محمد عبدالعليم: صاحبة الجلالة تحتضر

يشاركنا محمد عبد العليم الصحفي بجريدة الأسبوع ومعد البرامج، بتدوينة بمناسبة يوم الصحفي المصري.

  • نص التدوينة:

صاحبة الجلالة تحتضر .. من الصحافة الصفراء إلى اللايفات والسيو المضلل يا قلبي احزن واعتصر ألما

تنتابنى حالة من الحزن لما وصلت إليه صاحبة الجلالة تلك المهنة التى هى رسالة قبل أن تكون مهنة تحمل على عاتقها مسئولية وهى أن تكون لسان حال المواطن وعينه وعقله على الحدث وما يدور فى الشارع ذلك ما تعلمناه وانتهجناه منذ بداية ممارستنا العمل الصحفى منذ ما يقرب من ١٨ عاما فى الفرقة الأولى من مرحلة التعليم الجامعى .. فكانت الصحافة مهنة نبيلة ذات رسالة سامية عندما كنا نسعى للوصول إلى الخبر والحقائق وتدوينها على ورق الدشت وغيره وسباق الوقت لتوصيله إلى رئيس التحرير مبكرا حتى يتثنى لنا أن ننجح فى مهمتنا لوصولها للقارئ الذى كان شغوفا للإطلاع على الأخبار والمعلومات فى شتى المجالات سواء كان الخبر أو التحقيق مطبوعا أم إلكترونيا مع بداية انتشار الإنترنت . مع غزو الإنترنت تنافست الجرائد على انطلاق مواقعها وبواباتها الإلكترونية منافسة شريفة كانت فى مصلحة القارئ فى نقل المحتوى بأنواعه المختلفة لتصل المعلومة للقارئ وهو فى منزله قبل انتظار الأعداد الورقية بالأسواق، ولكن فى الآونة الأخيرة ومع غزو الإنترنت وتوغله داخل العقول وانتشار وسائل التواصل الإجتماعى وجنون التريند والسيو seo للأسف وقد أشعر بالقىء لما أشاهده أصبح اعتماد مؤسسات كثيرة وأحزن لكونها مؤسسات ومواقع كانت ذات قيمة على التريند أيا كان محتواه لسرعة جنى الأرباح وتحقيق التفاعلات والمشاهدات فأصبحنا نرى المنشور فى الرسائل شخصيات كرتونية وإسفاف فى المحتوى ينتشر كالسرطان بين العقول كحوارات مع أشخاص غير أسوياء يبحثون عن التريند نرى أشخاص يخرجون إلينا عبر منصات شهيرة يقدمون أنفسهم بملك جمال محافظة كذا وكذا والآخر يخرج إلينا بطريقة تقطيع البطيخ وآخر يبحث عن أى مشاهدات عبر التدخل فى حياة الأزواج وآخر يقلد أحد الممثلين بشكل غير لائق والبحث عن المحتوى التافه كطريق سريع لإثارة الجدل وتحقيق الأرباح بدلا من تحقيق الإثارة عبر نقل محتوى هادف أو مناقشة حل مشكلة ما أو مشكلة اجتماعية أو بيئية أو إنسانية . للأسف كنا قديما نحارب الصحافة الصفراء التى تروح إشاعات وأكاذيب أو استغلال تشابه أسماء بين شخص عادى مثلا تم إلقاء القبض عليه فى قضية مخدرات مثلا مع اسم فنان كبير واستغلال اسمه فى عنوان الخبر وما أدراك بالباحثين عن الفضائح .. أصبحنا نواجه خطر أكبر وهو غزو العقول والطريق إلى محركات البحث والسيو الخادع الذى أفسد أصالة المحتوى الصحفى وأفسد مبادئ وأسس رسخها رواد وأساتذة المهنة بحجج وهمية وهى مواكبة العصر والترند يا حسرتاه على الترند لسيو آخر يوهمك قبل النقر بتعرف على الحقيقة الكاملة لكذا وكذا وبمجرد النقر تكتشف أنه خادع ويستدرجك لموضوع آخر .. وأخيرا أناشد كل من يهمه الأمر أغيثونا من الإسفاف الذى وصل إليه المحتوى بمباركة الكثيرين حافظو على صاحبة الجلالة فهى تحتضر رويدا رويدا حافظو على ما تبقى من أسس ومبادئ أفسدها التريند واللايف الأعمى قبل أن تنقرض .

زر الذهاب إلى الأعلى