15 يونيو.. عيد الصحافة العراقية (بروفايل)
في خضم الأحداث التى تشهدها بلاد الرافدين منذ زمن طويل وحتى اليوم، استطاعت الصحافة العراقية أن تؤدي دورًا محوريًا في صنع القرار وإحداث التغيير، فهي تراقب المشهد عن كثب، تسجل وترصد ما يطرأ على الساحة بعين فاحصة؛ فالصحفيون العراقيون هم جنود في ساحة قتال، يتبارون على الدوام في كشف الحقيقة، ومحاربة الفساد بكافة أشكاله، لا يتهاونون في الدفاع عن الحقوق، متسلحين بالشغف والحماس الذي يقودهم إلى فضح المسكوت عنه، مؤمنين إيمانًا كاملًا برسالتهم السامية ودورهم التنويري في خدمة مجتمعهم.
وقد لعبت الصحافة العراقية دورًا بطوليًا لا يستهان به في النهضة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي شهدها العراق خلال تاريخه، إذ أنها عكست أوضاع المجتمع وشكلت وعي أفراده.
وعلى مدار عقود ممتدة استشعرت السلطات الحاكمة في العراق منذ العهد العثماني وحتى ثورة الرابع عشر من يوليو عام 1958 وما بعدها، قوة الصحافة وتأثيرها الخطير على مصالحهم سواء داخل أو خارج البلاد، وعلى خلفية ذلك تعرض الصحفيون إلى وصلات من الاضطهاد والعنف وصلت إلى حد القتل و الاعتقال.
وفي عيد الصحافة العراقية الذي يوافق الخامس عشر من يونيو من كل عام ـ وهو نفس اليوم الذي شهد صدور العدد الأول من أقدم صحيفة عراقية وهي” الزوراء”ـ يتقدم المرصد المصري للصحافة والإعلام بتهنئة إلى الصحفيين العراقيين، متمنيًا لهم مزيدًا من الحرية والاستقلالية.
وبهذه المناسبة، يستعرض” المرصد” محطات من تاريخ الصحافة العراقية، على مدار قرن ونصف من الزمان.
العهد العثماني
منذ أن أحكم العثمانيون قبضتهم على العراق عام 1535، لم تشهد البلاد تطورًا ولو طفيفًا في تلك الفترة، بل ازداد الوضع سوءًا، وكانت النتيجة زيادة معدلات انتشار الفقر والجهل والمرض بين فئات الشعب العراقي، استمر الحال كذلك حتى النصف الثاني من القرن الثامن عشر.
وفي عام 1869 جاءت البُشرى، عندما أصدر الباب العالي في اسطنبول فرمانًا بتعيين مدحت باشا واليًا على بغداد، مع منحه صلاحيات إدارية واسعة لتنفيذ سلسلة من الإصلاحات في الولايات العراقية كجزء من حركة الإصلاحات التي سعت إليها الدولة العثمانية آنذاك.
وكان مدحت باشا في طليعة الولاة العثمانيين الذين أولوا أهمية كبيرة بشئوون الطباعة والصحافة، فقد أسس مطبعة حكومية في بغداد، وأصدر أول جريدة رسمية في الخامس عشر من يونيو عام 1869 اسمها ( الزوراء) ـ اسم من أسماء وأوصاف عدّة لمدينة بغداد ـ وكانت لسان حال الولاية، تنشر فيها الفرمانات و الأخبار والمقالات، وتصدر في أربع صفحات، وتحرر باللغتين العربية والتركية، استمرت في الصدور لما يقارب (48) عامًا، حتى بلغ مجموع إصدراتها (2607) عددًا، إلى أن صدر العدد الأخير منها في الحادي عشر من مارس عام 1917.
