مؤمن الجندي.. رحلة بدأت من كتابة الخواطر إلى إعداد أجيال في الصحافة والإعلام

مؤمن الجندي.. رحلة بدأت من كتابة خواطر إلى إعداد أجيال في الصحافة والإعلام
من خواطر صغيرة على منتديات الإنترنت، إلى إدارة تحرير منصات كبرى وتدريب آلاف الشباب.. هكذا تشكّلت مسيرة الدكتور مؤمن عصام الجندي، الكاتب الصحفي والإعلامي المصري، الذي يملك سجلًا مهنيًا يمتد لأكثر من 18 عامًا، خاض فيها ميادين الصحافة والتلفزيون والإذاعة والتدريب الأكاديمي، جامعًا بين الحس الإنساني والاحتراف المهني.
بداية الرحلة:
مؤمن الجندي من مواليد محافظة الشرقية، تخرج في كلية الآداب قسم الفلسفة بجامعة الزقازيق عام 2012، وحصل على الدكتوراه في الإعلام عام 2019، ويشغل حاليًا منصب رئيس القسم الرياضي بجريدة الفجر، إلى جانب عمله كمدرب إعلامي في دولة الإمارات العربية المتحدة.
بداية مختلفة.. والصدفة كانت الباب
بدأت رحلة الجندي مع الصحافة بالصدفة، حين كان طالبًا في الثانوية العامة لا علاقة له بالعمل الإعلامي. اكتشف أصدقاؤه قدرته على تحليل مباريات كرة القدم والتعبير عن فنياتها بلغة متماسكة وأسلوب بليغ، فكتب أولى مقالاته تحت عنوان “نقاط فاصلة” على منتديات موقع “كووورة”، وهو ما شكّل انطلاقته الحقيقية، بعد تكرار الإشادات بمزجه بين البلاغة الأدبية والنقد الرياضي الموضوعي.
محطات مهنية ومسيرة مهنية استثنائية:
على مدار مسيرته، شغل الجندي مناصب إعلامية متنوعة في مؤسسات مرموقة. ففي عام 2013، اختارته إدارة “يورونيوز” الفرنسية مديرًا لتحرير “يوروسبورت” في القاهرة وهو بعمر 24 عامًا. التحق بجريدة “الفجر” عام 2012، وتدرج بها حتى تولّى رئاسة القسم الرياضي.
كما ظهر وشارك في عدة برامج ومحطات إذاعية مثل “راديو مصر”، “الشباب والرياضة”، و”أون سبورت إف إم”، وعدد من القنوات التلفزيونية في مصر والعالم العربي منها “الحياة”، “النهار”، “روتانا”، “Ten”، “MBC مصر”، “الجزيرة”، “أبوظبي”، “الظفرة”، و”التلفزيون الكويتي”.
من التدريب إلى التأثير.. مشروع إنساني وتحوّل مهني:
في ديسمبر 2015، وجد مؤمن الجندي نفسه دون عمل مجزٍ ماليًا، لكنه قرر أن يخوض طريقًا مختلفًا بإطلاق “مشروع إعلامي” لتدريب الصحفيين والإعلاميين الشباب مجانًا. هذا القرار كان نقطة تحوّل، إذ أدرك أن نقل المعرفة يشكل له مصدر سعادة لا يُضاهى. هذه التجربة دفعته لاحقًا للحصول على درجة الدكتوراه في الإعلام عن أطروحته المعنونة “دور الإعلام في بناء الفرد والمجتمعات في ضوء التنمية المستدامة”.
لاحقًا، تولّى الجندي مناصب أكاديمية منها: رئيس قسم الصحافة والإعلام في معهد 6 أكتوبر، رئيس تحرير مجلة المعهد، مدير المركز الإعلامي في نقابة الإعلاميين عام 2020، ومحاضر في مؤسسات مرموقة كالأكاديمية الأمريكية، مؤسسة الأهرام الصحفية، معهد الإذاعة والتلفزيون، الجامعة السويدية، الشبكة الأهلية للتعليم NEN، وعدة جامعات مصرية.
خبرة دولية ومشاركات عربية:
في عام 2019، رشحته رابطة النقاد الرياضيين للجنة الأولمبية الفلسطينية لتدريب أكثر من 20 إعلاميًا رياضيًا في فلسطين. كما ألقى محاضرات في كلية التربية الرياضية بجامعة الزقازيق، ومحاضرات في الإمارات، كان أبرزها دورة “إدارة الأزمات الإعلامية” بإمارة دبي عام 2022، والتي تلقى بعدها إشادة واسعة من المتدربين والمسؤولين، واستكمل من بعدها تدريب عدد من المتحدثين الرسميين في وزارات وهيئات إماراتية.
