم لهم كل ما بوسعنا من مساعدة”، وأوضح البيان أن الاثنين كانا قد انطلقا إلى المملكة العربية السعودية، في الأسبوع السابق لتعرضهما للهجوم، من أجل تغطية حادث الخُبر.
اعتذار السعودية
بعد الحادث مباشرة، تقدم السفير السعودي في بريطانيا آنذاك، الأمير تركي الفيصل، بأحر التعازي، في رسالة خطية، أرسلها إلى عائلة المصور، سيمون كامبرز، وإلى عائلة الصحفي، فرانك جاردنر، كما أشار إلى معرفته بـ “جاردنر”، الذي يحظى باحترام كبير، في الأوساط السعودية.
تحذير بريطاني
بعد واقعة الاعتداء الإرهابية تلك، حذرت وزارة الخارجية البريطانية رعاياها من السفر إلى المملكة العربية السعودية، إلا في حالات الضرورة القصوى، كما أعرب المسؤولون البريطانيون وقتها عن اعتقادهم بقيام الإرهابيين بالتخطيط لشن مزيد من الهجمات.
إعجاب وتضامن
وتعليقًا على الحادثة، عبَّر وزير الخارجية البريطاني حينها، “جاك سترو”، عن إعجابه بالمراسل المُصاب، وقدم تعازيه لعائلة المصور، الذي لقي مصرعه، كما أدان الاعتداء الذي واجهه الصحفييَّن، وعبر عن تضامنه مع “جاردنر” ومع وعائلته و أقاربه، موضحًا أنه يعتبره مراسلًا استثنائيًا، لأنه يسعى دائمًا للقيام بجهود إضافية، كما أكد كذلك على استمرار السلطات البريطانية في مساعدة السعودية لمكافحة الإرهاب.
إعدام القاتل
في يوم السبت، الموافق 2 يناير 2016، أعلنت الداخلية السعودية، تنفيذ حكم الإعدام بحق 47 من العناصر الإرهابية الخطرة، في 12 محافظة، من محافظات المملكة، وكان من بين المحكوم عليهم بالإعدام، عادل سعد جزاء الضبيطي، وهو المسلح الذي فتح النار على “كمبرز” وزميله، في 2004.
أصداء الإعدام
خلال حوار مع صحيفة “التليجراف” البريطانية، عام 2014، بعد إصدار حكم الإعدام على الضبيطي، قال مراسل “BBC”، إنه لن يسامح أبدًا الإرهابي الذي أصابه بهذه الإصابات البالغة، وقتل زميله، قائلًا: “إنه ليس نادمًا على الإطلاق، ولم يعتذر، فهو لا يزال بنفس العقلية، لذا فمسامحته ليست خيارًا على الإطلاق”.
كما رفض “جاردنر” حينها، عرضًا بمقابلة “الضبيطي”، موضحًا: “لا أريد أن أرى هذا الشخص، ولماذا أُقدم على هذا؟ ما النفع الذي سيعود علي؟ فروح هذا الرجل ميتة”.
مشاعر مختلطة
ومن جانبهما، قال كلًا من روبرت وبروناج، والدا المصور، سيمون كمبرز، تعليقًا على تنفيذ حكم الإعدام بحق “الضبيطي”: “لدينا مشاعر مختلطة.. فبينما يسُرنا أن الأمر قد حُسم، يغلبنا تعاطفنا مع والدي القاتل”.