وخلال القرن التاسع عشر؛ صدرت جريدة (الموصل)، في مدينة الموصل، في الخامس والعشرين من يونيو عام 1885 ، لكنها توقفت أكثر من مرة عن الصدور إلى أن أعلن إغلاقها بشكل نهائي عام 1934، أما الجريدة الثالثة فكانت (البصرة)، والتي صدرت في ولاية البصرة، في الحادي والثلاثين من ديسمبر عام 1889.
وشهدت العراق بعد إعلان الدستور العثماني عام 1908 انتعاشًا غير مسبوق في الصحافة العراقية، حيث صدرت 25 صحيفة ومجلة منها 19 صحيفة ومجلة في بغداد، من أبرزها صحيفة( الرقيب)، لصاحبها عبد اللطيف ثنيان، والتى صدرت قبيل الحرب العالمية الأولى، في الثامن والعشرين من يناير عام 1909.
وكان لـ (الرقيب) تأثير كبير على الحياة السياسية في العراق، إذ انتهجت في مقالاتها المنشورة خط المعارضة ونقد الأوضاع في البلاد، مما عرض صاحبها إلى تهديدات صريحة بالاعتقال.
ومما يذكر أن الوالي ناظم باشا قد استشاط غضبًا مما تنشره الصحيفة، فأرسل لصاحبها رسالة تحذيرية، جاء فيها:” إذا كنت تقصد توجيه النقد لي، فإني أعفي عنك، ولكن إذا ما وجهت النقد للحكومة فسوف أكسر رقبتك”، ومع استمرار الجريدة في عملها، اضطر الوالي إلى إغلاقها، ولم يكتفي بذلك لكنه أصر على إقامة دعوى على صاحبها بتهمة اللواط.
كما صُدرت صحيفة (صدى بابل) لصاحبها داوود صليوا الموصلي في بغداد، حيث صدر العدد الاول لها في الثالث عشر من أغسطس عام 1909، وكانت مقالاتها تحث العراقيين على المطالبة بحقوقهم وإصلاح أوضاعهم
وفي الثالث من أكتوبر عام 1913، صدرت صحيفة (النهضة)، والتى سعى القائمون عليها إلى توحيد الصف العربي، والمطالبة بحقوق العرب في بلادهم المسلوبة.
هذا ولم يفت على صناع الصحافة خلال تلك الفترة أن ينشروا الوعي السياسي بين قراؤهم، حيث سجل التاريخ ظهور تجارب صحفية قوية كانت لها مواقفها الوطنية والقومية المشرفة، وسعت لمحاربة النعرات الطائفية، وأسهمت في إيقاظ العراقيين من غفوتهم وتحفيزهم على ممارسة حقوقهم كما يكفلها لهم الدستور، والمطالبة بإستقلال البلاد من الاحتلال العثماني، فظهرت عدد من الصحف والمجلات في كلًا من الموصل والبصرة، من بينها: صحف (نينونى)، والتي صدرت في الخامس عشر من يوليو عام 1909، و(النجاح)، الصادرة في الثاني عشر من نوفمبر عام1910، و(الدستور) في الثاني والعشرين من يناير عام 1922 ، و( لغة العرب)، والتي أصدرها الأب أنستاس ماري الكرملي عام 1911 ، و(النهضة) لصاحبها مزاحم الباجه جي، والتي صدرت عام 1913.
وكانت الصحافة في تلك الفترة أداة للتعبير عن الشعور القومي العربي، فعندما وقع الاعتداء الإيطالي على ليبيا في سبتمبر عام 1911، هبت جميع الصحف إلى نشر مقالات دعت فيها العراقيين إلى التطوع لمناصرة أشقاءهم، وجمع الاعانات للمجاهدين الليبيين.