إنتاج فكري غني:
أصدر مؤمن الجندي خمسة مؤلفات تنوعت بين الرواية والكتب المتخصصة، وهي:
1. رواية دبي كنز العالم
2. كتاب كيف تصبح إعلاميًا في 50 دقيقة؟
3. رواية خطوط الزمن الملتوية
4. كتاب عندما تشتعل المواجهة
5. كتاب دليل الطوارئ الإعلامي
وشارك بهذه المؤلفات في معارض محلية ودولية كمعرض القاهرة الدولي للكتاب، معرض الشارقة، معرض العين، معرض أبوظبي، ومعرض فرانكفورت الدولي للكتاب.
مبادرات اجتماعية وأثر مجتمعي مباشر:
عام 2019، أطلق الجندي “منتدى الشباب” في مدينة فاقوس بالشرقية، تحت رعاية وزارة الشباب والرياضة. قام بزيارة أكثر من 20 مركز شباب، واستمع لمشاكل الشباب وعمل على حلها بحضور مسؤولين تنفيذيين، وسط إشادات مجتمعية كبيرة بالطريقة التي نُفّذت بها المبادرة.
دعم عائلي ورسالة إنسانية:
يرى الجندي أن أسرته كانت الداعم الأول له، ابتداءً من والده ووالدته، إلى زوجته وبناته. يروي دائمًا لطلابه كيف شككت والدته في جدوى عمله في الصحافة، لتبكي فرحًا بعد أول ظهور له على شاشة التلفاز. وهو لا يزال يحمل كلماتها كدافع خفي في مسيرته.
تكريمات وجوائز متعددة:
حصل الجندي على عدد من التكريمات والجوائز التي كللت جهوده المهنية، ومنها:
جائزة أفضل مذيع شاب – راديو مصر (2011)
جائزة أفضل موضوع صحفي – جريدة الفجر (2015)
جائزة أفضل مذيع – المؤتمر العالمي الثالث بمكتبة الإسكندرية (2019)
جائزة الإعلامي المؤثر – سبورتس فيستفال – مستشفى أهل مصر (2020)
تغطيات صحفية وأحداث تاريخية:
شارك الجندي في تغطية أهم البطولات والأحداث الرياضية في مصر والعالم، منها:
كأس الأمم الإفريقية (2008، 2010)
دوري أبطال إفريقيا (2012، 2013، 2021)
كأس العالم للأندية
كأس العالم (2018)
عدد من البطولات الخليجية والعربية
مواقف إنسانية مؤثرة وملفات شائكة:
يتذكر الجندي في حديثه مع المرصد العديد من الفعاليات والتغطيات التي أثرت فيه وتركت علامة في وجدانه، لكن يذكر منها:
انفراده بخبر تنبأ بمجزرة بورسعيد قبل وقوعها بيوم كامل.
لقاؤه المؤثر مع والدة اللاعب الراحل محمد عبد الوهاب.
تمسّكه بنشر حوار مع محمد صلاح رغم رفض رئيس التحرير وقتها.
تغطيته لملف خداع الناشئين واختبارات الأندية، ومطالبته بأدوار أكبر لمراكز الشباب.
رؤية نقدية للتحديات.. ومبدأ ثابت:
يرى الجندي أن “الواسطة والشلة” كانتا أبرز تحديين في مسيرته المهنية، مؤكدًا أنه لم يلجأ لأي علاقات شخصية للحصول على وظيفة، وبقي أمينًا لما يكتب ولمن يكتب لهم، رغم تغير الزمن من حوله.
صحفيًا، يعتبر نفسه تلميذًا في مدارس مختلفة، لكنه يفتخر بأنه استطاع في النهاية أن يكوّن “مدرسته الخاصة”. تأثر خارجيًا بالاحتكاك المباشر مع الناس، وداخليًا بعائلته: حكمة والدته، وضمير والده، وصبر أخته، وطموح زوجته، وتشجيع بناته.
الطموح لا يتوقف:
يحلم مؤمن الجندي بأن يظل منارة معرفية لكل من يسير على درب الصحافة والإعلام، وأن يقدّم برنامجًا اجتماعيًا يعكس هموم المصريين الحقيقيين بوجوههم الأصيلة.
وصيته للجيل الجديد: الصحافة ضمير.. لا ميكروفون
يختتم الجندي حديثه برسالة ملهمة للصحفيين والصحفيات الجدد:
“اكتبوا كما لو أن العالم سينهار إن لم تصل الحقيقة، لكن تذكّروا أن قلوب الناس لا تُفتح إلا بالمفتاح الصحيح. ابحثوا عن الدقة كما يبحث العطشان عن الماء، ولا تغريكم السرعة على حساب العمق. في زمن الضجيج، تصبح الكلمة الصادقة فعل مقاومة، والصمت عن الخطأ جريمة. كونوا شهودًا على اللحظة، لا مجرد ناقلين لها.. وازنوا بين حرارة الحدث وبرودة العقل، فالإثارة لا تصنع صحافة، ولكنها قد تقتل معناها..
ولا تنسوا أبدًا أنكم لا تكتبون فقط لتُقرأوا، بل لتُصدّقوا. الصحافة ضمير لا ميكروفون.. فكونوا صوتًا لا صدى”.