في ذكري رحيله السابعة.. تقول زوجته لم يأتي القصاص بعد” أحمد محمود” (بروفايل)
قبل نحو سبع أعوام، في صباح يوم التاسع والعشرين من يناير 2011، قرر “أحمد محمود” الصحفي بجريدة التعاون، الذهاب إلى مكتبه بـ”دار اللطائف للنشر”بالعقار القريب من مبنى وزارة الداخلية، وفي تمام الثانية عشر والنصف ظهرًا، اتصل “محمود” بزوجته إيناس عبد الدايم، عبر وسيلة الاتصال الوحيدة المتاحة حينها، وهي التليفون الأرضي “قالي متنزليش الشغل الشوارع فيها سحل“.
من شرفة الطابق الأول، حيث مكتب دار النشر، التقط “محمود” هاتفه المحمول، ليصور ما يحدث بالشارع من أحداث العنف بين عناصر الأمن و المتظاهرين أمام مبنى الوزارة فنظر من نافذة مكتبه محاولًا التصوير بغرض التوثيق.
وما أن ضغط زر الالتقاط، حتى لمحه ضابط برتبة نقيب، كما قالت زوجته في تصريحات صحفية سابقة، وصوّب السلاح نحوه، في ذلك الوقت كان أحد الموظفين العاملين معه يفرون بالصعود إلى المكتب، رأي الصحفي راكعًا على ركبتيه بينما تسيل الدماء من رأسه، ليأخذه إلى المستشفى، في وضع غيبوبة دامت لمدة خمس أيام، وتوفي متأثرًا بإصابته، يوم 5 فبراير 2011.
أحمد محمود.. أول صحفي، يسقط في أحداث ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، تربى على يد جده الشيخ أحمد عيسى عاشور صاحب مجلة الاعتصام وأحد مؤسسي الجمعية الشرعية، تخرج من كلية التجارة بجانب اهتمامه بالصحافة، فضلًا عن أسرته التي يعمل كثير منها في مجال النشر، دفعه للالتحاق ببلاط صاحبة الجلالة، ليعمل بجريدة التعاون، قبل دمجها مع مؤسسة الأهرام، ليظل على قوتها، يكتب فيما يتعلق بالاقتصاد، يعمل على تحقيق حلمه بإنشاء دار نشر للكتب.
التقط “محمود” صورة لقاتله، ظلت في هاتفه المحمول، حتى تم استخراجها، لكنها لم تكن دليل كافٍ كما قالت النيابة لـزوجته، ورغم شهادة المتواجدين في محيط المكان من أصحاب محال بمواصفات الضابط، غير أن الحجة القاطعة كانت في الرصاصة التي قتل بها الصحفي، لكنها دُفنت معه، إذ رفضت أسرة “محمود” تشريح الجثة، من منطلق “أن هذا قضاء الله”، فضلًا أن زوجته لم تلتفت لهذا من هول الصدمة، وحينما أدركت، تيقنت أن ذلك لم يكن يحرك شيئًا”مطابقة الرصاصة والبحث عن السلاح المضروب به حاجة استحالة تتعمل”.
بعد رحيله، نظمت له جنازة رمزية خرجت من مقر نقابة الصحفيين متجهة إلي ميدان التحرير لتضم مئات من الكتاب والصحفيين وعلى رأسهم بعض أعضاء مجلس النقابة.
قالت زوجة الصحفي، في اتصال هاتفي لمؤسسة “المرصد المصري للصحافة والإعلام”، إن التحقيق لم يغلق في مقتل “أول ضحية للصحافة في الثورة” وأن القصاص لم يأتِ بعد، لكنها فقدت الأمل في محاسبة أحد “خلاص لما مبارك يطلع براءة، وحبيب العادلي يطلع براءة هيتهموا مين بقى؟”.
وكانت وفاء محمود، شقيقته، قالت: “إن نقابة الصحفيين تتخاذل ضد حقوق أعضائها، وحتى الآن لم يسترد صحفي حقه، وتأمل أن يتم الإفراج عن الصحفيين المعتقلين على خلفية عملهم الصحفي، وأن يتم القصاص العادل لمن فارقوا الحياة في سبيل مهنتهم”.
وتقدم رئيس نقابة الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد، ببلاغ للنائب العام، طالب فيه باتخاذ الاجراءات الكفيلة بالقصاص العادل ممن تسببوا في قتل أحد أعضاء النقابة أثناء قيامه بمهام عمله الصحفي، وباشرت نيابة جنوب القاهرة الكلية، برئاسة المستشار عبدالمجيد محمود، التحقيقات في واقعة قتله، وحتي الآن لم تتوصل التحقيقات للجاني.