الاحتلال البريطاني
استغل المحتلون قوة الصحافة وتأثيرها، ففي الفترة ما بين ( 1914- 1918)، أصدروا صحفًا داخل الولايات العراقية، كوسيلة للدعاية لحكمهم، يعبرون من خلالها عن سياستهم ووجهات نظرهم، والترويج على أنهم أصحاب عدل ورواد حرية، حيث نشروا فيها البرقيات التي كانت ترسلها وكالات الأنباء العالمية في تلك الفترة، والتى كانت تقتصر على وكالتين فقط هما:” رويترز” الانجليزية، و”هافاس” الفرنسية، وتمادوا في صحفهم إلى إلقاء اللوم على العثمانيين وتحميلهم مسؤولية تخلف العراق. ومن هذه الصحف كانت (صدى الحقيقة)، و( العرب)، و(الأوقات)، والتى لم تكن أيًا منها سترى النور لولا الجهود التى بذلها كلا من المس بيل المستشارة الشرقية البريطانية ببغداد، وجون فيلبي ـ عُرف فيما بعد باسم” الحاج عبد الله فيلبي”ـ والذي شغل فيما بعد منصب المستشار البريطاني في دائرة المعارف ووزارة الداخلية ببغداد .
وفي المقابل كانت هناك صحفًا أخرى تلقى تجاوبا من الناس كصحيفة ( الاستقلال) لصاحبها عبد الغفور البدري، التى صدر العدد الأول منها في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1920، وصحيفة (دجلة) لداوود السعدي، و(البديع) لداوود العجيل، والتي كانت جميعها معارضة للسياسة البريطانية في العراق.
الصحافة الحزبية
خلال مطلع العشرينات، شهدت الصحافة العراقية تحولًا جذريًا في شكلها ومحتواها، حيث ظهرت لأول مرة ” صحافة الأحزاب” ـ المعارضة ـ التي ملأت الشارع العراقي دويا، وعبأت فئات واسعة من الشعب نحو أهداف الحركة الوطنية، فكانت صحافة (الحزب الوطني)، و(الإخاء) من أشهر صحف تلك الفترة.
يُشار إلى أنه بعد فشل ثورة 1920، بدأ الشعب العراقي يستشعر حاجته إلى التنظيم وتوحيد الكلمة من أجل التعبير عن أهدافه وآماله الوطنية والقومية، فبعد تتويج فيصل ملكًا في الثالث والعشرين من أغسطس عام 1921، اشتدت المطالبة بنشوء الأحزاب، وصدرت الصحف التي أصبحت لسان حال هذه الأحزاب ، واتسمت صحافة هذه المرحلة بالجرأة، وقامت بدور مهم في تكوين ” رأي عام وطني” في العراق بما دأبت عليه من نشر مناقشات ومقالات نقدية للحكومة . وتأتي صحافة الحزب الوطني وصحافة حزب النهضة في طليعة الصحف التي أدت واجبها في تنشيط الفكرة الوطنية للوحدة العراقية، وقد لعبت صحف هذين الحزبين فيما بعد دورًا مشرفًا عندما قامتا بالنشرعن القضية الفلسطينية وكشف النوايا الصهيونية وانتقاد السياسة البريطانية في فلسطين، بعد قيام دولة إسرائيل المحتلة في عام 1948.
وفي ثلاثينات القرن الماضي، كانت لـ” صحافة الحزب الشيوعي”، والذي يعد من أبرز الأحزاب العراقية وأقدمها، تأثير كبير على كافة المستويات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، حيث صدر عنه صحف (كفاح الشعب) و(الشرارة) و(القاعدة)، وجميعها صحف سرية.
كما ظهرت في تلك الفترة صحف جادة، من أبرزها: صحيفتي( الأهالي)، و( العالم العربي)، واللتان لعبتا دورًا هامًا في الحياة السياسية بالعراق، حيث استطاعت ( الأهالي) خلال عام 1931 أن توحد مساعي شباب المثقفين وتدفعهم نحو العمل على تطوير المجتمع، أما ( العالم العربي)، والتي صدر عددها الأول في 27 من مارس عام 1934، فقـد عرفت بدعمها للقضايا الوطنية ونبذها للصراعات الطائفية.
