بيان موقف “اليوم العالمي لحرية الصحافة” 2022
يحتفل العالم في الثالث من مايو/أيار من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي انطلق من ويندهوك عاصمة ناميبيا 1991. وقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، هذا اليوم باعتباره يوما عالميًا لحرية الصحافة – بموجب قرار رسمي في العشرين من ديسمبر/كانون الأول عام 1993 – لتذكير الحكومات بالكف عن تقييد حرية الرأي التعبير وأيضًا للتذكير بالصحفيين الذين فقدوا حياتهم بسبب مهنتهم أو الصحفيين القابعين خلف القضبان بسبب مهنة الصحافة.
ويعد هذا العام 2022 هو العام الحادي والثلاثين على إعلان ويندهوك، وقد اختارت الأمم المتحدة موضوعًا لهذا العام تحت عنوان “الصحافة تحت الحصار الرقمي”، لتسليط الضوء على كيفية تأثير التطورات التكنولوجية في وسائل الرصد والمراقبة التكنولوجية على الصحافة وحرية التعبير والوصول إلى المعلومات وحماية البيانات والخصوصية.
وعلى الرغم من أن التكنولوجيا الرقمية حققت كثيرًا من المزايا كالانتشار الواسع والسريع للمعلومات عبر العالم، إلى جانب قلة التكاليف مقارنة بالصحافة الورقية، فإن التكنولوجيا الرقمية كان لها عدة سلبيات على الصحف والصحفيين منها؛ أنها ساهمت وبشكل واسع ومتسارع في تعدد أشكال الاعتداء على حقوق هذه المادة التي قد ينتهك البعض خصوصيتها وينسبها لنفسه من ناحية، أو ينتهك آخرون خصوصية مواقع الصحف وحسابات الصحفيين عن طريق الهاكر والوصول إلى معلومات عن الصحف والصحفيين وانتهاك خصوصيتهم، أو تنتهك جهات حكومية أو غير حكومية المواقع والمنصات الصحفية بحجبها، وكل ذلك إلى جانب عدم وجود شفافية أو اتاحة كاملة للبيانات أو بث معلومات غير حقيقية تمثل وجهة نظر واحدة.
وفي السياق المحلي المصري؛ استمرت السلطات المصرية في عملية حجب المواقع الالكترونية – التي تمثل تيارات لا تستسيغ الجهات التنفيذية خطابها أو تقوم بتهديد مصالحها، وذلك من أجل التضييق على مساحات حرية الرأي والتعبير، وإخفاء البيانات والمعلومات عن الجمهور وتزايدت عمليات الحجب، ففي 24 مايو من العام 2017، قامت جهات حكومية مصرية غير معلومة بحجب 21 موقعًا تقدم محتوى صحفي وإخباري، واستمرت هذه الجهات في إصدار قرارات الحجب خلال السنوات التي تلتها، حتى العام المنقضي، 2021، حين حجبت هذه الجهات؛ الموقع الإلكتروني الخاص بصحيفة (180 تحقيقات)، وكذلك موقع (ديسكلوز نيوز) الخاصة بالصحافة الاستقصائية. واستمرت عملية حجب المواقع حتى أصبح لدينا في منتصف عام 2021 تقريبا حوالي، 606 مواقع و32 رابطًا بديلًا قد تم حجبهم، من بينهم 118 موقعًا لوسائل صحفية وإعلامية، وخلال عام 2021 تم حجب إجمالي 10 مواقع.
وفي نفس السياق، تغيب الشفافية وحرية تداول المعلومات؛ وعلى الرغم من وجود نص دستوري؛ متمثل في المادة (68) التي تلزم الدولة بإصدار قانون حرية تداول المعلومات؛ فإن الدولة لم تقم بإصدار القانون حتى الآن. إلى جانب ذلك تعتمد الحكومة المصرية بث رواية واحدة للأحداث وتعاقب كل من يروي رواية مخالفة لرواية الحكومة والجهات التنفيذية؛ ففي سياق أزمة كوفيد-19على سبيل المثال، احكمت السلطات سيطرتها على تدفق المعلومات وحظرت الحكومة نشر أية أرقام عن أعداد الإصابات أو الوفيات غير تلك الصادرة عن وزارة الصحة.