وفي نهاية الأربعينيات، صُدر عن الأحزاب الكردية صحفًا من بينها: صحيفة (شورش) ـ معناها: الثورة .
وكان للحزب الديمقراطي الكردستاني ـ تأسس في أغسطس عام 1947ـ عدة صحف منها صحيفة (خه بات) أي النضال، وفي عام 1952 صدرت مجلة ( ياري كردستان).صدرت صحيفة ( لواء الاستقلال) الناطقة بلسان حزب الاستقلال بزعامة الشيخ محمد مهدي كبة، وصحيفة ( اللواء الجديد) لصاحبها فيصل حسون، وصحيفة ( النداء) لصاحبها نور الدين داوود، وصحيفة ( الجريدة) التي أصدرها فائق السامرائي أحد زعماء حزب الاستقلال، عام 1953.
أما حزب البعث، فأصدر في عام 1953 صحيفة ناطقة باسمه وهي (العربي الجديد)، قبل أن يتغير اسمها بعد ثلاثة أعداد إلى صحيفة (الاشتراكي)، والتى ساهمت في نشر أفكار الحزب وأهدافه، وعقب حركة 8 من فبراير عام 1963 أصدر نفس الحزب صحيفة ( الجماهير)، والتى رأس تحريرها طارق عزيز.
وكان لتأسيس جبهة الاتحاد الوطني في فبراير عام 1957 بالاشتراك بين حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال والحزب الشيوعي أثرها في نشر الوعي السياسي وتبصير الشعب بحقوقه ودعوته إلى النضال والتخلص من الحكم الملكي، وقد تحقق ذلك حينما أقدم الضباط الأحرار على تفجير ثورة الرابع عشر من يوليو عام 1958، وإسقاط النظام الملكي وتأسيس جمهورية العراق .
وقد شهدت الصحافة العراقية في هذه المرحلة تطورًا ملحوظًا في أسلوب التحرير، والإخراج، والطباعة، والخدمات التي تقدمها للقارئ خاصة في مجال الإعلان، وظهر فيها تنوعًا في مصادر الأخبار، والاتجاه إلى نشر المقالات المترجمة عن أشهر الصحف العالمية وسلاسل الكتب المترجمة، فضلًا عن استخدام الصورة، والمانشيت، والألوان.
العهد الجمهوري
عقب قيام ثورة الرابع عشر من يوليو عام 1958، بثلاثة أيام، صدرت صحيفة (الجمهورية)، في أربع صفحات فقط، نُشر في عددها الأول بيانات الثورة والتشكيل الوزاري ومجلس السيادة، لم تستمر الصحيفة سوى بضعة شهور قبل أن يصدر عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء وقتها، قرارا باغلاقها، في الخامس من نوفمبر عام 1958، مع اعتقال معظم العاملين فيها من قادة حزب البعث، لكن الصحيفة عاودت الصدور مرة أخرى في عام 1964، بعد أن تولى فيصل حسون رئاسة تحريرها.
وفي هذه الأثناء، نجح الصحفيون في إصدار قانون رقم 98 الخاص بشرعية العمل النقابي، وعقدوا مؤتمرهم الأول في السابع من سبتمبر عام 1959، لينتخب محمد مهدي الجواهري كـ” أول نقيب للصحفيين العراقيين”.
وقد صدرت في مطلع عام 1959 ، عدة صحف من أهمها: صحيفة (اتحاد الشعب) الناطقة بلسان الحزب الشيوعي العراقي، و( الثورة) لصاحبها يونس الطائي، و(الزمان) لصاحبها ومؤسسها توفيق السمعاني، و(الحرية) لصاحبها قاسم حمودي، و(الأخبار) لصاحبها الاخوين جوزيف وجبران ملكون، و(الشعب) لصاحبها يحيى قاسم، و(البلاد) لصاحبها فائق بطي نجل مؤسسها روفائيل بطي، و(الأحرار) لصاحباها عوني بكر صدقي.
وفي عام 1964 صدرت صحيفة ( صوت العرب) لصاحبها فوزي عبد الواحد، و( المنار) لصاحبها عبد العزيز بركات، و( صوت العمال)، وصحيفة ( الشعب) الموالية لتنظيم حزب البعث الموالي لسوريا، و (النصر)، التي رأس تحريرها عطا عبد الرحمن، و( العهد الجديد) لصاحبها حيدر فياض العاني، و(الزمان)، و( الحرية) لصاحبها قاسم حمودي.
وعقب صدور قرارات التأميم في نفس العام ، صُدر قرار بانشاء (المؤسسة العامة للصحافة)، والتي أسندت إدارتها إلى أحمد فوزي عبد الجبار.
وفي عام 1965، صدرت صحيفة (المتفرج) لصاحبها الفنان حميد المحل أحد أعضاء فرقة الزبانية للتمثيل، وفي العام التالي صدرت صحيفة (الفكاهة) لصاحبها حميد المحل.
ومما يذكر أنه في منتصف الستينات صدر قانون تقاعد الصحفيين، والذي ألزم الحكومة بتخصيص نسبة 50% من أجور وسائط النقل بالطائرات والعلاج وغيرها إلى فئة الصحفيين بشكل استثنائي.
الصحافة النسوية
كانت مجلة ( ليلى ) في طليعة المجلات النسوية التي ظهرت في العراق خلال فترة العشرينات، فعلى صفحاتها نشرت العديد من المقالات الداعمة للمرأة العراقية، وحقها في التعليم مثل الرجل.
ولاقت المجلة وقتها انتقادات لاذعة من جانب البعض ممن اعترضوا على ما ينشر فيها، فاتهموها بالسفور، وتحريض المرأة على خلع الحجاب، وهو ما حرصت المجلة على نفيه بشكل قاطع في عددها الثالت، إلى أن توقفت عن الصدور فجأة.
لم تكن تجربة ( ليلى) ملهمة بالقدر الكافي بين الأوساط الثقافية، فلم يجرأ أحد على إصدار مجلة نسوية أخرى إلا بعد مضي ثلاث عشر عاماً، حيث ظهرت مجلة ( المرأة الحديثة ) في عام 1936 ، فكان صدورها حدثاً بارزًا في تاريخ الصحافة العراقية النسوية، والسبب أنها دعت منذ عددها الأول إلى تحطيم قيود التقاليد البالية والعمل على إعادة المرأة إلى سالف عزها وعدم التفريق بينها وبين الرجل، وطالبت بتحديد سن معين للزواج.
كما اعتمدت المجلة على الأسلوب النقدي في مقالاتها، والكاريكاتير في معالجة الظواهر السلبية في المجتمع، مثل: إجبار الفتيات على الزواج ممن لا يرغبن، وارتفاع المهور، والعزوبية.
كما صدرت صحيفة نسوية، عرفت باسم ( فتـاة العـرب)، حيث كرست صفحاتها للدعوة إلى تعليم المرأة الريفية في وقت لم تكن فيه المتعلمات في المدينة نفسها إلا قلة قليلة.
الصحافة العمالية
شهدت العراق ظهور نوع جديد من الصحافة، عرف باسم “الصحافة العمالية”، والتى تناولت أوضاع العمال ومعاناتهم، ودفعتهم إلى المطالبة بحقوقهم، فكانت صحيفة (وعي العمال)، التي أصدرها المكتب الثقافي لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق في عام 1959، وكانت تطبع بالرونيو، من أبرز الصحف التى وقفت مع العمال في نضالهم ضد كل أشكال الاستغلال والانحراف المالي أو الاداري.