من ناحية أخرى، أعلنت منظمة العفو الدولية في مارس 2019 الأربعاء أن عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر تعرضوا منذ بداية العام إلى “موجة هجمات إلكترونية”، وأشار البيان إلى أن هذه الهجمات الرقمية تبدو جزءًا من حملة مستمرة لترهيب واسكات الذين ينتقدون الحكومة المصرية.
كل هذه الأمور تمثل عائقًا أمام الصحافة والصحفيين في نقل المعلومات وحرية تداولها، وتمثل تهديًدًا آخر يُضاف إلى التهديدات والمخاوف التي يتعرض لها الصحفيون جراء عملهم، وعائقَا آخر أمام المعوقات التي يواجهونها.
في إطار ذلك فإن مؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام؛ إذ تؤكد على ضرورة الالتزام بحرية الصحافة والإعلام والالتزام بالمواثيق والقوانين الدولية وما يضمنه الدستور المصري من حريات، وإذ تشجب قرارات الحجب أو المصادرة أو ترهيب الصحافة والإعلام التي تعد اهدارًا للمعايير الدولية والمحلية لحرية الرأي والتعبير، فإن المؤسسة؛
تدعو الحكومة المصرية إلى ضرورة الالتزام بالدستور وإصدار قانون حرية تداول المعلومات. وتؤكد أن حرية تداول المعلومات حق لكل مواطن مصري.
كما تدين المؤسسة أي قرارات حجب لمواقع صحفية أو لصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، أو حجب الحكومة لأية معلومات، كما تدين قرارات الحكومة بحظر نشر أية روايات أو أرقام مخالفة للروايات الرسمية، وتؤكد أن التعددية والتنوع هي سمة الحياة والمجتمعات.
كما تدين المؤسسة بشدة أية عمليات قرصنة أو اختراق لمواقع صحفية عامة أو لصفحات أو أجهزة شخصية، وتؤكد أن ذلك يزيد من ضغوط ومخاوف الصحافة المستقلة التي كادت أن تندثر.
كما تؤكد المؤسسة أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات قانونية لمنع ومقاضاة المراقبة غير القانونية للصحفيين، من قبل جهات عامة وخاصة، بينما يجب تعزيز الحماية القانونية للصحفيين للحفاظ على سرية مصادرهم.
كما تؤكد المؤسسة على ضرورة أن تتخذ المنصات وخدمات الشرطة خطوات قوية لمنع وإزالة الهجمات الواقعة عبر الإنترنت ضد الصحفيين والحملات المنظمة للمضايقة والترهيب وانتهاكات الخصوصية.
وتؤكد المؤسسة على الصحفيين ضرورة تعزيز معايير الخصوصية فيما يتعلق بالتهديدات التي تهدد الحق في الخصوصية من خلال التقنيات والممارسات الرقمية مثل الاحتفاظ بالبيانات والذكاء الاصطناعي وبرامج التجسس والمراقبة التعسفية.
يثمن المرصد قرارات العفو الرئاسي الأخيرة التى شملت بعض الأشخاص وطالت بعض الصحفيين، ويدعو المرصد الجهات المعنية إلى أن يتبع هذه القرارات قرارات أخرى للإفراج عن جميع الصحفيين القابعين داخل مقرات الاحتجاز بسبب عملهم الصحفي.
وأخيرًا توصي المؤسسة منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الصحافة والإعلام إعطاء دورات تدريبية للصحفيين على الأمان الرقمي وكيفية تأمين حساباتهم وأجهزتهم الشخصية.