الصحافة الأدبية
عُرف في تاريخ الصحافة العراقية في أوائل عشرينات القرن الماضي ظهور صحفاً متخصصة بالأدب، فكان من أبرزها مجلة ( الزنبقة )، والتى تعد أول مجلة أدبية متخصصة، حيث صدر عددها الأول في نوفمبر عام 1922، واهتمت بنشر كل فنون الأدب من قصص وروايات وشعر ومسرحيات. وفي نفس العام، ظهرت صحيفة ( الناشئة الجديدة) التي أصدرها الأديب إبراهيم صالح شكر، لتؤكد على أهمية النقد.
كما أولت مجلة (المرشد)، والتي صدرت ببغداد، في كانون الأول عام 1925، اهتماما بالغا بالمباحث اللغوية والتاريخية.
وفي 17 من إبريل عام 1928، صدرت صحيفة ( صدى الكرخ) الأسبوعية، والتى مزجت بين الصحافة الأدبية والنزعة الوطنية في مقالاتها، حيث أشارت فيها إلى أن من واجبات الأديب الرئيسية العناية بقضايا وطنه ومشكلات أمته.
كما أولت مجلة (الوميـض)، التي صدرت في الثامن والعشرين من نوفمبر عام 1930، اهتماما بالأدب العربي وكذلك العالمي، وأفسحت للنقد الأدبي مجالاً واسعاً على صفحاتها، وكان إبراهيم صالح شكر من أبرز كتابها، حيث اشتهر بكتابة مقالا بعنوان” قلم وزير”، واستمرت المجلة في الصدور إلى أن ألغي امتيازها في السابع عشر من كانون الأول عام 1954.
وشهدت مدينة الموصل في الثلاثينات، ظهور نمط متميز من الصحافة الأدبية، ففي الأول من أكتوبر عام 1938 صدر العدد الأول من مجلة (المجلة)، وكان صاحب امتيازها يوسف الحاج اليـاس ورئيس تحريرها عبد الحق فاضل، جاء في ترويستها أنها ” مجلة أدبية ثقافية عامة “، وكانت نصف شهرية.
وقد اعتبر المؤرخون صدور هذه المجلة حدثًا بارزًا ليس في تاريخ الصحافة العراقية فحسب، وإنما في الفكر السياسي الأدبي العراقي.
وضع الصحافة العراقية
في عيدها الحادي والخمسين بعد المائة (151سنة)، تواجه الصحافة العراقية تحديات كبيرة تهدد أمن وسلامة العاملين فيها، فلا يزال العراق يحتفظ بموقعه المتقدم ضمن الدول الأكثر خطورة في مجال العمل الصحفي.
ووفقًا لتصنيف منظمة “مراسلون بلا حدود”، فإن العراق خلال عام 2020، حافظ على بقائه في البقعة السوداء المخصصة للدول الأكثر خطورة في مجال الصحافة وحرية التعبير عن الرأي، محتلا المركز 162 من بين 180 دولة على مستوى العالم.
ويذكر تقرير صادر عن المنظمة أن الصحفيين العراقيين يخاطرون بحياتهم عندما يغطون الاحتجاجات أو عندما يحققون بشأن قضايا الفساد، وفي ظل تعنت الشخصيات السياسية والدينية التي تعتبر نفسها مقدسة وغير قابلة للانتقاد، يتعرض الصحفيون للملاحقات ووسائل الإعلام لمنع النشر أو البث بتهمة “إهانة رموز وطنية أو دينية”.
وتضيف المنظمة في تقريرها” هذا وتمر اغتيالات الصحفيين دون أي عقاب، علماً بأن التحقيقات التي تُفتح بشأنها لا تؤدي إلى أية نتائج مجدية”.
وترى المنظمة أن الوضع أكثر خطورة مما يبدو، لأن الدولة في “موقف ضعف إلى حد يجعل من المستحيل تحديد ما إذا كانت المليشيات العديدة المتدخلة في الساحة العراقية تعمل لمصلحة الحكومة أم أن الوضع يخرج بالفعل عن سيطرة السلطات”.